كتّاب

من مصطفى النحاس إلى مصطفى مدبولى:…


من مصطفى النحاس إلى مصطفى مدبولى:
أعرف أنه لا يجوز لى المقارنة بين الرجلين، فلا يجوز مقارنة مصطفى مدبولى وهو موظف ترقى فى وظيفته ليصبح وزيرا للاسكان فرئيسا للوزراء بتقارير تؤكد “انه متعاون وليس له ميول سياسية”، بمصطفى النحاس زعيم الوفد وزعيم الأمة، وواحد من بناة الدولة الحديثة، لولا أن آلمنى خوف رئيس وزراءنا من تهنئة الأقباط بعيد القيامة المجيد وهو صميم وظيفته ومكانه
أما مصطفى النحاس فهو قاض ومحام انخرط فى الحركة الوطنية منذ شبابه الباكر وانضم للحزب الوطنى، واختاره سعد زغلول ليكون ضمن الوفد المصرى الذى يتحدث باسم مصر فى مؤتمر الصلح، ونفى وأصبح رئيسا لحزب الوفد بعد موت سعد باشا 1927، وحاز لصدقه وشجاعته وعفته لقب زعيم الأمة عن جدارة، كان النحاس يؤدى الصلاة فى مكتبه بعد أن يغلقه عليه وفى نهاية الصلاة دخل مدير مكتبه يخبره عن استقبال ضيف مهم ولاحظ ان النحاس يسعى لإخفاء سجادة الصلاة تحت المقعد، فلما سأله لماذا تخفيها؟ أجاب النحاس: لأننى هنا رئيس وزراء لكل المصريين ولا علاقة لإيمانى بالأمر، وعندما قدم له احمد حسين برنامج حزب مصر الفتاة وعلى غلافه شعار الحزب:”الله – الوطن – الملك” شطب النحاس على لفظ الجلالة قائلا: انت تقدم أوراق حزب سياسي وليس لله “جل شأنه” دخل بالسياسة، ويقال أنه فى أواخر الثلثينيات وبعد توقيعة اتفاقية 1936 مع بريطانيا أثناء انتظاره القطار فى محطة بنى سويف أن هجم عليه شابا من الحزب الوطنى يسبه قائلا:بتتفاوض مع الانجليز المحتلين يا ابن الكلب وصفعه بالقلم، فأمسك النحاس بالشاب ولم يتركه إلا بعد أن حرر له محضرا فى قسم الشرطة، وفى سنة 1951 وكان النحاس رئيسا للوزراء فى آخر وزارة وفدية وبمناسبة زواج الملك فاروق فقد طلب الملك من النحاس قرضا مقداره خمسين ألف جنيه بضمان ممتلكاته، فاشترط النحاس موافقة البرلمان
ومع قدوم الملك فاروق بعد وفاة ابيه 1936، وبإيعاز من أحمد ماهر وبعض شيوخ الأزهر، دعى إلى تتويج الملك فاروق فى احتفال دينى بالجامع الأزهر، ولما رفض مجلس الوزراء برئاسة النحاس الأمر، قدم له كاستجواب فى مجلس النواب، يقول مقدم الاستجواب: لماذا يرفض النحاس تتويج الملك فاروق فى حفل دينى فى الأزهر؟ وخاصة وأن دستور الدولة ينص على أن الإسلام دين الدولة، وأن اغلبية الأمة من المسلمين، وأن مصر متصدرة لزعامة الأمم الأسلامية، وأن فى ذلك الحفل إحياء للدين الإسلامى وتقدير لرجاله
وجاء رد النحاس قاطعا يقول: تنص المادة خمسين من الدستور على”قبل أن يباشر الملك سلطته الدستورية يحلف اليمين أمام هيئة المجلسين مجتمعين”.. وهذا القسم أمام ممثلى الأمة فى البرلمان هو الإجراء الدستورى الوحيد الذى اشترط فى مباشرة الملك لسلطته الدستورية، فلا يجوز ان تشترط لهذا الغرض مراسيم أخرى دينية أو غير دينية، وماكان النص فى الدستور على ان دين الدولة الاسلام ليبيح تجاوز حدود الدستور باتخاذ اجراءات اخرى غير التى نص عليها، والإسلام لا يعرف سلطة روحية وليس بعد الرسل وساطة بين الله وبين عباده، ومكانة مصر بين الدول الاسلامية تستلزم أن ننزه الدين عن إقحامه فيما ليس من مسائل الدين
وأخيرا فإن مباشرة جلالة الملك لسلطته الدستورية هو مجال وطنى ينبغى أن يتبارى فيه سائر المصريين مسلمين وغير مسلمين”
هذا هو مصطفى النحاس الذى خرجت الناس فى جنازته 23 أغسطس 1965 تهتف:” لا زعيم إلا النحاس”
يسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى