كتّاب

مغالطات تاريخية (4-1):…


مغالطات تاريخية (4-1):
لم تبن الأهرام بالسخرة .. ومغالطات أخرى:
يعد الهرم الأكبر أكثر معجزات البشر سحرا وجاذبية، وتجاوز إعجازه طريقة بناءه إلى علاقته الفريدة بالكون ونجومه، إلى تكوينه من 2 مليون و300 ألف كتلة حجرية تزن الواحدة من كتل الأساس فيها 70 طن، وبناؤه وممراته، وحجراته، وماقد يكون مازال كامنا فيه ولم يكتشف بعد من فراغات وحجرات خفية وألغاز.
غير أن هناك مجالا آخر للإعجاز لم يلتفت له كثيرا من المهتمين وهو تنظيم عملية بناءه نفسها، فمنذ شهور فقط ذهبت مع أصدقائى لزيارة الأهرام، وشعرت بالامتنان العميق للشرطة لمجرد أنها استطاعت أن تنظم عملية دخول وخروج ألف أو ألفين من السياح والزوار يأتون بسياراتهم ليشاهدو الأهرامات ويلتقطوا الصور التذكارية ويتجولوا بإعجاب وود وقد يركب بعضهم حصانا او جملا ويعودوا إلى مركباتهم لينصرفوا فى سلام.. فما بالنا لو نتخيل كيف كان يمكن التنظيم والإنجاز فى زمن بناء الهرم منذ مايزيد على أربعة آلاف وخمسمائة سنة، لنحو عشرة آلاف رجل أو يزيد فى مختلف المهن – قطاعين احجار وعتالين ومهندسين وعمال وأسطوات ورؤساء عمال وملاحظى أنفار ورسامين ونجارين لصنع الزحافات والسقالات ورعاة ثيران وحيوانات الجر وفاتلى حبال وسلبات، هذا كله بالإضافة لعمال الوظائف المعاونة كالكتبة والمحاسبين ونساج كتان وخياطين وحدادين لصناعة الأزاميل والعتلات، والخبازين وعمال الأفران وجزارين وطهاه وسقايين وسفرجية لتقديم الطعام لهذه الآلاف المؤلفة من العمال فضلا عن الأطباء والحلاقين والمسعفين ومجبري الكسور – وكيف كان يمكن تنظيم هذه الآلاف ليناموا فى وقت واحد ويستيقظوا أيضا ويأخذوا أوقات الراحة والأكل معا جميعا أو على هيئة نوبتجيات، وكبف كان يمكن ضيط المتباطئين أو المتمارضين أو المتأخرين عفوا أو قصدا.
المهم أنه نظرا لكل هذا فقد أحاطت بالأهرام وبنائها مجموعة كبيرة من المغالطات التاريخية، فقد ترجم أنيس منصور عن الألمانية –دون أن يشير لذلك- أن بناة الأهرام من الذين هبطوا من السماء، أو الذين عادو إليها، أو أن براعة الفراعنة فى السحر قد جعلتهم يكتبون على الحجر تعاويذ سحرية تجعله يطير ليستقر فى مكانه من البناء، وهى أقوال سخيفة لم يساعد على انتشارها إلا تهافت دراسة تاريخ الفراعنة فى مدارسنا من ناحية ومن ناحية ثانية أن كتبه تلك قد وضعها بعد هزيمة يونيو 1967، حيث وجد فيها الشباب مهربا من واقعهم الأليم، وهى أقوال لا تستحق الرد عليها فلم يولها اى اهتمام واحد من المؤرخين الثقاة،
ومن تلك المغالطات الادعاء بأن اليهود هم الذين بنوا تلك الأهرامات – وهو ماصرح به مناحم بيجن وهو يجلس فى سفحها ويتأملها من شرفة فندق ميناهاوس، وهو ماعجز السادات الجالس إلى جواره عن الرد عليه، وأنا لا أعرف هل كان عجز السادات عن الرد لجهله بالحقائق التاريخية للبلد الذى يحكمه، أم لجبنه عن الرد على بيجن؟، والحقيقة أن اليهود لم يرد لهم ذكر فى التاريخ القديم إلا بعد أن مرت عقود كثيرة من القرن الأخير قبل مولد المسيح، أى بعد بناء الأهرام بنحو ألف وخمسمائة سنة.
تبقي المغالطة الأهم والتى لها بعض من الوجاهة، وهى أن تلك الأهرامات قد بنيت بالسخرة، وهو ماسيكون موضوع بوست الغد
….. يسعد أوقاتكم


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى