كتّاب

مروان الغفوري | عدن — المصاب الذي كان بالأمس يمشي في عدن ويخالط الناس


عدن

المصاب الذي كان بالأمس يمشي في عدن ويخالط الناس
ترك وراءه، خلال ال٢٤ ساعة ماضية، خمسة مصابين على الأقل.

وإذا كانوا ألفا فهم الآن خمسة آلاف.
سينقل ال٥ آلاف الفيروس ل٢٥ ألفا خلال الأيام القادمة. وستتفجر القنبلة البيولوجية هذه وتصيب حتى القطط والكلاب! لا توجد أدنى مبالغة في هذا السيناريو

على أن الأمر أسوأ من ذلك بكثير.

عدن، حرفيا، تنزلق إلى هاوية بلا قاع.

رغم هذا:
هناك حرب على أطرافها قررت السعودية والإمارات إشعالها.
حرب باردة بين الدولتين وساخنة بين اليمنيين.

من يأبه لموت الناس في عدن؟ لا أحد، ولا حتى أهل عدن أنفسهم، أعني بعضهم. حتى إن أشهر القادة الميليشويين نشر تسجيلا مصورا، وكان يسخر من "الجماعة اللي قالوا في كورونا". وكان من حوله في السيارة يشاركونه القهقهة.

المشافي لم تعد تستقبل أحدا. الحالات تعود إلى المنازل أيا كانت درجة خطورتها. ومن هناك إلى مقابر هرب منها حتى الحفارون، كما شاهدنا في تسجيل مروع.

في الليل أفتح الرسائل وأجري نقاشا حيويا مع أهالي بعض المصابين من عدن. يراسلونني بالأشعة والقصة المرضية، وكالعادة يقولون: رفضوا استقبال الحالة.

يعيش بعض الناس هناك في مستوى غير مسبوق من الهلع. آخرون يقهفهون قائلين إنها لعبة يحاول الإخوان المـ///ــلمون تمريرها للاستيلاء على المدينة. الحمقى يقتلون المساكين. يكفي أن تكون أحمق لتكون مجرما كامل الإجرام، وقاتلا لأهله.

وفي صنعاء، سفينة الحمقى الثانية، وصلت الفانتازيا حدودها البعيدة. فقد سرت أخبار تقول إن الحوثيين يقتلون المصابين. هذه القصة الجديدة ستدفع الناس لمزيد من التستر على مرضاهم حتى يموتوا في المنازل.

مناعة اليمني هشة للغاية. الموتى في عدن، بحسب ما ينشر، تحت الأربعين! قلت في السابق إن النسخة اليمنية من الوباء قد تغير كل ما نعرفه من أرقام عن الفيروس. حتى إذا أخذنا الإعلان الرسمي على محمل الجد فإن معدل الوفيات يقترب من ١٠ في المائة! أي يموت واحد من كل عشرة مصابين.

المنظومات المسلحة التي تحكم البلد غير معنية بوضع استراتيجيات، وفي ساعة الشدة ترتجل. أسوأ من ذلك إنها تواصل ضخ دعاية منازهة للحقيقة: لا يوجد وباء. هذه الدعاية تغوي قطاعا معتبرا من الناس وتسوقه إلى هلاكه. فما يحتاجه المرء هو اليقين بوجود المرض، ثم الانتباه الشخصي، وعليه التباعد والنظافة وغير ذلك مما نعرفه.

تتسابق الإمارات والسعودية على فرض الإرادة في مدينة الطاعون، في نواة الداء. الحرب ستجعل المدينة، عبر أكثر من آلية، عرضة للوباء أكثر من غيرها. سبق لدول وأنظمة أن أخفت أخبار الأوبئة ليتسنى لها خوض المزيد من الحرب. إلى أن انهارت الحرب نفسها، ونال الوباء من النظام نفسه. قد تدخل عدن في طريق مدن قديمة في التاريخ، طحنها الوباء وتوقف عندما لم يجد من أحد يقتله.

تلك المدينة بحاجة إلى كل شكل من أشكال العون، وإن كره الحمقى والسراسرة ..

ألف ـ///ــلامة عليك يا عدن

م.غ.

مروان الغفوري | كاتب يمني

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى