كتّاب

مروان الغفوري | تقول حكاية عربية أن رجلا جائعا حل ضيفا على بخيل. قدم الطعام

تقول حكاية عربية أن رجلا جائعا حل ضيفا على بخيل. قدم الطعام فقال البخيل للضيف:
وكيف كانت قصة النبي يوسف؟
فقال الضيف، وقد أدرك الحيلة:
ضاع، ثم وجدوه.

خطرت فكرة شبيهة ببال جون أتكينسون، مؤلف الكتب. فقرر اختصار الأعمال الكلاسيكية خدمة للمستعجلين.

وصلني كتاب أتكينسون بالبريد هذا الصباح:
الأدب العالمي للمستعجلين. Weltliteratur für Eilige

يلخص الكتاب ١٠١ عملا كلاسيكيا، مثل: موبي ديك، أنا كارينينا، هاملت، غاسبي الكبير، البحث عن الزمن الضائع، إلخ ..

تعرفت على الكتاب من خلال ندوة كنت أحضرها أونلاين في البرنامج الثقافي السويسري الرائع: Litraturclub أو النادي الأدبي ..

الصورة المرفقة تلخص عملين كلاسيكيين عظيمين.

١. مدام بوفاري، لغوستاف فلوبير، من روائع النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

التلخيص:
سيدة تمشي في البطال، ثم تقتل نفسها.

انتهت الرواية.

٢. الغريب، لالبير كامو، من روائع النصف الأول من القرن العشرين.

التلخيص:
ماتت الأم، مات الغريب، وعاشت الوجودية.

انتهت الرواية.

ثمة تكثيفات أخرى مذهلة.

مثلا "التحول" لكافكا:
رجل يصبح صرصارا، ولا بد أن لذلك معنى ما.

انتهى التلخيص.

رواية لوليتا، لنابوكوف:
رجل يقع في غرام طفلة. الطفلة ١٢، الرجل ٣٧.
انتهت الرواية.

وهكذا ..

الحقيقة أن ما قام به أتكينسون من تحويل الروائع إلى كبسولات هو أمر تدور حوله نقاشات واسعة في الزمن الراهن. فإذا حصلت على ملف به ٤٠٠٠ آلاف كتاب وقررت ان تقرأها فسيتطلب منك الأمر ٤٠ عاما، إذا كنت ستنجح في قراءة كتابين في الأسبوع.

ما العمل إذن مع الأعمال العظيمة، مع عوليس مثلا، وهي رواية تتجاوز المليون كلمة؟ هناك اشتغالات كثيرة، مثل محاولات "الأدب العالمي للناشئين"، ومثل ما قام به ناشر رواية "المحسنون ذوو السراويل المهترئة" عندما حذف ١٠٠ ألف كلمة من الرواية، حتى يكون بمقدور العمال قراءتها. وبالفعل صارت ملحمة العمال في بقاع كثيرة من العالم في النصف الأول من القرن العشرين. إلى أن أدرك الناشرون قيمة العمل فأعيدت طباعته في خمسينات القرن الماضي وقد أدرجت ال 100 ألف كلمة إلى النص من جديد، ولكن العمال توقفوا عن قراءتها بعد ذلك.

بالطبع فإن تحويل الرواية إلى قصة، وتكثيفها في حدوته، يقضي عليعا كعمل فني "عامر بالأجواء"، كما يتخيلها باموق..

يلخص أتكنسون رواية عوليس، لجيمس جويس، ببضعة كلمات:
دبلن، هذا، ذاك، هو، هي، أولئك، وجمل أخرى لا تنتهي.

انتهت الرواية

لكن التلخيص الأكثر إثارة فجاء للكتابين الشهيرين:
الإلياذة والأوديسة.

الأوديسة:
محارب يعود إلى وطنه، تطول الرحلة فيقوم بقتل الجميع.

الإلياذة:
حاجة غير الأوديسة.

نهاركم سعيد..

م.غ.


مروان الغفوري | كاتب يمني

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى