كتّابمفكرون

“ما ذنب 25 يناير”…


“ما ذنب 25 يناير”

فشلت المفاوضات الأخيرة مع إثيوبيا، والتي كانت تهدف لوضع أسس لمفاوضات أخري كنّا نأمل أن تجري لوضع الأسس الفنية والقانونية لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

وأعلن الرئيس أن كل الخيارات أصبحت متاحة، مع التأكيد علي أن لا أحد بعيد عن مقدرتنا، إذن نحن بصدد التحول من مرحلة النزاع الي مرحلة الصراع الذي لا سقف له.

وهي مرحلة تستدعي تكاتفا تاما مع القيادة السياسية ودعم متخذي القرار، لأن الأمر صار يمس حياتنا، وهو أمر تختفي لأجله كل الخلافات والإختلافات.

ومن ثمّ فإن الهجوم علي ثورة يناير واعتبارها السبب الرئيسي في الوصول الي هذا الحد من الصراع مع إثيوبيا لم يكن له محلا، وهو ما يستدعي – في المقابل – تعقيبا يرفع الظلم غير المبرر عن هذه الثورة العظيمة.

وضع ملس زيناوي حجر الأساس للسد الأثيوبي في 2 إبريل 2011، وقد سبقها عمليات مسح للنيل الأزرق وتحديد موقع السد، تمت بواسطة مكتب الولايات المتحدة للاستصلاح (أحد إدارات الخارجية الأمريكية) استمرت سنوات طويلة، الي أن تم الإنتهاء من تصميم السد في نوفمبر 2010، وبدأ البناء الفعلي للسد بواسطة شركة ساليني الإيطالية واستمر البناء الي أن وصلنا الي مارس 2015.

حتي هذه اللحظة كان بناء السد الإثيوبي يعد عملا غير مشروع ويتنافي مع كافة المعاهدات والإتفاقات الدولية والإقليمية المنظمة للأنهار والرافضة لأي أعمال تجري عليها دون موافقة دول المصب.

الي أن صدرت وثيقة سد النهضة في 23 مارس 2015، وهي اتفاقية إعلان مبادئ بين مصر وإثيوپيا والسودان حول مشروع سد النهضة، تم التوقيع عليها في الخرطوم في قمة ثلاثية ضمت رؤساء الدول الثلاث وبحضور ممثل البنك الدولي.

هذه الوثيقة كانت بمثابة إعلان مشروعية لبناء السد بعد أن وافقت عليه دول المصب، وأهدى إلى إثيوبيا اعترافا مطلقا بحقها في إنشاء السد وملئه وتشغيله، ومن ثمّ تلقي التمويل والقروض وجمع التبرعات، وفرصة واسعة للتلاعب السياسي والدبلوماسي والفني والمماطلة لتعطيل التفاوض علي القضايا الفنية والقانونية الخاصة بالملء والتشغيل وآلية فض المنازعات.

سعت القيادة المصريه الي هذا الإتفاق بحسن نية لم تكن في محلها بتصوّر خاص أنه سيضمن حق الشعب المصري في الحياة، فإذ به ينقلب لصالح إثيوبيا، التي تتمكن حتى اليوم من استخدامه بصورة مربحة لها.

من المؤكد أن الموقف القانوني والسياسي للصراع في حالة عدم شرعية السد بأكمله، هو أقوي كثيرا من الصراع علي إمتناع إثيوبيا عن عقد اتفاقات لم تبحث قبل الإعتراف بالسد، ومن ثم فإن ثورة يناير لم تكن هي سبب التعنت الإثيوبي، وإنما وثيقة سد النهضة هي التي أتاحت للنظام الإثيوبي هذه الفرصة.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى