كتّاب

مافيا التنمر…


مافيا التنمر
#سحر_الجعارة
#جريدة_الوطن
من اغتال فرحة شابة تلتقط صورة تذكارية يوم تخرجها «طبيبة» فى جامعة عين شمس؟ مَن سرق ابتسامتها وبريق عينيها ووصمها بالعار والفجور لأنها وقفت إلى جوار صف من الكتب بطول قامتها «دون حجاب»؟!!.
مَن حوّل الدكتورة «نورهان كشك» إلى حالة بدلاً من أن تباشر دورها الذى أفنت شبابها للوصول إليه، وتكون سبباً فى شفاء الناس.. مَن خلف أولئك الذين تجرأ بعضهم من عديمى الضمير والأخلاق، وشتمها ولعنها، على منصة تويتر، ومارسوا أبشع أنواع التنمر والإرهاب الإلكترونى.. والسبب «جيب» طويلة حشمة!.
إنه من قال إن خروج المرأة إلى صلاة العيد بدون حجاب يجعلها «عاصية».. وحكم على غير المحجبات بأمر إلهى لا يعلمه إلا الخالق.. إنه من قال للمرأة «إلبسى قفّة».. فنحن أمام حالة مجتمعية معكوسة، فبدلاً من أن يكون الداعية دوره نشر التسامح والخير.
قرر أن يقسم النساء إلى قسمين «محجبات آمنات».. و«غير محجبات» إن لم ترتد إحداهن «القفة» فيمكن قتلها (نسى أن هذا البلد فيه «تعددية دينية»).. هل تتخيل حال المسيحيات فى مصر الآن وكم الإرهاب الذى تعرّضن له.. هناك عدد كبير من الدعاة مطلوقين على النساء عبر يوتيوب والسوشيال ميديا حاولوا جرّنا إلى أرضية دينية، واستعداء جمهور المشاهدين على النساء باستخدام «الحجاب» باستخدام تهمة أخرى «التكفير».
وحاولوا النيل من كل امرأة عارضته باللعب بالحجاب دون أى خجل فقط ليُظهرنا أمام المجتمع «علمانيات كافرات» وهى لعبة قديمة وسخيفة ومكشوفة.
وحين تراجع «مبروك» على سبيل المثال وسجل فيديو آخر كرر ما قاله بالنص ليرهبنا بالحجاب.. وهو قضية خلافية بين العلماء، وقد حسمها شيخ الأزهر بقوله إن تركه لا يُخرج من الملة.. «مبروك» ليس وحده، إنهم كُثر بعضهم ينتمى للمؤسسة الدينية!.
نعم، الحجاب ليس الركن السادس فى الإسلام وهناك آراء عديدة تقول إنه ليس سنة ولا فرضاً.. كل ما قاله شيخ الأزهر إن تركه «معصية».. لكن فرض الحجاب على طريقة طالبان أو شادور إيران.. ليس قمة العبث فحسب، بل هو تهديد حقيقى للسلم العام.
الحجاب فى مصر هو عنوان الجدل والتكفير ومحور نجومية رجال الدين.. أما فى إيران فالوضع مختلف تماماً، هو عنوان «الثورة على الملالى» وإسقاط ولاية الفقيه وفصل الدين عن الدولة.. إنه عنوان مرحلة أطاحت فيها المرأة الإيرانية بحكم العمائم وأسقطت عنهم «ورقة التوت» لينحنى الطاووس أمام الانتفاضة الشعبية.. هل تريدون لمصر أن تصل إلى هذا المصير المرعب؟.. أم تريدون فرض الشادور الإيرانى علينا لنصبح نسخة من «طالبان»؟!.
«نورهان» وحدها دفع ثمن غفلتنا فى مواجهة «الإسلام السياسى» الذى يستكمل مشروع الإخوان.. هل الحجاب يستحق كل هذا الدم ليبقى أو يرحل من على رءوس النساء كما حدث فى إيران؟
فى فيديو شهير للقيادى الإخوانى «عصام العريان» يفخر بأن الإخوان هم من أدخلوا الحجاب إلى مصر – نهاية السبعينات – هل تحتاج إلى أدلة أكثر من هذا لتدرك أن الحجاب «رمز سياسى» يميز الحكم الدينى عن الحكم المدنى.. تماماً كما كان يميز بين الأمَة والحرة فى عصر النبوة؟.
علقت الطبيبة «نورهان» على منتقدى صورتها إلى جانب كتب السنوات الدراسية السابقة لها فى كلية الطب، قائلة: «فيه كمية بنات داخلة شتمانى بسبب الصورة غير طبيعى، حرفياً فى بنت داخلة قايلالى يا رب أشوفك محروقة وسط الكتب، طبعاً كلنا عارفين هى قالت كدة ليه وعلشان حسب بإيه لما شافت الصورة.. أنا مشفقة عليكى جداً والله».
هل نسينا ضحايا الابتزاز الإلكترونى «هايدى، بسنت وغيرهما»؟.. هل نسينا الاغتيال البشع لحياة «نيرة أشرف»؟.. لقد سبق أن تقدمت النائبة «أمل سلامة»، عضو لجنة حقوق الإنسان، إلى مجلس النواب بمشروع قانون لتعديل بعض أحكام القانون رقم 175 لسنة 2018، لتغليظ عقوبة التعدى على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى.
لأن ما نعانيه بالفعل «إرهاب إلكترونى» ومع تزايد معدل «الإرهاب الإلكترونى» كلنا عرضة لنفس الوقائع القاتلة.. الفرق «مجرد تفاصيل»، نحن بالفعل محاصرون بمافيا الإنترنت وإدمانهم التشهير بالحياة الشخصية.
أما أنت يا صغيرتى «نورهان»: ليس ذنبك أنك جميلة ولا تفوقك جريمة.. لكنك – بدون قصد- فجّرت كل عقدهم المكبوتة.. عقدة تفوق المرأة والعجز عن التحرش المادى فقرروا إرهابك والتنمر بك والتحرش اللفظى الإلكترونى.. كنت أتمنى أن تبلغى مباحث الإنترنت.. لأن البعض لا يعرف من الإنترنت إلا المواقع الإباحية ولا يستخدم الموبايل إلا لأغراض دنيئة.. هؤلاء إن لم يختشوا فلا بد أن يخافوا.. بقوة «دولة القانون».

https://m.elwatannews.com/news/details/6426328


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫10 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى