كتّاب

-ماذا لو كان قال قداسة البابا تواضروس مثل هذا الكلام الطائش…


-ماذا لو كان قال قداسة البابا تواضروس مثل هذا الكلام الطائش والغير موزون الذي تفوه به فضيلة الإمام الأكبر؟!

– ماذا لو كان قال قداسته: ” أن انتصارات أكتوبر أعز الله بها المسيحيـين والمسيحية؟!” خاصةً أننا أقباط وأهل وأصل مصر وأصحاب هذا البلد الأصليـين، وأيضًا لأن له فضل بالنصر مواطن مصري مسيحي (اللواء باقي زكي يوسف) صاحب فكرة ضغط المياه لأحداث ثغرات في الساتر الترابي، وأيضًا لأن أستشهد من أبنائنا عدادًا كبيرًا من الجنود والأطباء الذين كانوا في خدمة الوطن وضحوا بأرواحهم فداءً لها، وكل ما ذكرته على الرغم من أنه حقائق مؤكدة ؛ لكن كان لا يقبله ولا يرضاه أحد ؛ لأن كان في الحرب أيضًا مواطنين مُسلمين لا يُمكن أن ننكر دورهم وفضلهم، فذكر وفصل وتفضيل مواطنين على بعضهم، هذا أمر رخيص وغير مقبول إطلاقًا.

– كانوا وقتها سيتهمون قداسة البابا بإتهامات لا تُحصى مثل: العنصرية والكراهية والإستنكار من دور المُسلمين واحتقارهم، وأنه يُريد إحداث فتنة طائفية، ومتآمر على البلد لتفريق وحدة وترابط عنصري الأمة، إلخ .. ؛ لكن شيخ الأزهر يقول ما يُريده مسموحًا له بأي شيء ولا يُحاسبه أحد، وهذا قمة الإزدواجية والإنفصام، فمن المفروض أن الذي لا تقبله على نفسك لا تقبله على غيرك، ولكن بكل أسف هذا المبادئ غائب عن وعي كثيرين من مُشعلي الفتنة ومُريدي الدمار والخراب لهذا البلد الثابت والمُترابط الذي لم ولن يضعف أو يسقط مهما جرى له، فدائمًا يغلب الجميع الأصل الطيب والمعدن النظيف الذي في جوهره المحبة والسلام والتعايش، ولم ننجرف وراء مثل هذه السقاطات الفادحة، فحبنا لبعض أقوى من أي شيء ودائمًا يُبطل أي مؤامرة على الوطن، فلا تفلح مكائدهم وتدابيرهم الشريرة.

– على شيخ الأزهر أن يعتذر عما قاله لتفرقته بين الأشقاء المسيحيـين والمُسلمين، فهو أخطأ وكانت كلماته إهانة كبيرة بالنسبة لنا، كان عليه أن يقول: أن هذا الانتصار أعز الله به مصر وجميع المصريين، دون أن يفرق ويفضل بين المواطنين، فهو مع اعتذاري عن ما أقوله: هو جاهل بألف باء مواطنة واحترام للآخر، ذكِر فضيلته بأن الله أعز المسلمين وأوقف كلامه، هذه إهانة كبرى وتشويه لصورة الله الحقيقية، فجعل من الله إلهًا عنصريًا يُحب ويُفضل فئة ويُبغض الاخرى، وهل الله أعز المُسلمين وأذل المسيحيـين؟!
نُريد من فضيلته إيضاح لكلمته التي قالها فهي تحمل معانٍ كثيرة من المُمكن أن تُفهم بصورة خاطئة أقصد (صحيحة).

– من أعتاد الدعاء للمُسلمين فقط في صلاته ليس بجديد عليه العنصرية والتفرقة والتميـيز حتى في الأعمال البطولية والوطنية التي كانت تستهدف وطن وليس دين، حولوها لإنتصار ديني بحت، والأتباع يُهللون دون فهم أو إدراك، حاربنا جميعًا من أجل بقاء مصر وليس بقاء الإسلام والمُسلمين، وأنتصرنا لكرامة وشرف وكبرياء مصر وليس للإسلام والمُسلمين، قمة الخسـه في عدم إعطاء الحقوق لأصحابها، وإنتصرنا بفضل الله أولًا ثم بفضل الروح الوطنية المُشتعلة التي كانت بين جنود مصر الأشقاء، ولم نتصر مثلًا بقراءة القرآن الكريم أو الإنجيل ؛ بل بفضل التكاتف والتلاحم والمُشاركة معًا، كان هدف العدو مصر وليس الإسلام بشيء.

– في كل مرة يحدث أي إضطهاد للمسيحيـين من قتل وحرق للكنائس إلخ..، كُنا نتصبر بأن دماءنا كانت فداءً لأرضٍ واحدة وإمتزجت معًا وروت أرض الوطن دون أن نعرف أن نفرق بين دماء محمد وبطرس، حتى هذه تُريدون إنكارها، وطنية الأقباط معروفة عبر التاريخ ولا نحتاج لشهادة مثل شهادة شيخ الأزهر منبع التطرف والإخوان والسلفيـين.

– كانت كلمة مُهينة لا تصح أن تصدر من مكان شخص مسؤول مثل شيخ الأزهر وكبير أئمة المُسلمين، تصرف طائش غير مدروس، غالبه تعصبه الديني فلم يقدر أن يكتم بداخله ما يبطن بداخله، وتصرف لا يليق أبدًا بالجمهورية الجديدة ولا بمصر دولة المواطنة، ولا يليق بحق الشهداء المسيحيـين الذي لم يذكرهم فضيلته بكلمة، ولكن هذا ليس بجديد علينا، فأعتادنا أن نرى أكثر من ذلك ونصمت لكي يتكلم الله.

– شيخ الأزهر يقول ما يُعجبه، وقداسة البابا يقول أيضًا ما يعجبه، بإعتبار كلًا منهم مُمثلًا عن المُسلمين والمسيحيـين، وأهلًا بالحكم الديني والدولة الدينية في مصر، ونلغي المواطنة تمامًا من مصر، إرضاءًا لفضيلة الإمام حتى يكون مُستريح، فـفضيلة الإمام يريد طالبان جديدة في مصر.

– أخيرًا، قداسة البابا من المُستحيل أن يفعل مثل هذه التصرفات الطفولية، لأنه حكيم وواعٍ ووطني أصيل يخاف على بلده ووطنه، عكس تمامًا الإمام الأكبر أحمد الطيب، وقداسة البابا مثال لرجل الدين الوطني الذي تهمه مصلحة الوطن فوق كل إعتبار عنده، ويحسب كلمته جيدًا قبل أن يقولها، ومُدركًا لمنصبه ومسؤوليته وتأثيره على أبناء الكنيسة، ومواقف قداسة البابا الوطنية مشهود له من الجميع، فلم يجرح أحد من أخوتنا المُسلمين في مرة بكلمة أو بفعل، وعلاقته بالأزهر وفضيلة الإمام طيبة جدًا، ولكن لا نعرف ماذا حدث، وسبحان مغير الأحوال..

حفظ الله مصر وشعبها من كل شر ومن كل فتنة.
#أبانوب_فوزي


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Abanoub Fawzy ابانوب فوزي

شاعر ـ كاتب قبطي

‫4 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى