كتّاب

لن أنسى…


لن أنسى
ـــــ
فبراير، 2016
_______

لن أنسى حشود الحوثيين وهي تحاصر العاصمة، حشود الحوثيين وهي تجتاح العاصمة من الأطراف، ثم حشود الحوثيين وهي تطمس كل شيء، من أهداف الثورة حتى عيدها.. لن أنسى منظر ١٨ جندياً قتلهم الحوثيون بدم بارد في شملان، وخطابات عبد الملك: لا سقف لتحركاتنا.
ولن أنسى رجال الحوثي وهم يرفضون أداء النشيد الوطني مع باقي الطلبة، هنا في ألمانيا، قائلين: إنه نشيد سياسي لا يخصهم.

لن أنسى..
حشود الحوثيين وهي تخنق الإجماع الوطني في عمران، ولا كيف أزهقوا أرواح الجنود والضباط كما لو أنهم إنما كانوا يقتلون قوارض في غابة. لن أنسى كذبهم، عنفهم، مرواغاتهم، تهديداتهم. اجتياجهم للقرى والمدن، تفجير المنازل ودور القرآن. ابتكارهم لألف ذريعة عند كل حاجز، وسخريتهم منا ومن مخاوفنا، ثم كيف أمسكوا بخناقنا ولعنونا بجدنا السابع. لن أنسى حسين الحوثي وهو يصف تاريخ اليمنيين بالتاريخ الوثني الحقير..

لن أنسى احتفال الحوثيين بإزهاق أرواح مئات الضباط والجنود في عمران، اللواء ٣١٠.
٨٤ طلقة رصاص على جسد ضابط كهل قال لا للميلشيات لأنها لا تمثل أي قانون ولا تملك أي تفويض.

لن أنسى جثث اليمنيين الذين قتلهم الحوثيون لأتفه الأسباب، مثل بائع “الجلجل” الذي أزهقت روحه تحت شجرة لأنه لم يفعل شيئا!

لن أنسى فتاة من تعز وهي تزودني بتقرير طويل عن انتهاكات الحوثيين في منفذ “الدحي” في حق نساء تعز. لن أنسى رسالتها التوضيحية وهي تقول لي:
لاحظ يا دكتور إن الكشف الأول للنساء اللاتي تعرضن للتحرش في الجزء العلوي من أجسادهن، والكشف الثاني للنساء اللاتي تعرضن للتحرش في الجزء السفلي.

لن أنسى كيف غدر الحوثيون بالقبائل، بالساسة، بالجيش، بالمثقفين، باليهود، بالسلفيين، بالإصلاحيين، بالسجناء، بالفقراء، بعمال الحراج، وباللاجئين الأفارقة. لن أنسى كيف بصق عبد الملك الحوثي في وجه الجميع، وعندما آلت إليه الأمور فتح السماء والبحر للأسلحة الإيرانية. لن أنسى أصوات ضباط الجيش المهزومين وأنا أتحدث إليهم، ولا امرأة صرخت في ليل تعز وهي ترى بيت جارتها يحترق: الله يحرق قلبك يا عبد الملك.

لن أنسى ..
ليلة حاصر الحوثيون مبنى التلفزيون، واجتاحوا شمال صنعاء. لن أنسى منظر ٢٧٠ شاباً من شباب الجامعة وجدت جثثهم في المداخل الشمالية لصنعاء، حاولوا إيقاف الحوثيين لوحدهم..

لن أنسى الصور التي كان يزودني بها الراحل عبد الله قابل لحشود الحوثيين وهي تزحف في اتجاه تعز مزودة بناقلات الجند والمروحيات من الأعلى.
لن أنسى كيف أخذوا عبد الله قابل، صديقي، بعد ذلك إلى الجبل ووضعوه في مخازن الذخيرة ليتفتت جسده الطيب تحت قنابل الطائرات.

لن أنسى رسالة من طالب هندسة وهو يخبرني:
خرجنا لمقاومتهم، وعندما لم يبق سوى أنا وثلاثة من أصدقائي التجأنا إلى أحد معسكرات العاصمة وخبطنا على الباب، كنا نفكر بالنجاة، فرد علينا الجنود: لدينا تعليمات بعدم فتح الأبواب.

لن أنسى مبارك هزاع، الشاب الصبري العظيم، وهو يقول بتردد: أخاف على زوجتي وطفلتي من بعدي. يحتضن زوجته ويقرر المواجهة. مبارك هزاع الذي لا يجود الدهر بمثله إلا لماماً، بقيت زوجته وطفلته وحيدتين وسقط مبارك عند بوابة جامعة تعز. قال لأصحابه إنه سيحررها الليلة، لكنها بقيت تحت أقدام الحوثيين حتى الآن..

لن أنسى ابن ابن عمّي، حسين عارف ماجد الغفوري، وهو يحمل البندقية ويذهب مع مجموعته ليفك الحصار عن تعز من الجهة الغربية فيقتله الحوثيون. ولا أحزان والده المهزوم وهو يتسلم نتيجة الثانوية العامة لولده الشهيد: ٩١٪.

لن أنسى كيف قتل الحوثيون عرفات دماج، الشاب العشريني، ابن قريتي بالقرب من جامعة تعز.
ولا منظر رفاقه وقد صاروا مثل خراف في ليلة مطيرة. لن أنسى صوتي المخنوق والباكي والمهزوم والمفكك وأنا أقسم بالله العظيم أن عرفات دماج لم يقتل.
لا يلتقي المرء بأناس مثل عرفات دماج إلا نادراً.
قاد مجموعة شجاعة وكان أول من اقتحم حدائق الصالح عند الفجر، وغير اسمها.

لن أنسى كيف قتل الحوثيون ابن بنت عمّتي “تميم” وهو يحاول مع مجموعته فتح الطريق إلى تعز من الجهة الغربية.

لن أنسى صراخ امرأة تدعو على الحوثيين وهم يفجرون منزلها. ولا منظر ١٣ امرأة وطفل في حجة فجر الحوثيون دارهم وهم فيه.

لن أنسى كيف اختطف عبد الملك الحوثي محافظة صعدة وقطعها عن الجمهورية. ثم اختطف عمران وقطعها عن الجمهورية. ثم اختطف الجمهورية وقطعها عن ذاتها، وتحدث إلينا كإله.

لن أنسى كيف استغل عبد الملك الحوثي انشغال شباب الثورة بالثورة وذهب يجتاح الجوف.

لن أنسى عبد الملك الحوثي وهو يهددنا كل أسبوع، يصفنا بالإرهابيين والعملاء والطغاة ويحشد مزيداً من الميليشيا والجنود ويتوعدنا بالعقاب.

لن أنسى منظر علي البخيتي وهو يستعرض صور المرتزقة الذين يحتشدون على أبواب صنعاء، ويبشر بفتح العاصمة. لن أنسى الرائحة الميتة لرقصته تلك، ولا تعاليه الذي بلغ حد احتقارنا والبصق في خوفنا، ولا أيمانه الباسقة وهو يتوعد بفتح صنعاء غدا أو بعد غد وينصحنا بالاستسلام أو ملاقاة مصيرنا.

لن أنسى كيف هرب أصحابي، ولا كيف اختبأوا، لن أنسى منظر شقيقي وهو يحلف للحوثيين الذين راحوا يفتشون حافلة المسافرين إنه لا يعرفني، وأن المسألة لا تعدو كونها تشابه أسماء.

لن أنسى كيف دخل الحوثيون إلى منزل محمد قحطان، ولا كيف اقتحموا منزل توكل كرمان، ولا كيف نفذوا أسوأ العقوبات في خصوم علي عبد الله صالح.

لن أنسى الحزن العميق في كلمات عبد الرحمن برمان وهو يبلغني أن الحوثيين فجروا منزله.
ولا خوف ووجل نجل عادل القميري وهو يبلغني أن الحوثيين يحاصرون الدار وليس فيه سوى أمه، التي قررت أن تتحداهم.

لن أنسى الصورة التي وصلتني من منزل عمتي في صنعاء: للحوثيين وهم يفتشون دواليب الملابس وملايات السراير. عندما سألتهم عمتي ماذا تريدون قالوا إنهم يبحثون عن هادي.

لن أنسى كيف هرع أحمد، ابن قريتي، إلى مدينة تعز مع زوجته وهي تعاني آلام وضع متعسر، ليجده الحوثيون في الطريق فيخفونه لأسبوعين كاملين، ولم يعد يعرف ما جرى لزوجته ولا لطفله!

لن أنسى تلك الليلة السوداء، عندما بتّ كأني في الجحيم، ليلة السادس والعشرين من مارس ٢٠١٥. في تلك الليلة كان الحوثيون يحرقون أحياء عدن والضالع ولحج، ويجتاجون مثل جراد استوائي كل القرى والنجوع، وكان عبد الملك يخطب من خلفهم: لا حدود لقوتنا.

وعند منتصف الليل توقظني زوجتي وهي تبكي: قوم خليك معانا شوي.
أسألها بقلق: خير، إيش في؟
فترد علي وهي ترتجف: عشر دول تضرب صنعاء بالطائرات.
انتفظت لحظتها، وقفزت إلى أبعد سماء وأنا أصرخ:
الله أكبر،

حتى سمعتني روسيا البيضاء كلها.

لن أنسى كيف تحدث إلينا عبد الملك الحوثي ألف مرة كرهائن، وكيف تعاملت معنا سلالته كهنود حمر، ولا كيف خطب صالح بغرور وهمجية نادرين: المهرولين. قال عن الهاربين من الموت إنه مهرولون، وعن المنفيين بأنهم فارون. وبقي هو وعبد الملك الحوثي يمثلون اليمن الجديد، اليمن الذي لا خيار فيه سوى لأن تصبح عبداً أو مرتزقاً، أو أو الاثنين معاً. اليمن الذي لا يطمح المرء فيه سوى لأن يكون سائق شاحنة لدى رجل اسمه الشامي، أو حارس بستان لامرأة اسمها بنت المؤيد.

لن أنسى كيف قلتُ لأمي: من الآن سألتقيك في الأردن أو مصر، ثم ستعودين إلى اليمن وأعود إلى ألمانيا.

لن أنسى كيف أوصلتنا أقدامنا، مصطفى ناجي وأنا، إلى ميدان مفتوح في باريس بعد سقوط صنعاء بثلاثة أسابيع. هناك أوقفني مصطفى وقال: أتعلم، نحن نتحدث عن هزائمنا في ميدان اسمه “ميدان الانتصارات”. في اليوم التالي نشرت صورة لي مع مصطفى وذكرت هذه القصة، فذهب رجل اسمه المتوكل ينشر صورتنا ويعلق عليها: انتصر اليمن وانهزموا.
كان هو اليمن، وكنا نحن الأعداء المهزومين. وبينما ذهب هو يشرب نخب النصر بقينا نحن منذهلين لا نعرف ما الذي ينبغي علينا أن نفعله في المائة سنة القادمة.

لن أنسى معسكرات الحوثيين حول صنعاء، ولا جثة القشيبي، ولا ابن باحاج في شبوة وهو يعود إلى أمه بلوحة مكتوب عليها: المحافظ باحاج، وهي آخر ما بقي من والده، وما بقي لأمه من رائحة زوجها.

لن أنسى النار وهي تشتعل في البريقى، ولا أكثر من ٧٠٠ شاب قتلوا في انفجارات جبل حديد، ولا مدينة الضالع وقد صارت أرضاً محروقة، ولا جثث الفارين من التواهي وهي تطفوا على مياه المحيط الزرقاء، ولا طفلاً يصرخ بأعلى صوته في ليل تعز الغائم:
لا تقبروناااااااااااااش.

لن أنسى صياحنا واعتراضنا:
لا تجروا اليمن إلى كارثة، اتركوا السلاح، لا تفتحوا باب الجحيم..

لكن الحوثي راح يقوض كل شيء. لن أنسى كيف ركعت له اللجنة الرئاسية في صعدة، ولا كيف استقبلها من جهة وأمر خطيب جامع الهادي ليحرض عليها في قلب صعدة من جهة. لن أنسى كيف انقلب الحوثي على كل كلمة، على كل جملة، على كل اتفاق، على كل ابتسامة، على كل تلويحة، على كل خطرة.

لن أنسى كيف نظر إلى خوفنا وقلقنا بتعالٍ منقطع النظير، ثم تحدث إلينا كما لو أنه عثر على سوق للعبيد. لن أنسى كيف وضع عشيرته في كل الجهات والمستويات.

لن أنسى كيف كلف الحوثي رجلاً من جماعته في برلين فذهب الرجل واقتحم السفارة محروساً بأربعة “قبضايات” لبنانيين، وحدد خلال ساعتين جدول أعمال سفارة اليمن، وهو لا يعرفه أحد.

لن أنسى كيف قسمنا عبد الملك الحوثي إلى منتصرين ومهزومين.
ولا منظر العتاد العسكري وهو ينقله على شاحنات كبيرة في اتجاه الجبال وصعدة وعمران، قائلاً إنها غنيمة.

لن أنسى اليمن التي صارت في طرف عين: غنمية، ولا مشهداً لشعب كبير وقد آل بعد ليلة واحدة إلى سوق للمرتزقة والعبيد.

لن أنسى إصبع الرجل التي لم تكف عن الإشارة إلينا، ولا شفته الأرنبية اللعينة..

لن أنسى الليالي الطويلة التي ملأني بها كمداً وحزناً. لن أنسى الستارة السوداء التي أسدلها عبد الملك الحوثي على المستقبل، ولا الصخرة التي هبطت على صدري وحالت دون الأنفاس.

لن أنسى كيف عبث بكل شيء، كيف كتب الدستور معنا وفي لحظة التوقيع قال إنه دستور صهيوني. ولا كيف اشترك في كتابة كل توصية في الحوار الوطني وفي لحظة التوقيع حشد مزيداً من المسلحين والسلاح وحاصر مزيداً من القرى. لن أنسى كيف فقدنا الحيلة ونحن نستمع إليه، ولم يعد بمقدورنا التنبؤ بما يريد. كيف قبلنا يديه ورضينا بشروطه، لنجد صباح اليوم التالي شروطاً جديدة وقصصاً جديدة، وحشوداً جديدة.

لن أنسى عبد الملك الحوثي وهو يربي عشرات آلاف المسلحين لسنين طويلة على مبدئ وحيد:
الأعداء.

ولا منظر جنوده وهم يقتلون كل من يقف في طريقهم بلا ارتجاف، بلا تردد، بلا شك، ولا يطرف لهم جفن.

لن أنسى كيف عذب عبد الملك شباب الثورة ثم ألقاهم أنصاف الليالي
أنصاف جثث. لن أنسى جثة البشري، المتعبة والمهدمة، ولا ما فعل عبد الملك ببيته بعد ذلك.

لن أنسى حرائق عبد الملك الحوثي في البيضاء، لا أهلها المشردين ولا جرحاها الذين لم يجدوا سوى الله في الأعلى والشمس في الجبل..

لن أنسى ..
الذين استخدمهم الحوثي كواقيات، وعندما خلعهم أو خلعتهم نيران المعارك أصابتهم الحكة فراحوا يهرشون في كل الجهات بلا بصيرة..

لن أنسى
ولن أنسى
ولن، لن، لن أنسى..

إلخ

م. غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫41 تعليقات

  1. اليوم انت غير
    منشوراتك الليله تنشرب زي الميه حتى لو اناصايم ..✋️

    وختاما : لايستحق الدنبوع ان يكون رئيسا لهذا الوطن الذي عانى الكثير والكثير من الحوافيش ومازال في سباته العميق في اجنحته الفاخره…

  2. لن ننسى البلطجه والتهباش في تعز على المساكين ونهب بيوتهم وقتلهم بدم بادر لن مأساة بيت الحرق

    والا ع تعز متقدرش تكتب

    انت شاقي بالدفع المسبق مع علي محسن

  3. عنك مانسيت! ايش بيفيدنا نسيت او مانسيت! جالس بين النعيم والرفاهية واجا يقول لن انسى! اكبر خراط مثقف عرفته يوما هو انت!

  4. لن أنسى الان صوت الرصاص ودبابة والمدفعية في هذي الحظة في معركةقطع النفس اطرف مدينة قعطبة ضد عصابة الكهنوت العائدة لكي تلقى حتفها كم فعلا بها في السابق الله يستر الان انفجار مرعب

  5. و لن ننسى ايضا دعم الكُتّاب للحوثيين و الإنفصاليين بطريقة غير مباشرة خلال الفترة (٢٠٠٤ – ٢٠١٠)، حينما صورتم للناس ان الدولة تفتعل الأزمات و انه لا وجود خطر حقيقي منهم.

  6. و كيف ننسى و حرائقهم تشتعل في صدورنا و دخانها يحجب عنا سبل النجاة. كيف ننسى و قد حولوا أحلامنا إلى مخاوف و خططنا إلى توجسات. كيف ننسى و قد اغتالوا الطفولة في مآقي براعمنا و سكبوا الأسى في حناجرنا حتى ما عدنا قادرين على مواساة بعضنا.. لن أنسى أشخاصا عرفناهم قنصوا أمام منازلهم بدم بارد؛ أطفال و شيب و شبان، سيبقى ألم خسارتهم حسرة خالدة في قلوبنا تذكرنا إلى الأبد..
    #لن_ننسى

  7. والله أنك جمعت كل ما نريد في منشور واحد. أشياء كثيرة يا دوك عاد بالحديدة مستغلين قطع النت ويعبثوا بالبسطاء هناك لأنهم ما يتعاملوا معهم كبشر ع الإطلاق. لن ننسى من وقف معهم حتى ع مستوى كلمة واحدة كتبها لأجلهم حتى وإن أعتذر وظل يكتب لآخر عمره ضدهم لن ننسى ولن نغفر. كل شخص كتبته هنا هو يمثلنا بما يتعرض له.
    عني وعن الجميع نشكرك كثير، كثير لأنك ع الدوام تكتب بقلوبنا ما نريد وما لا نستطيع أن نكتبه فنقرأ في كل مرة قلوبنا ع صفحتك وكأنك جميعنا يا مروان. شكرا لأنك رغم ما وصلت إليه بقيت فينا ساكنا تشعر بما نمر به وتسمع من أقاصي الدنيا صرخة طفل في تهامة أو جبل بعيد، شكرا لأختنا سارة التي كان لها قضية فلسطين والآن صار لها قضية اليمن فباتت تبكي مرتين. عن كلمة، لن أنسى، وردت هنا في منشورك نقول لك شكرا ولن ننسى ما تكتبه لأجلنا يا مروان. محبات محبات ❤❤

  8. حضر مجنون إلى مجلس إمام المسجد وكان عنده ضيوف , فأحضر الإمام تمرًا, وطلب من المجنون أن يقسمه بين الحضور , فقال المجنون لإمام المسجد : أأقسمه كقسمةِ الناسِ أم كقسمةِ الله ؟!
    فقال له الإمام : اقسمه كقسمةِ الناسِ.
    فأخذ المجنون طبق التمر, وأعطى كل واحدٍ من الحضور ثلاث تمرات, ووضع بقية الطبق أمام الإمام.
    عندها قال الإمام: أقسمه كقسمة الله !
    فجمع المجنون التمر , وأعطى الأول تمرة, والثاني حفنة , والثالث لا شئ , والرابع ملأ حجره !
    فضحك الحاضرون طويلاً ..
    لقد أراد المجنون أن يقول لهم إن لله حكمة في كل شيء , وإن أجمل مافي الحياة التفاوت , لو أُعطي الناس كلهم المال لم يعد له قيمة …
    ولو أُعطي كلهم الصحة ما كان للصحة قيمة ..
    ولو أعطي كلهم العلم ما كان للعلم قيمة.. سرّ الحياة أن يُكمل الناس بعضهم , وأن لله حكمة لا ندركها بعقلنا القاصر , فحين يعطي الله المال له حكمة , وحين يمسكه له حكمة , وأنه ليس علينا أن نشتكي الله كما نشتكي موزع التمر إذا حرمنا !! لأن الله سبحانه وتعالى إذا أعطانا فقد أعطانا ماهو له , وإذا حرمنا فقد حرمنا مما ليس لنا أساساً !
    ولو نظرنا إلى الحياة لوجدناها غير متساوية , لهذا نعتقد أن فيها إجحافاً, ولكن هنالك مبدأ أسمى من المساواة , هو العدل , والله عادل , لهذا وزع بالعدل لا بالمساواة , لأن المساواة تحمل في طياتها إجحافًا أحيانًا, ومن أُعطي المال نحن لا نعرف ما الذي أُخذ منه في المقابل , ولنكن على يقين أن الله لو كشف لنا حُجب الغيب ما اخترنا لأنفسنا إلا ما اختاره سبحانه لنا , ولكننا ننظر إلى الدنيا كأنها كل شئ , وأنها المحطة الأخيرة لنيل النصيب والرزق , هناك آخرة , ستأتي لامحالة , وسنرى كيف تتحقق العدالة المطلقة , وأن العطاء الحقيقي هناك , والحرمان الحقيقي هناك.

    المال لم يكن يوماً معياراً لحب الله للعبد, فقد أعطى المال والملك لمن أبغضهم وأحبهم , ولكنه لم يعطِ الهداية إلا لمن أحبّ, ولو كان المال دليلاً على محبة الله للناس لما ملك النمرود الأرض من مشارقها إلى مغاربها , ولما مضت الأشهر ولا يوقد في بيت النبيّ ( صل الله عليه واله وسلم ) نار لطعام !!
    الأشياء التي لا تصلك وأنت تحتاجها بشدة ، هي أشياء قدر الله عز وجل لها التأجيل ؛ لتأتيك في وقتها المُناسب .

  9. سردية خالدة للتاريخ.. ونحن أيضا لن ننسى يا دكتور وسيأتي اليوم الذي ينال فيه عبد الملك وعصابته جزائهم العادل .. سلمت يمناك فلقد كتبت تاريخ أربع سنوات أو يزيد في مقاله

  10. لن ننسى كل ذلك وأكثر ..

    وكيف ننسى وقد صرنا في هذه الحياة مجرد أرقام في سجل الأحياء، تتناقص الأرقام في انتظار أن يصل الدور إلى الأرقام التي نحملها!

    كيف ننسى وأطفالنا الذين ولدوا بعد اقتحام الحوثي لصنعاء وإسقاطها صاروا اليوم يسألوننا: متى ستنتهي الحرب؟! كيف تبدو الحياة بلا حرب؟!!
    😔

  11. بطلت أروح اسمع خطبة الجمعة بالحارة وقلت با نصلي سوياً اتعبت النسيان واتعبتنا معك وأتعبت من ضروري ينسى هكذا جعلتها مشكلة أو ثأر شخصي على المستويات الثلاثة العائلية ، والحزبية ، والمهجرية المشاعيرية ، ثمة هنا من قدم تضحيات تنوء بحملها كل جبال اليمن وليس فقط قلبك وضميرك الصغيرين

  12. لن ننسى ابدآ

    لن ننسى طالما هناك عرق ينبض بجسدنا

    لن ننسى ماضي قتل وحاضر يقتل

    لن ننسى
    لن ننسى ضياع وطن بيد تتار العصر ٢١
    #لن ننسى

  13. ولماذا نسيت حميد الأحمر وهو يبارك لهم بتحرير صعده ولماذا نسيت صادق اخوه ايضا والاعتذار لهم
    وعمران عادت الى حضن الدوله ، هل تذكرها
    والان هل تقرأ ماذا تكتب توكل كرمان
    لماذا ذاكرتك ضعيفه عندما يتعلق الامر باشخاص وقويه عندما يتعلق الامر بآخرين .

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى