كتّابمفكرون

“لمحات من التاريخ السياسي للأزهر” 6…


“لمحات من التاريخ السياسي للأزهر” 6
الأزهر وثورة 25 يناير
————————————–
مع اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011, تلخص الموقف الأزهري في الدعوة لوجوب سلمية المظاهرات, مع تأكيد الثقة في القيادة الحكيمة للرئيس مبارك والقيادات الأمنية, كما كان موقف شيخ الأزهر معارضا للثورة, وقد حرّم العديد من علماء الأزهر ما أسموه (الخروج على الحاكم) وطالبوا شباب الثورة بالرجوع إلى منازلهم, غير أن أعدادا كبيرة من علماء وطلاب الأزهر شاركوا فيها حتى نجحت في إسقاط النظام.

رأي الأزهر أن هذه الفرصة ربما تكون الأفضل لفك قيود تحرره من قبضة النظام الذي ظل مهيمنًا عليه منذ 1952, ففي يونيو 2011 شارك الشيخ أحمد الطيب مع عدد من المثقفين والسياسين في أصدار ورقة من إحدى عشرة نقطة حول مستقبل مصر أطلق عليها (وثيقة الأزهر), والتي كانت تضع رؤية تلك المجموعة في خارطة الطريق والمبادئ التي يرون أنها سوف تعيد بناء مصر قوية, وضغطت الوثيقة أيضاً من أجل استقلال الأزهر عن سيطرة الدولة.

وفي يناير 2012 قام المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتعديل قانون اختيار شيخ الأزهر ليصبح بالانتخاب بدلا من تعيينه من قبل رئيس الجمهورية.

كما نجح الأزهر في اقناع الجمعية التأسيسية لوضع دستور 2012 ليحقق بعض الاستقلال السياسي فنص الدستور علي أن الأزهر هيئة إسلامية مستقلة قائمة بذاتها تختص وحدها بالقيام على كافة شئونها, مجالها الأمة الإسلامية والعالم كله, وتقوم على أمور الدين والدعوة ونشرها, ويكون رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر مرجعاً للدولة فى كافة الأمور المتعلقة بالشريعة طبقاً لمذاهب أهل السنة والجماعة.

وفي دستور 2014 نجح الأزهر في تحقيق المزيد من الاستقلال السياسي ودعم مركزه الديني, فنصت المادة الرابعة علي أن الأزهر هيئة إسلامية علمية مستقلة, يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه, وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية, ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم, وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه, وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل, وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء.

وهكذا نجح الأزهر في استغلال حالة الفراغ السياسي في أعقاب ثورة يناير, لإستعادة استقلاله السياسي الذي حرم منه بواسطة عبد الناصر, الا أنه لم يحقق استقلاله المالي.

ولما تولى الإخوان الحكم كان الأزهر مثله مثل بقية عناصر ومقومات الدولة يشعر بالقلق حيال حكم الإخوان المسلمين, حيث كان يرى فيهم مصدرا لتهديده, خاصة وأن الكثير من العاملين بالأزهر وأساتذته كانوا أعضاءا في الجماعة أو موالين لها ومتعاطفين معها.

كان هؤلاء الموالين ضيوفا دائمين علي القنوات الدينية ذات الاتجاه السلفي مثل “الناس” و”الرحمة”, والتي كانت تدعم حكم الأخوان, وكثيرا ما سببوا احراجا للأزهر ووسطيته, في ظل فوضي الإفتاءات الشائعة في هذا الوقت, ومثال ذلك فتوي الأستاذ في جامعة الأزهر محمود شعبان, الداعية إلى اغتيال قادة المعارضة في “جبهة الإنقاذ الوطني”.

وبالفعل حاول الأخوان السيطرة على الأزهر من خلال تعيين الموالين لهم فى المناصب المركزية والأساسية فى الأزهر, جامعا وجامعة, وبدأت رحلة الصراع مع شيخ الأزهر نفسه رغبة فى إزاحته, لكن مثقفين وحركات مدنية شكلت جبهات للدفاع عن الأزهر فى وجه الإخوان, حتى تم إسقاطهم عن الحكم قبل أن يتحقق لهم ما أرادوا.
وللحديث بقية ……
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى