كتّابمفكرون

لعبت الصدفة دورا كبيرا في نهايات القرن الثامن عشر وقت ضعف…


لعبت الصدفة دورا كبيرا في نهايات القرن الثامن عشر وقت ضعف الخلافة العثمانية وهروب المماليك، حين لم يبق في الدولة من يمكن أن يطلق عليهم رجال الدولة، ليبرز رجال الأزهر الفئة الوحيدة المنظمة الباقية في الدولة المتهالكة، خاصة مع قدوم الحملة الفرنسية، كقادة للنضال الوطني ضد الاحتلال مثل الشيخ عمر مكرم والشيخ الشرقاوي والشيخ السادات والشيخ القويسني وغيرهم، ولا ينكر منصف دور شيوخ الأزهر في قيادة الكفاح الشعبي خلال ثورتي القاهرة الأولي والثانية، وحتى رحيل القوات الفرنسية.

المأخذ الرئيسي علي رجال الأزهر في تلك الفترة هو أنه رغم انبهارهم بالتطور العلمي الذي ورد على أيدي الفرنسيين الا أنهم رفضوه ضمن الرفض العام للاحتلال، في حين سيأتي لاحقا وقت يكون شيوخ الأزهر هم من سيذهبون الي فرنسا لجلب العلوم الحديثة نتحدث عنه في حينه.

استمرأ الأزهريون لعبة السياسة وفرضوا ارادتهم علي السلطان العثماني وأجبروه على تعيين محمد علي واليا على مصر، حيث كانت هذه هي بداية النهاية للدور السياسي لرجال الأزهر.

لعبها محمد علي بذكاء شديد فلقد انفرد بالحكم بالتخلص من الشيخ عمر مكرم وبعض الشيوخ الآخرين ولكنه أبقي علي الأزهر مدعما له أولا من الناحية الدينية وقد أغدق عليهم الكثير بغية ذلك، وثانيا حين أوكل إليهم ارسال أولي البعثات الأجنبية للخارج لاستقدام العلوم الحديثة، (رفاعة الطهطاوي وزملاؤه).

تناوب أبناء وأحفاد محمد علي الحكم، ولم يكن للأزهر أي دور سياسي مستقل، سوي الدعاء للحكام في صلاة الجمعة وبعض المشاركات الضعيفة كما حدث أثناء ثورة 1919 مثلا.

القارئ لدور الأزهر جيدا يستطيع القول بأن رصد ممارسات الأزهر في مجملها يمكن إدراجها تحت الدور الوطني أكثر منها دورا سياسيا، حتى في عصر عبد الناصر ووصولا الي 3 يوليو 2013.

الخلاصة أننا عاصرنا وكبرنا على أن الأزهر له جامعا شهيرا له طابع خاص في وسط القاهرة وهو أحد بيوت العلم الديني لمن يريد، يخرج شيوخا يتولون الخطابة في بعض المساجد، قد تستشيرهم إذا بحثت عن طريقة سهلة لحل مسألة دينية ما، وهو بلا أي دور سياسي حقيقي.

ولكن المشاهد أنه منذ 2011 وبعد تنحي مبارك وانفلات الأمور فالأزهر يبحث لنفسه عن أدوارا أخري مثله مثل كل الفئات التي استغلت الفوضى لتحقيق مكاسب خاصة وفئوية.

فهو يغطي على فشله في مواجهة أحداث الإرهاب التي ضربت مصر منتصف السبعينات والعديد من أعضائه متورطين فيها، ويركز كل جهوده على فرض الوصاية الدينية علي الدولة مجتمعة إمّا بتجاهل المطالبات بالتصحيح الديني واتخاذ اجراءات حقيقية لمواجهة الفكر المتشدد أو بقهر المفكرين ودعاة التجديد وملاحقتهم بكل الطرق الممكنة سواء كان ذلك بالتسفيه أو باحتكار الرأي الديني أو بالملاحقة القضائية.

سعي الأزهر خلال الفترات الانتقالية لاكتساب مزايا تنظيمية ودستورية تجعله عصيا على المحاسبة ومحتكرا للدين رغم أن الفساد يضرب أركانه، ورغم الدور السلبي الذي يشكله في مواجهة الإرهاب الذي يقتل المصريين والذي قد يصل الي درجة الرعاية، ورغم ممارسات شيوخه المثيرة للفتنة والداعية للعنف والتطرف.

إن الحق والعدل يقتضي أن يحاكم الأزهر سياسيا ومجتمعيا وحتى قضائيا لدوره الهدّام في حياة المصريين.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى