كتّاب

كل ما في بلادي يموت…


كل ما في بلادي يموت
– الأساطير ترمي بأجسادها
من على شاهقٍ في خيال البلاد
وتسقط في الموت حتى الأبد.

– الأغاني تردُّ على نفسها بابها
وتعلّق في وترٍ مُرهَقٍ
حزن ألحانها وتموتُ
فلا الحب أغمض أعينها الشاخصات
ولا العاشقون
مشوا في جنازتها اليابسة.

– الرجال يشدّون أثوابهم بالوداع
ويمضون للحرب
يفدون أصنامهم بالحياة
وحين يعودون في ورقٍ زاهدٍ
يأكل القائد الفذ أطفالهم
ويُحلّي عساكرهُ
بالنساء اللواتي يلدن رجالاً
يشدون أثوابهم بالوداع
ويمضون ثانيةً للحروب.

– فرحة العيد تسقط أسنانها
قبل أنْ تغسل الشمس أجفانها الناعسات
وتخرج من كحل زوجاتنا
أو سواد الخضاب
لتلمع في بيتنا فرحة العيد
لكنها غافلتنا
وألقتْ بألوانها في ليالي الحداد
وسالتْ مواويلها من يدينا
كيف نقنع أطفالنا أنّنا ما بكينا
كيف نقنع أطفالنا بالبلاد
التي وزّعتْ فرحة العيد
بين كلاب البحار وبين ضباع الجبل.

كل ما في بلادي يموت..

– الشوارع حافيةٌ في بلادي
غيّر الليلُ أسماءها
وأصاب الزهايمر أطرافها
نسيتْ أهلها
كلما مرّ ذئبٌ
تناديهِ يا ولدي ما جرى
كيف صارت خطاك ظلاميّةً
وهتافك ياولدي أصفرا
والشوارع في وطني جثثٌ لا ترى
كل مافي بلادي يموتُ من القهر
حتى الشوارع.

– في بلادي رفيف الفراشة تقتلهُ طلقةٌ طائشة
كل ما في بلادي يموت ولكنّ أحزانها عائشة.

– المدينة مخنوقةٌ بالهواء ومطعونةٌ بالظلامْ
قتلتْها الحكومة بالجوع والله يقتلها بالزكامْ
المدينة موبوءةٌ باللئامْ

– الصغار تمص المجاعة أيامهم
ويموتون في أعين الأمهات
قليلا قليلاً
والكبار تقص الجماعة أقدامهم
فيموتونَ
لا الأمّهات تُسجّي خطايا جماعاتهم بالدعاء
ولا الله يغسل عار العبيد بغفرانهِ
والمجاعة أخت الجماعة
حتى بإيقاعها في شفاه الوجيعة.

كل ما في بلادي يموت..

– القصائد ماتتْ من الحزنِ والشعراءُ يغطّون أمواتهم بالدموعِ وفي كل قافيةٍ مقبرة
والحكومة في بلدي لا تجيد سوى الثرثرة

– كل ما في بلادي يموتُ وتبقى بلادي لخانقها أو لخازقها من وراء الحدود.

– لا نشيد البلاد رأى وجهه في مرايا البلادِ
ولا زوّجتْهُ الإذاعة من نفسها
والبلاد تربّي لنا وجعاً
في حلوق الغبار
وتصغي لحشرجة الموت في صدرها
غير آبهةٍ بالسعال تكحُّ تكحُّ
فتدفن في الموت أولادها
كل ما في بلادي يموتْ
والبلاد تغطي على فمها بالسكوتْ

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى