كان صديقى يفكر فى قضاء أجازة فى مصر، وصرَف النظر عن ذلك بعد…


كان صديقى يفكر فى قضاء أجازة فى مصر، وصرَف النظر عن ذلك بعد أن قرأ عن حادثة السيدة الأوكرانيه. صديقى هذا وزوجته كبار فى السن (و فى المقام أيضاً،) ولم تكن لديهما أية نية للظهور بالمايوهات فى البلكونات. لم تكن تلك هي المشكلة! القضيه هي: “من يريد أن يقضى أجازته فى بلد يسودها الغم والكآبة والتزمت؟” هل ضاقت الدنيا؟ ماذا عن أسبانيا و إيطاليا و فيجى وتايلاند؟ ماذا عن عشرات البلاد الأخرى حيث المناظر “تفتح النفس”، والعقول متفتحه، والنفسيات متفائلة لا تكبتها غيبيات كئيبة تدور كلها حول الموت والقبر والعذاب والجحيم واللون الأسود؟

الرجل وزوجته يعشقان المصريات وكان بودهما أن يقضيا وقتاً جميلاً بين آثار مصر القديمه، ووقتاً آخر يندمجان فيه مع أهل البلد ويتذوقان طعم حياتهم. لكنه لا يحب الغم ولا من يعيشون فى الغم بالغم ومن أجل الغم. الدنيا فيها أماكن أخرى كثيرة غنية بالآثار، وغنية أيضاً بالبهجة والألوان والتفاؤل وحب الحياه. حاولت أن أثنيه عن قراره: “لقد اصلحوا البنية التحتية ووسعوا الطرق وأنشأوا كبارى …” قاطعنى: “هل تعرف أحداً يريد أن يقضى أجازته فى السعوديه؟ أليست بنيتها التحتية من الدرجة الأولى؟ هل جعلها هذا مقصداً للسياح؟ من يريد أن يقضى أجازته محاطاً بأشباح سوداء وكأنه فى فيلم من أفلام الرعب؟”

قلت فى محاولة أخيرة يائسه : “الأشباح فى مصر ليست كلها سوداء! صدقنى! بعضهم رمادى أو بُنّى أو بنفسجى … وأستاذات الجامعة أشباح لونهم بيچ.” ضحك مشفقاً: “لا تحزن يا صديقى! كثيرون غيرى سيذهبون. سيذهب كثيرون من النوع الذى يقصر تحركاته على ما بين الفندق و الآثار والمطار، ولا يهمهم أهل البلد. وسيذهب كثيرون إلى مصر لأنهم مرتبطون بها عاطفياً ويحبونها أياً كان حالها. وسيذهب كثيرون من الذين لا يغتمّون لرؤية التزمت والتخلف الحضارى. لا تيأس يا صاحب، سيذهب كثيرون، أما أنا فسأذهب إلى اليونان.”

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version