قضايا المرأة

. كأن المرأة تسير نحو أبيها من الطريق نفسه طوال حياتها دون أن تطمئن للطريق. الرج…


الحركة النسوية في الأردن

.
كأن المرأة تسير نحو أبيها من الطريق نفسه طوال حياتها دون أن تطمئن للطريق. الرجل الأول الذي دخل حياتها دون استشارة، والرجل الذي إن حاولت إخراجه من حياتها فلن تستطيع.

اعتدت أن أخرج من غرفة البنات، وأخبر أخواتي أنني ذاهبة لأكلم أبي في أمر. ظل هذا الخروج يتكرر مع كل أمر، كأني ذاهبة إلى معركة، أو ذاهبة وقد لا أعود. وحتى لا أظلم أبي، فسأقول إنه كمعظم الآباء في مجتمعاتنا الشرقية، رجل يختبئ وراء نفسه من أبنائه، وينجح معظم الوقت في جعلهم يصدقون أنه رجل غريب.
كنت أترك أخواتي في وجوم وترقب وأتقدم. كان خوفهن يخيفني، وكان أول خوف أردت التخلص منه هو خوف من حولي وليس خوفي. كان هذا أكثر خوف أعاقاني عن التقدم: خوف النساء من حولي، أمي وأخواتي أولاً، وأختي الكبيرة قبل أخواتي الصغيرات، وكل أخت باسمها ونفسها.

عندما كنت طفلة كنت أحوم حول أبي كلما أردت شيئاً فيفهم من حومي ما أريد؛ لكن صوتي لم يكن يخرج من فمي، كنت طفلة صلبة لا تنطق بحاجتها بدافع التقدير، فاستبدلت صوتها بـ” الحَوْم”، وظلت أمي تردد على سمعنا، نحن أطفالها، وهي تدعونا للسكون، المثل القائل: “النوم ولا الحوم”. فتحثنا على استبدال الجلبة بالصمت، والثورة بالخضوع، والصحة بالخمول، واليقظة بالسبات. والآن، أنا امرأة بالغة وهأنذا أحوم حول أبي، بين أشجار الليمون والياسمين والمشمش والزيتون، الأشجار التي زرعتها في حاكورة البيت لتظلل مرور أمي وأبي من الشمس، ولتنثر الرائحة فوق رأسيهما في فضائه.

ألا يدرك آباؤنا أننا نريدهم في حياتنا إلى حد أبعد من أكلنا وشربنا؟ أبعد من سمعتهم ووجاهتهم؟ أبعد من سردياتهم عن بناتهن “المعصومات من الخطأ”؟
أنا حتى اليوم أبحث عن ذلك الأمان الذي قرأته في الكتب، وأراه في “Stories” عيد الأب، ولا أجده. أبحث عن كل ما صوروه لي من حب، وأبحث عن تلك المسافة الآمنة التي لم أقدر يوماً على بنائها مع والدي. لا أزال أبحث في ذكرياتي مع أبي، ولا أجد شيئاً سوى أبوية مستفحلة.

كتابة: #أحلام_بشارات على موقع @raseef22

.
كأن المرأة تسير نحو أبيها من الطريق نفسه طوال حياتها دون أن تطمئن للطريق. الرجل الأول الذي دخل حياتها دون استشارة، والرجل الذي إن حاولت إخراجه من حياتها فلن تستطيع.

اعتدت أن أخرج من غرفة البنات، وأخبر أخواتي أنني ذاهبة لأكلم أبي في أمر. ظل هذا الخروج يتكرر مع كل أمر، كأني ذاهبة إلى معركة، أو ذاهبة وقد لا أعود. وحتى لا أظلم أبي، فسأقول إنه كمعظم الآباء في مجتمعاتنا الشرقية، رجل يختبئ وراء نفسه من أبنائه، وينجح معظم الوقت في جعلهم يصدقون أنه رجل غريب.
كنت أترك أخواتي في وجوم وترقب وأتقدم. كان خوفهن يخيفني، وكان أول خوف أردت التخلص منه هو خوف من حولي وليس خوفي. كان هذا أكثر خوف أعاقاني عن التقدم: خوف النساء من حولي، أمي وأخواتي أولاً، وأختي الكبيرة قبل أخواتي الصغيرات، وكل أخت باسمها ونفسها.

عندما كنت طفلة كنت أحوم حول أبي كلما أردت شيئاً فيفهم من حومي ما أريد؛ لكن صوتي لم يكن يخرج من فمي، كنت طفلة صلبة لا تنطق بحاجتها بدافع التقدير، فاستبدلت صوتها بـ” الحَوْم”، وظلت أمي تردد على سمعنا، نحن أطفالها، وهي تدعونا للسكون، المثل القائل: “النوم ولا الحوم”. فتحثنا على استبدال الجلبة بالصمت، والثورة بالخضوع، والصحة بالخمول، واليقظة بالسبات. والآن، أنا امرأة بالغة وهأنذا أحوم حول أبي، بين أشجار الليمون والياسمين والمشمش والزيتون، الأشجار التي زرعتها في حاكورة البيت لتظلل مرور أمي وأبي من الشمس، ولتنثر الرائحة فوق رأسيهما في فضائه.

ألا يدرك آباؤنا أننا نريدهم في حياتنا إلى حد أبعد من أكلنا وشربنا؟ أبعد من سمعتهم ووجاهتهم؟ أبعد من سردياتهم عن بناتهن “المعصومات من الخطأ”؟
أنا حتى اليوم أبحث عن ذلك الأمان الذي قرأته في الكتب، وأراه في “Stories” عيد الأب، ولا أجده. أبحث عن كل ما صوروه لي من حب، وأبحث عن تلك المسافة الآمنة التي لم أقدر يوماً على بنائها مع والدي. لا أزال أبحث في ذكرياتي مع أبي، ولا أجد شيئاً سوى أبوية مستفحلة.

كتابة: #أحلام_بشارات على موقع @raseef22

A photo posted by الحركة النسوية في الأردن (@feminist.movement.jo) on

الحركة النسوية في الأردن

‫4 تعليقات

  1. شي محزن لانو اغلب البنات عم تعيش هالحالة???? انا ابي مستحيل ندخل بنقاش ازا ما انتهى بالشتم او التهديد بالضرب ???????? لهيك قررت اسكت وما ادخل معو بأي موضوع او نقاش

زر الذهاب إلى الأعلى