كتّاب

كأنما أحيا الناس جميعاً…


كأنما أحيا الناس جميعاً
#جريدة_الوطن
#سحر_الجعارة

رحم الله الدكتور «محمد سيد طنطاوى»، شيخ الأزهر الشريف السابق، الذى أوصى بالتبرع بكل أعضاء جسده بعد وفاته بما ينفع الناس، ويُذهب المرض والألم عن أى مسلم، وذلك وفق ما يراه الأطباء صالحاً.. حدث هذا فى عام 2009.
وانحازت دار الإفتاء المصرية – آنذاك – لرأى «طنطاوى»، ثم خرج «محمد متولى الشعراوى» فى لقاء تليفزيونى ليعلن رفضه لنقل الأعضاء.. وقال: «ما دمت لا تملك ذاتك ولا أعضاءك فلا يصح أن تتصرف فيها لا بالتبرع ولا بالبيع».
هدأ الصخب والضجيج، وتعطلت معه عملية زراعة الأعضاء فى مصر، رغم أن السعودية التى تطبق الشريعة الإسلامية قد سبقت مصر فى زراعة الأعضاء بسنوات، وتقوم بزراعة الأعضاء من المتوفين إكلينيكياً (الكليتين، القلب، الكبد، الرئتين، القرنيات، والبنكرياس).. وبتاريخ 4 مارس 2018، كتبت هنا فى «الوطن» مقالاً بعنوان (رسالة إلى قلب جلالة الملك «سلمان»).. أرجو جلالته فيه التكرم بزراعة رئة للطفل «إسلام. س» الذى كان فى العاشرة من عمره.. ولم يعش حتى ليرى الذين فرضوا عليه «الموت سريعاً» بفتاوى تحرم «نقل الأعضاء من المتوفين حديثاً» وتحكم على ملايين المرضى بالموت فقط لتثبت أن «تيار التحريم» يحكم الحياة والموت، وأنه من يحدد «الموت الشرعى» بأنه: «انخساف الصدغين وتوقف القلب وتدلى الخصيتين».. وهو كلام سخيف جعلنا فى ذيل قائمة الدول المتقدمة علمياً وطبياً!
بحسب رأى الأستاذ الدكتور «يسرى عقل»، أستاذ أمراض الصدر بطب القاهرة، فإنه يلتقى «يومياً» بنحو أربع حالات تحتاج لزراعة رئة.. هل يتخيل أحدكم كم مريضاً توفى بتليف الرئة بعد جائحة كورونا، والذين كان أشهرهم الإعلامى الراحل «وائل الأبراشى»!
فى عام 2021 أعلنت النجمة «إلهام شاهين» والكاتبة «فريدة الشوباشى» التبرع بأعضائهما عقب الوفاة، فتشت الصحافة عن رأى شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب»، خاصة أن دار الإفتاء أجازت المسألة بشروط مشددة.. وتم نشر شروط نقل الأعضاء من الإنسان المتوفى إلى الإنسان الحى، وفقاً لفتوى رسمية له عندما كان مفتياً للديار المصرية عام 2003.
قال الدكتور «الطيب»، فى فتوى منشورة على موقع دار الإفتاء، حملت رقم 5503 لعام 2003، إن شريعة الإسلام قد كرّمت جسد الإنسان حياً وميِّتاً وحرّمت الاعتداء عليه أو على أى عضو من أعضائه، كما حرمت بيع الإنسان لجزء من أجزاء جسده حياً كان أو ميِّتاً.
وأوضح أنه يرى بعض الفقهاء أنه يجوز شرعاً نقل عضو من أعضاء الميت إلى جسم الإنسان الحى إذا كان فى ذلك إنقاذ لحياة المنقول إليه أو شفاؤه من مرض عضال.
وكشف «الطيب» شروط جواز النقل عند بعض الفقهاء، وأهمها: أن يكون المنقول منه العضو قد تحقق موته بالمفارقة التامة للحياة موتاً كُلياً، ويستحيل عودته للحياة مرة أخرى.. وأن يكون النقل محققاً لمصلحة ضرورية لا بديل عنها للمنقول إليه.
وقال شيخ الأزهر: «إذا لم توجد وصية من الميت حال حياته فيجوز النقل بشرط موافقة الورثة الشرعيين المعتد بإذنهم بشرط ألا يكون ذلك بمقابل مادى أو معنوى».
ورغم ذلك لم يظهر حتى الآن قانون يفيد الاعتراف بموت جذع المخ ولا بنقل الأعضاء من المتوفى حديثاً لمريض تستحيل حياته دون العضو المزروع.
فجأة خرج علينا «أحمد كريمة» الذى أصبح عاشقاً للجدل والفرقعة الإعلامية ومخالفة الإجماع الفقهى!! أما الحجة التى يطرحها «كريمة» فى مواجهة علماء الأمة فهى أن «الشعراوى قال بالمنع والتحريم». والحقيقة لا أجد الرد المناسب على أستاذ فقه يترك رأى دار الإفتاء وشيخ من بعد شيخ يترأس الأزهر الشريف ويرفع فى وجوهنا «سيف الشعراوى»!
لا أجد رداً على من يُفتى لعموم المصريين ثم يقول لهم «هذا الرأى يمثلنى شخصياً»!!.. لن أسأله كيف لأستاذ «الفقه المقارن» أن يجزم بموطن الروح هل هى فى المخ أم فى القلب أم فى كامل الجسد: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).
لن أعدد الآراء المخالفة لرأيك والتى أخذت بقول المولى عز وجل (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً).. إما تتحدث فى تخصصك وتذكر الآراء الفقهية المتعارضة أو المختلفة بدون ديكتاتورية.. أو تصمت.

https://m.elwatannews.com/news/details/6308711

عندما كان هذا المقال في المطبعة صدر قرار السيد رئيس الجمهورية AbdelFattah Elsisi – عبد الفتاح السيسي بانشاء أكبر مركز اقليمي لزراعة الأعضاء في الشرق الأوسط .


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫3 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى