مفكرون

قصة جميل مردم بك…


قصة جميل مردم بك
يروى عن وزير الخارجية السوري جميل مردم بك موقف مشرف تجاه المندوب السامي الفرنسي.
يحكى أنه في صباح يوم السادس والعشرين من شهر أيار عام 1945م شهدت شوارع دمشق موكباً عسكرياً حافلاً.
عربات جيب عسكرية.
ضباط وشرطة.
سيارات مدرعة ومصفحة.
الموكب يخترق شوارع دمشق محيطاً بسيارة فاخرة تحمل العلم الفرنسي، ويصل الموكب بسلام إلى وزارة الخارجية، وتقف السيارة الفاخرة، ويقفز الجنود حولها ويتقدم أحدهم ليفتح الباب للجنرال الفرنسي (بول بينيه) المفوض السامي للحكومة الفرنسية، يتقدم الجنرال بكل عظمة هو وكل الأوسمة والنياشين التي علقها على صدره، ويدخل مع شلة من ضباطه إلى مبنى الوزارة قاصداً مكتب الوزير، ولم يكن يدري هذا الجنرال أن وزير الخارجية آنذاك جميل مردم بك قد عُجن بالوطنية.
لم يفاجأ الوزير بدخول الجنرال الفرنسي لأن الضوضاء التي أحدثها هو وموكبه العسكري الحافل، لفتت انتباه الوزير فاتجه إلى النافذة ليرى ثكنة عسكرية بحالها قد انتقلت إلى أمام وزارته، دخل الجنرال وكل نياشينه إلى مكتب الوزير بدون موعد أو استئذان، وألقى تحية الصباح على الوزير مردم بك، الذي رد عليه بكل برودة الأعصاب وهو يشغل نفسه ببعض الأوراق التي كانت على مكتبه، فتقدم الجنرال للوزير بمذكرة تتضمن مطالب فرنسية من الحكومة السورية، فتناولها مردم بك وأخذ يقرؤها بكل هدوء بعد أن طلب فنجان قهوة لنفسه دون أن يطلب للجنرال أي شيء، وبعد مرور قرابة ربع الساعة قال الوزير: إن سورية لا تستطيع قبول ما جاء في المذكرة، فرد عليه الجنرال: وهل تستطيع سورية عدم القبول، وابتسم بسخرية قائلاً: هل تعتقد سورية أنها دولة مستقلة لكي ترفض طلبات فرنسا؟
فابتسم مردم بك هو الآخر بسخرية ووقف وكل عنفوان رجالات سورية معه قائلاً: وهل تعتقد فرنسا أنها دولة عظمى لكي توجه هذه المذكرة إلى سورية؟
وأشار إلى باب مكتبه قائلاً: اخرج من مكتبي. عقدت الدهشة لسان الجنرال وتراقصت كل النياشين على صدره، ولم ينطق بكلمة واحدة، إنما لملم نفسه وجرته قدماه إلى باب المكتب، وخرج من وزارة الخارجية السورية مهزوماً منكسراً.
وأدرك الوزير مردم بك أن هذه الحادثة سيكون لها ذيولها، ولا بد من وضع رئيس الجمهورية بصورة هذه الواقعة، فتناول سماعة الهاتف يطلب رئيس الجمهورية، وكان آنذاك شكري القوتلي، وقصَّ الوزير على الرئيس ما حدث فقال القوتلي للوزير غاضباً: أنت غلطان.
فعقدت الدهشة لسان الوزير وأحسّ بفداحة الأمر وأن هنالك مصيبة قد وقعت، فقال للرئيس القوتلي: ولكن المندوب الفرنسي أهان بلدي، فأعاد القوتلي قوله بصوت جهوري: أنت غلطان.
وأردف قائلاً: غلطان لأنك لم تقطع رقبته، أو على الأقل أن تأمر بإلقائه من أعلى درج الوزارة.
اعرف واحد اطلقوا عليه (اصدقائه) اسم ذيل الكلب، وترامب قال عنه حيوان، واتشتم بكل الشتائم يلي تخطر على البال وانمسحت بكرامته الأرض، وهو لساته جناب مثل طناب، لا احساس ولا كرامة.


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Hussein Alkhalil

الجدال والنقاش مع المغيبين مضيعة للوقت، قل الفكرة واترك له حرية التفكير، إن كان له عقل يفكّر.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى