كتّاب

قسم الهرم مافيش فيه حجز للسياسى، ولا حتى للبكيتة يعنى الناس…


قسم الهرم مافيش فيه حجز للسياسى، ولا حتى للبكيتة يعنى الناس اللى معاها فلوس، بوكيت مانى، يعنى مضطر تدخل مع الجنائيين فى أوضة تاخد عشر أفراد بالعافية وفيها سبعين كائن سردينى، كنا 65 متهم، منهم حوالى عشرة قضايا متنوعة مابين سلاح بدون ترخيص، أو تزويج قاصرات للعرب، أو عمليات نصب متنوعة، والباقى كله تجارة وتعاطى المخدرات، والغالبية فى المرحلة العمرية بين العشرين والأربعين، لكن من الصعب جدا تقيم حوار مع واحد منهم، لأنه غالبا مسطول، ولو فايق مش بيعرف يركز ويسمع جملة للنهاية. والدين عندهم هامشى وعلى اللسان بس، ماكنش فيهم اكتر من تلاتة بيصلوا، والباقى بيسبوا الدين للى بيتكلموا عشان يوطوا صوتهم عشان فيه ناس بتصلى، بس كلمة يارب دايما موجودة على لسانهم، بدون محاولة للتقرب من هذا الرب.
مرة اتفتح الباب ودخل راجل لابس قميص وبنطلون بس أعمى، الكل جرى عليه بخضوع رهيب وقلعوه الجزمة واتفضل ياسيدنا الشيخ، والبلطجى شخصيا اتنازل له عن مكانه المميز، والكل بيبوس على ايده ويقول له إدعيلنا يا سيدنا الشيخ، والصورة دى لم تتغير حتى لما قال إنه ممسوك ب نص كيلو هيروين، برضه فضل سيدنا الشيخ لوجود إرتباط ما فى ذهن المصريين بين الأعمى ورجل الدين.!!!
والجنائى على عكس السياسى بيعترف بكل بساطة إنه تاجر مخدرات فعلا، ومش فارق معاه رأى المجتمع، يفرق بس معاه البيه الظابط، والأهم من المجتمع والظابط هو انه يعمل لنفسه اسم بين المجرمين، زى فلان اللى ف سجن القناطر اللى المأمور بيقدم له ورقة الزيارات وهو يقول مين يدخل ومين لأ، أو علان اللى ف سجن طرة اللى بيحشش فى مكتب المأمور، واضح طبعا إنها قصص خيالية مستحيل تحصل، بس هما برضه من حقهم يخلقوا لهم أبطال من ورق زى السياسيين وباقى طوائف المجتمع المصرى.
وتلاحظ تشابه بينهم وبين البدوى، فهو كريم زى البدو، بس بعد مايعزمك على غدوة تكلفه خمسين جنيه، يسرق منك ولاعة بخمسة جنيه، ولو حس إنك قوى بجد هايركع أدامك فورا ويتحول إلى عبد ذليل، بس لفترة مؤقتة، لحد مايضرب برشامتين يدوله إحساس زائف بالقوة، أو يحتمى وسط عصابته، ساعتها بيتحول إلى شيطان معدوم الضمير ممكن يرتكب أفظع الجرائم بدم بارد، وتلاقى نفسك مش مصدق الشاب الغلبان الطيب دة إزاى يكون مغتصب أو مسجل سرقة بالإكراه.
والأسلوب الوحيد اللى يخليه يعترف هو الضرب، ودة تقليد مصرى صميم من آلاف السنين، وبشكل عام جدا مابيحسش بالمهانة لما يضربه ظابط، دة بيفتخر انه رغم الضرب قدر ينكر التهمة مثلا، أو اعترف نص اعتراف، يعنى أدام السلطة بتنعدم لديهم جينات الكرامة تماما، وأدام الضحية بتنعدم لديهم جينات الرحمة والضمير تماما.
طب تقدر تكره الجنائى دة؟ الحقيقة لأ، دة ضحية مجتمع فاسد، ومنعدم الرباية والقدوة، ولو قلنا إن جيل الستينات كان عنده الآلاف من النجوم فى كافة المجالات كل واحد منهم يصلح قدوة، لكن للأسف انتهت المرحلة دى بالهزيمة العسكرية اللى سببت إحباط للجميع، بس على الأقل اتجهوا للدين مش للمخدرات، وفضل الدين هو حائط الصد المنيع أمام الإحباطات المتتالية اللى مر بيها شعبنا الغلبان، لحد ماوصل الإسلام للسلطة على يد مرسى، وهنا مات الدين كحائط صد ضد الإحباط واليأس والعجز والدونيية واللاجدوى. وخرج الشباب من تحت عباءة الدين ليبحثوا عن قدوة فى مجتمع فاسد، وهو ماعبر عن نفسه فى الممثل محمد رمضان وباقى رفاقه من المغنيين والراقصات ونجوم الكرة . حتى فى السياسة لم يظهر سياسى واحد أو صحفى نراهن عليه باعتباره الحصان الأسود، فالكل نتاج وعى الجماهير المقهورة، كلهم محمد رمضان وشعبان عبد الرحيم، وانهار المجتمع تماما ليجد الشباب أنه لامفر أمامهم من الهروب من الواقع المحبط إلى غيبوبة برشام الصراصير والاستروكس والباودر والآيس.!!!
الجيل دة ياجماعة مظلوم من الجميع، هو مالقيش حد يربيه لأن الأسرة نفسها فى حاجة للرباية، والمجتمع فى حاجة للنسف والبناء من جديد، ومستحيل الجيل اللى ماشفش مصر المصرية اللى احنا عشناها يقدر يرجعها تانى، دة جيل بزرميط لأننا دمرناه بايدينا.
مرة دخل الظابط ايهاب بحر، وهو من أجدع ظباط القسم، وعمل ” دكة” للحجز،والدكة يعنى بيدك الحجز ويفتشه تفتيش قوى مايسيبش حاجة الا لما يفتحها ويشوفها، وبعد ماخلص الدكة ولم الممنوعات دخل المساجين تانى فى الخرابة اللى عملها، كل حاجة مرمية ع الأرض الأكل ع المياه ع الهدوم، ويومها سرقوا منى فانلات داخلية فان هاوزن ومعظم حاجتى تقريبا.
المهم دخل ورانا الحجز وادى الطبنجة لزميله وقال له اقفل الباب علينا، زميله خايف من وجود ظابط لوحده وسط 65 مجرم جنائى، شخط فيه وقال له إقفل الحجز، ووقف يبص للجميع باحتقار: عارفين أنا سايب الطبنجة برة ليه؟ لأنكم أحقر وأتفه وأرخص من إنى أقتل واحد منكم برصاصة، انتوا تموتوا تحت الجزمة ويبقى شرف ليكم كمان، انتوا أوسخ ناس فى البلد، ومافيش فيكم راجل، كلكم رمم وحثالات ومالكمش لازمة ف المجتمع وموتكم أرحم، لو سمعت إن كلب فيكم رفع صوته تانى أو مسك “بشلة” وحب يعمل فيها راجل، أنا هاجى واحطه تحت الجزمة لحد مايموت، فاهمين يارمم؟ الكل هتف بصوت واحد: فاهمين ياباشا……..!!!
وخرج الباشا من العنبر، ويعلق إيهاب النوباتشى بحسرة: لازم نعترف إن الهرم ما خلفتش مقاتل.!!




يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫21 تعليقات

  1. حجز وسخ خت فيه خمس ساعات فى غرفه عشره علشان انام للصبح دفعت ٦٠٠ جنيه ونمت تحت التكيف وكانو عاوزين ياخدو التليفون الطشت علشان الفيس شخرتلهم وخدتو ومشيت كانت ليله سودا

  2. اسلوبك رائع فى السرد و قدرتك رهيبة على التامل و التحليل .. اقترح عليك تكتب مذكرات و تنزلها فى كتاب او تعملها حلقات على اليوتيوب

  3. حبيبى، الخراب بدأ من حكم البكباشى الملحد قبل الرئيس المؤمن، ودى نظرية بتقول ان أى ظابط جيش او شرطة يصلح فقط لتنفيذ الأوامر لا للعمل فى مجال السياسة والحكم………………..

  4. كل مرة تكتب عن هذه الفترة المريرة أشعر بمرارة الظلم والقهر ربنا يحفظك ويشيل عنك كل ده ويلمس قلبك ويشيل عنه كل ألم يارب

  5. مقال طويل ورغم هذا فى غاية التشويق ويحوى سرد لعالم خفى موجود على ارض مصر يجهله اغلب المصريين ..المقال يؤكد انك تملك تجارب عميقة ولديك الكثير من معلومات يجهلها اغلبنا ..اتمنى ان تقتصر صفحتك على هذة المقالات بما تحوية من ثراء وتجارب حياتية مذهلة..وقدرة على السرد غير طبيعية ..ونبتعد عن الخلافات الدينية التى تزرع غصة فى القلوب عندما يتم تعميم خطأ فرد مسيحى على كل المسيحين او العكس ..بالمناسبة لماذا تم ابعادى عن الجروب السرى ..تحياتى

  6. ماكنش فيهم اكتر من تلاته بيصلو والباقي بيسبوا الدين للي بيتكلموا عشان يوطوا صوتهم عشان فيه ناس بتصلي
    هاهاهاهاها هاهاهاهاها هاهاهاهاها هاهاهاهاهاى
    هيا دي كوميديا المصريين
    اسلوبك ف السرد رائع .. يااستاذنا

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى