كتّابمفكرون

“قراءة في الموقف الأفغاني”…


“قراءة في الموقف الأفغاني”

لا شك أن إختلافا فكريا لم يطرأ علي حركة طالبان خلال العشرين عاما الماضية، وهو ما وضح من خلال أولي كلمات المتحدث بإسم الحركة : “إن أفغانستان دولة إسلامية سواء قبل 20 عاما أو الآن”، وهكذا لم تخف الحركة رغبتها في إرساء نظام متشدد كالذي فرضته خلال حكمها أفغانستان بين 1996 و2001.

إن سيطرة طالبان على الحكم تفتح الباب أمام مرحلة يكون فيها للفكر المتطرف دولة يحكمها وهوية يسعى لنشرها فتثير حماسة المتعاطفين معها ممن يعيشون أوهام انتصارات ما يسمونها (دولة الخلافة) التي تطبق الشريعة الإسلامية طبقا لتصورهم.

إذا علمنا أن قوات الجيش الأفغاني كانت تبلغ ٣٠٠ ألف مقاتل مسلحة بكل أنواع الأسلحة بينما قوات طالبان التي استطاعت ان تهزم أمريكا والجيش الأفغاني لا تزيد على ٨٠ ألف مقاتل بتجهيز بدائي للغاية، يكون من السهل إدراك أن أياد خارجية وداخلية وفي الجيش الأفغاني ذاته ودوائر الحكم المختلفة، وأجهزة مخابرات كبري ودول معنية علي رأسها روسيا وإيران شكلت كلها الداعم القوي ماليا وتسليحيا وسياسيا لحركة طالبان في حربها ضد الاحتلال الأمريكي ومعاونيه من الأفغان.

وقد فطنت أمريكا لذلك فقررت سحب قواتها من أفغانستان ووقعت إتفاقا مع طالبان في فبراير 2020 التزمت بموجبه طالبان بعدم التعرض لأهداف أمريكية، كما ضغطت واشنطن على الحكومة الأفغانية للإفراج عن آلاف من موقوفي طالبان الذين عاد غالبيتهم لحمل السلاح، وهكذا تكون أمريكا قد عمدت الي توفير الظروف الملائمة لسيطرة طالبان.

إن مصيرا صعبا ينتظر الأفغانيين، واحتمالات قيام حرب أهلية عرقية غير مستبعدة، لوجود العديد من الطوائف (الشيعية في هرات ومزار الشريف تحديدا) والطاجيكية والتركمستانية في الحدود الشمالية.

كما سيكون الملف الأفغاني خطيرا ومقلقا للدول المجاورة والقريبة بما فيها الدول العربية حيث سيؤدي ذلك الي تنشيط الإسلاميين المتطرفين من جديد.

لا شك أن القوى الإقليمية مثل إيران وروسيا والهند وتركيا وباكستان، إضافة الي الصين سوف توظف هذه الأوضاع في صراعاتهم مع الولايات المتحدة وبما يتناسب مع مصالحهم السياسية في تلك المنطقة الإستراتيجية في آسيا، ومن ثم سوف تلقي طالبان الدعم الذي يمكنها من قيادة البلاد في ظل الإنهيار الإقتصادي لأفغانستان.

وأخيرا فإن أمريكا لم تكن تحارب الإرهاب في أفغانستان، بل كانت تحافظ علي موطئ قدم في منطقة ذات أهمية إستراتيجية تحقق لها القرب من الصين وروسيا من جهة، وتحقق أهدافها في تفكيك وحلحلة الأنظمة لدول المنطقة وبخاصة دول الشرق الأوسط وهو ما دفعها لتمكين حركة طالبان الإرهابية قبل الإنسحاب.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى