قابلته فى حفل زفاف. قال لى: “الأسقف فلان درس الكتاب وحسب…


قابلته فى حفل زفاف. قال لى: “الأسقف فلان درس الكتاب وحسب الحساب وإستنتج أن نهاية العالم قادمة يوم ٢٢ سبتمبر (فى تلك السنه)”. ضبطت نفسى وكتمت الضحك وسألته برفق: “ليس ذلك اليوم ببعيد. ماذا سيكون رأيك إذا جاء الموعد ومر ولم يحدث شيئ؟” … تخيلت أننى أصبت خرافته فى الصميم وتوقعته أن يقول: “سأعترف أن هذه التنبؤات ما هي إلا خرافات.” لكنه أجاب بإيمان لا يتزعزع: “إذا حدث هذا، سيحسبها قداسته حساباً صحيحاً فى المرة التالية!”

لماذا أحكى هذه القصة التافهه؟ لأبين أنه لا جدوى من الجدال مع العقول الخربة. هذه العقول لا تستعمل المنطق ولا تتعامل به. لذلك لا يمكنك أن تقنع المهووس دينياً أو أحد أنصار ترامب أو غير ذلك من الذين يعيشون فى غيبوبة عقلية. كل براهينك المنطقية سيسمعها بريبة وتوجس وعداء، وهو قد رفضها حتى قبل أن تنطق بها، متخيل أنك شيطان يريد أن يزعزع إيمانه أو أن “يدخله فى تجربه.”

قد تسأل: “وما الحل؟” ليس هناك حل! ربما هناك علاج طويل المدى قد يستغرق عشرات السنين لنشر التعليم وإصلاح المعتقدات وتنوير العامة. وإلى أن يحدث ذلك، علينا أن نعتبر هذا الفكر من المنغصات التى لا مفر من وجودها، مثل الحر والبرد والبعوض والمطبات. كل ما تستطيع أن تفعله هو أن تنتشل نفسك من المستنقع بالإطلاع والفضول الصحي والانفتاح العقلى، وبإدراك أن الوالدين لم يكونا بالضرورة على حق، والأسلاف لم يكونوا أفضل من المعاصرين (بل كانوا أسوأ بكثير.) والأهم من هذا كله: إبتعد عن من لديهم موهبة غسيل العقول.

أعود إلى حديثى مع ذلك الشخص الذى كان يتوقع نهاية العالم: لو كان مؤمنا بحق، لماذا لم يصفى ممتلكاته ويتصدق بأمواله ويذهب إلى هاواي ليستمتع بآخر شهر فى حياته؟ ربما لأنه كان منافقاً يردد كالببغاء كلاماً يضفى عليه مظهر التقوى دون أن يلزمه بشيئ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version