كتّاب

في هجاء الوطن…


في هجاء الوطن

أعطيتهُ الآن ما أعطيتهُ الآنا
وعشت كالظل ما استبقيت ألوانا

أعطيتهُ كحل أحلامي وسكرها
وخضرة العشبة الأولى بمرعانا

أعطيتهُ شال أمي وهي واقفةٌ
لله والله نورٌ في مُصلّانا

سكبت ماء فؤادي في محبتهِ
وعندما جفّ قلبي نمتُ ظمآنا

لم أدّخر لزماني غير أغنيةٍ
طويلةٍ وغَداً أعمى وأحزانا

ما قلت رغم جراحي أين يا وطني
نلقاك ملء أمانينا وتلقانا

في هذه الأرض لا ينمو على شفةٍ
لحنٌ ولا تجد الأشجار أغصانا

بالله كيف نسمّي جثّةً وطناً
وكيف نفدي بلاداً وهي منفانا

قد كان بعد حليب الأمهات لنا
هذا التراب طعاماً كان سُقيانا

كنّا بلا وجهةٍ نحبو فنحرسهُ
فينا وحين كبرنا فيه أردانا

في الذكريات سعالٌ في الخُطا وجعٌ
وفي الطفولة لطفٌ ما بمرضانا

أبٌ كأنّ من اللاشيء مهجتهُ
أفنى لك العمر ما أفناك نكرانا

يا موطناً كلما نادتْهُ مقبرةٌ
أجابها غير مفجوعٍ بقتلانا

وكلما قام مخصيٌّ أقام لهُ
عيداً وزوّج قوّاداً بصنعانا

يا موطناً كلما غطّتْهُ من دمنا
سحابةٌ كلما بالليل غطّانا

نعوذ منك بجبّارٍ فتجبرهُ
وتكسر اسمك فينا حين تنسانا

مجرّحون جميعاً منك يا وطناً
بالمجرمين رحيماً لا بجرحانا

جوعى وهل يشتكي الجوعى على وطنٍ
مشوّهٍ كلّما جُعنا تعشّانا

من لحم أحلامنا الزرقاء نطعمهُ
لا من عظام الليالي حين تغشانا

نحن اشتهاء الأعالي نحن عفتها
حتى رضى الله لم نطلبهُ إذعانا

لا نسأل الوطن السُكنى إذا سكنتْ
عيناهُ وٱمتلأتْ كفّاهُ طُغيانا

إذا تسيّد جلّادٌ على وطنٍ
كنّا لمن قاوم الجلّاد أوطانا

أصبحت يا وطني جرحاً بخاصرتي
وصار كل رخيصٍ فيك سلطانا

الأدعياء اللصوص الطارئون على
الحياة صاروا بعين الليل فرسانا

ومن متى تعبد الأوطان خانقها
ويفتدي الشعب خطّاءً وخوّانا

هذا الزمان لقيطٌ نيءٌ لزجٌ
كدولةٍ لم تجد للعدل ميزانا

ما للبلاد تُسمّي عارها شرفاً
وفقرها نعمةً والناس غربانا

هانتْ على نفسها حتى استبدّ بها
المُثقّبون وصار الدُّون أعلانا

بالله يا وطني الغالي ويا قمري
العالي لماذا زرعت الأرض حنشانا

كيف استطبْت غبياً واسترحت لهُ
وما أرحت نبياً كان أتقانا

وكان أول من شدّ الخيام على
الرصيف أول من غنّاك ولهانا

أطلّ من كل صبحٍ كان مرتدياً
كمالَهُ فلماذا كنت نقصانا

أتى خفيفاً من الماضي وخفّتهِ
رأى بك الله لكن كنت شيطانا

يا موطناً لست أدري كيف أمدحهُ
وكيف أهجوهُ ما أشقاهُ أشقانا

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى