كتّاب

فى ذكرى مولده “صلى الله عليه وسلم”…


فى ذكرى مولده “صلى الله عليه وسلم”
الرسول وقضايا المسلمين كما يراها شوقى فى مدائحه
لم يكن أحمد شوقى (1886-1932) يرى فى الرسول داعيا للقتل على العقيدة والمذهب، ولا داعيا لتقطيع الأكف والأوصال، ولا للتنطع فى إرخاء العدبة وإطلاق اللحية، ولا لاتباع قواعد فقهية عفى عليها الزمان، وإنما كان يراه داعيا للخلق القويم والعدل الاجتماعى والتقدم فى مضمار الحضارة
فهو ينشده فى رائعته “ولد الهدى”
أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى .. فالكل فى حق الحياة سواء
وبنيت بعدك للعباد حكومة .. لا سوقة فيها ولا أمراء
الله فوق الخلق فيها وحده .. والناس تحت لوائها أكفاء
والدين يسر والخلافة بيعة .. والأمر شورى والحقوق قضاء
وعلى الرغم من ثقة شوقى بأن مدائحه من القصائد “عرائس حسان” ورغم ذلك فمكانته أقل من أن تسمح له بمديحه”ص” وإنما هى قربى للشفاعة فى المسلمين عن ذنوبهم الكبيرة، وفى نفس الوقت دعوة عن المستضعفين للنهضة وتجاوز الأزمات
يامن له عز الشفاعة وحده .. وهو المنزه ماله شفعاء
لي في مديحك يا رسول عرائس .. تيمن فيك وشاقهن جلاء
هن الحسان فإن قبلت تكرما .. فمهورهن شفاعة حسناء
ما جئت بابك مادحا بل داعيا .. ومن المديح تضرع ودعاء
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة .. في مثلها يلقى عليك رجاء
أما فى سلوا قلبى:
فهو يواصل اعترافه بأنه أهون من أن يمدح الرسول، وإنما هو توسل به إلى الله، لرفع المضرة عنا، وهو موقن بأن الله “جل جلاله” لاشك مستجيب لو توسلنا له بالرسول
أبا الزهراء قد جاوزت قدرى .. بمدحك بيد أن لى انتسابا
مدحت المالكين فزدت قدرا .. وحين مدحتك اجتزت السحابا
سألت الله فى ابناء دينى .. فإن تكن الوسيلة لى أجابا
وما للمسلمين سواك حصن .. إذا ما الضر مسهمو ونابا
وفى نهج البردة
يقدم شوقى لربنا “جل جلاله” عرضحال، ينعى فيه على أممنا الإسلامية تأخرها بينما تهب الأمم وتتقدم ، ثم يستدرك أن يكون هذا قضاء الله فى الشعوب المستكينة فأكرم بوجه الله قاضيا كان أو منتقما، ثم يدعوه أخيرا ولوجه رسوله الكريم أن يلطف بنا ويحسن بالرسول خاتمتنا كما أحسن به مبتدانا
يارب هبـت شعوب مـــن مـنيـتها .. واستيقـظـت أمــم من رقـــدة العـــــدم
رأى قضـاؤك فينــــا رأي حكمتـــه .. فاكرم بوجهـــك مــن قــــاضٍ ومنتقـــم
فالطف لأجل رسول العالميـن بنا ولا .. تزد قـومـــــه خسفـــــاَ ولا تـســـم
يارب أحسنت بـدء المسلمــين بـه .. فتمم الفضــــل وامنح حسن مختتـــــم
وأخير إلى عرفات الله
يدرك شوقى أن الحاج لا شك زائر قبر الرسول “ص”، ولا شك سيقبل مثواه، وستفيض من الدمع عيونه مهابة للرسول، وسيرى بنفسه إشراق النور وضوع العبير تحت الثنيات والحصى
فى هذا الموقف الفريد يستحلف شوقى الحاج أن يشكو للرسول ما لا شك يعرفه من الحسرة على حال شعوبه فى شرق البلاد وغربها، والذين غدوا كأصحاب الكهف فى سباتهم، رغم أن بأيمانهم نوران القرآن وسنة الرسول، فهم فى حالك الظلمات، وينتهى بدعوته “ص” لله أن يوفق للعزائم امته
إذا زرت بعد البيت قبر محمد .. وقبلت مثوى الأعظم العطرات
وفاضت من الدمع العيون مهابة .. لأحمد بين الستر والحجرات
وأشرق نور تحت كل ثنية .. وضاء أريج تحت كل حصاة
فقل لرسول الله يا خير مرسل .. أبثك ما تدري من الحسرات
شعوبك في شرق البلاد وغربها .. كأصحاب كهف في عميق سبات
بأيمانهم نوران ذكر وسنة .. فما بالهم في حالك الظلمات
وقل رب وفق للعزائم أمتي .. وزين لها الأفعال والعزمات
هذه القصائد كلها كتبها شوقى فى الثلث الأول من القرن العشرين وغنتها أم كلثوم على فترات ولكن للأسف بعد موت شوقى ولحنها جميعا رياض السنباطى، فأرجو أن تستمعوا لها وتستمتعوا كما استمتعت بها .. وكل سنة وانتم طيبين

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى