كتّابمفكرون

“عن الاغتصاب الزوجي”…


“عن الاغتصاب الزوجي”

حديث نبوي شهير متداول، ورد في خطبة الوداع
“واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً”.

(العوان) هو الأسير أو شبه ذلك، وما يلفت الانتباه هو الطبيعة التي فرضها الحديث على شكل العلاقة بين الرجل وامرأته، فهي علاقة آخذ ومأخوذ، مالك ومملوك، سيد وأسير.

كما أن لبّ العلاقة المستخرجة من الحديث هي استحلال الفروج، وحيث أن الحديث موجه للرجال، فهو يحمل أحادية هذا الاستحلال، لتبقي المرأة مسلوبة الإرادة والرغبة لصالح الرجل، يجدها وقتما يريد وليس وقتما يريدان، كما أنه يختصر الزواج ويقصره على هذه العلاقة.

ورغم أن الحديث يدعو للإستوصاء خيرا بالنساء الّا أنه – الي جانب غيره من الأحاديث – كان مبررا لحزمة الفتاوي المتطرفة الظالمة للمرأة، فأصبحت القوامة تعني الخضوع والتبعية وفرض الوصاية، وتستتبع العقاب عند الخطأ، بل وصل التطرف الي إنكار حقها في العلاج والكفن عند الوفاة، الي آخر هذه الأمور المقيتة، التي تخرج بالزواج عن إطار الإنسانية.

الانتقاء الفاسد لمن يفرضون أنفسهم علينا بالقوة كمفسرين، أخذهم لتجاهل نصوص أخري في القرآن والسنة مثل (ولهنّ مثل الذي عليهن بالمعروف)، (ومن آياته أنْ خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، (هنّ لباس لكم وأنتم لباسٌ لهنّ).

هذا التجاهل لبعض النصوص والأخذ بأخرى، يؤكد أن كهنة الفقه والتفسير، تجار الدين، لم يكونوا أبدا خالصي النية، ساعين لخير الأمة كما يدّعون، بل كانوا ساعين لفرض ثقافات وعادات بدوية، وكسب رضاء فئات بعينها دون غيرها.

ألم يكن ممكنا مثلا أن تعطي المرأة حق تطليق نفسها بنص (ولهنّ مثل الذي عليهن بالمعروف)، ألم يكن ممكنا أن يفرض العدل وتتساوي المرأة تماما مع الرجل بنص (هنّ لباس لكم وأنتم لباسٌ لهنّ)، ألا تكفي نصوص السكينة والمودة والرحمة أسبابا لتجاهل ضرب المرأة اغتصابها وتأديبها، ويكون ذلك هو الانتقاء الأكثر إنسانية.

من الممكن أن يستغل التناقض بين النصوص وبعضها (وهو موجود) لاختيار الأكثر نفعا، وإعلاءا لقيمة الفرد والمجتمع، والأكثر توافقا مع القيم الإنسانية النبيلة، وهي قيم سبقت الأديان بأزمنة طويلة، بدلا من الاحتيال والخداع بناسخ ومنسوخ وخلافه.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى