قضايا المرأةمنظمات حقوقية

. عندما قررت جهاد مغادرة الأردن هاربة من معاناة عاشتها طوال عمرها الـ 22 على جنا…


.
عندما قررت جهاد مغادرة الأردن هاربة من معاناة عاشتها طوال عمرها الـ 22 على جناح منحة تعليمية إلى عاصمة أوروبية، لم تعرف أن النور الذي لاحقته خلاصاً من حياتها السابقة سينطفئ نهائياً في شقة باردة في دولة غريبة لا يعرفها فيها أحد سوى مرشدتها النفسية
انتهت جهاد قبل أسابيع عنواناً لخبر في صحيفة أوروبية في زاوية مخفية “الفتاة الأردنية المشنوقة كانت تعاني مرضاً نفسياً”
ولكن المحرر لا يعلم أنها قارعت حروباً طاحنة من التعنيف في مجتمعها الضيق محاولة أن تكون عنواناً لقصة مبهجة كان حبل انتحارها خاتمة بائسة لتلك القصة

ليست جهاد وحدها من نجحت في إنهاء حياتها، بل إن عشرات الفتيات اللواتي تركتهن وراءها في بلدها، حيث بيوت حجرية بيضاء بجدران قاتمة تخفي وراءها قصصاً من العنف ضد إناث تتكرر بشكل يومي تمتد من التعنيف وتنتهي بالقتل أو الانتحار

تفيد دراسة أنجزتها تضامن: “تعاني النساء بشكل خاص من ظاهرة الانتحار عندما ترتفع مستويات التمييز والعنف وعدم المساواة بين الجنسين”

توضح منظمة الصحة: “الاكتئاب مرض قد يفضي إلى الانتحار، والنساء يتأثرن به أكثر من الرجال”
صحيح أنه مرض لا يميز بين الجنسين لكنه يعرف أيهما أكثر هشاشة فينقض عليه، إذ أن معظم المعنفات في الأردن، لا تتاح أمامهن فرص للنجاة من العنف لأسباب جذرية من بينها الصور النمطية عن أدوار الذكور والإناث، وانعدام أو ضعف إستقلالهن المالي بسبب العنف الاقتصادي، وتسامح المجتمع مع مرتكبي العنف ضدهن مما يؤدي الى إفلاتهم من العقاب
كما لا توفر الدولة أي سبل لحمايتهن، بل والأدهى أنها تضيق عليهن الخناق، فأي فتاة تهرب من معنفها أو قاتلها تقوم الدولة بسجنها

وتجمل مديرية الأمن العام دوافع الانتحار إلى: “عاطفية، مالية، أخلاقية، خلافات عائلية، نفسية، خلافات شخصية، إنسانية، الفشل والإحباط، أخرى، ومجهولة”
والأسباب المجهولة والأخرى يصفها ناشطون بأنها الثقب الأسود بالنسبة لهذه الجريمة، حيث أنه قد تدرج تحتها جرائم قتل متعمدة للنساء
لكن من يبحث في قضية قتل لامرأة والتهم أصلا جاهزة سلفاً؟ فهي إما غير مهمة، أو أنها تتعلق “بالشرف”، بل إن محاولات الانتحار لفتيات على جسر عبدون تنتهي إلى نكات وتنمر وجلد من مجموعات محافظة دينياً واجتماعياً، فالانتحار بالنهاية مرفوض في المجتمع ومحرم في الدين

ولكن لا يكلف أحد نفسه بالبحث أو حتى التساؤل: لماذا تبادر طفلة أو شابة إلى إنهاء حياتها ويشل تفكيرها العجز التام وفقدان الأمل لإيجاد مخرج من كل ما تعانيه؟

كتابة: #محمد_العامري

.
عندما قررت جهاد مغادرة الأردن هاربة من معاناة عاشتها طوال عمرها الـ 22 على جناح منحة تعليمية إلى عاصمة أوروبية، لم تعرف أن النور الذي لاحقته خلاصاً من حياتها السابقة سينطفئ نهائياً في شقة باردة في دولة غريبة لا يعرفها فيها أحد سوى مرشدتها النفسية
انتهت جهاد قبل أسابيع عنواناً لخبر في صحيفة أوروبية في زاوية مخفية “الفتاة الأردنية المشنوقة كانت تعاني مرضاً نفسياً”
ولكن المحرر لا يعلم أنها قارعت حروباً طاحنة من التعنيف في مجتمعها الضيق محاولة أن تكون عنواناً لقصة مبهجة كان حبل انتحارها خاتمة بائسة لتلك القصة

ليست جهاد وحدها من نجحت في إنهاء حياتها، بل إن عشرات الفتيات اللواتي تركتهن وراءها في بلدها، حيث بيوت حجرية بيضاء بجدران قاتمة تخفي وراءها قصصاً من العنف ضد إناث تتكرر بشكل يومي تمتد من التعنيف وتنتهي بالقتل أو الانتحار

تفيد دراسة أنجزتها تضامن: “تعاني النساء بشكل خاص من ظاهرة الانتحار عندما ترتفع مستويات التمييز والعنف وعدم المساواة بين الجنسين”

توضح منظمة الصحة: “الاكتئاب مرض قد يفضي إلى الانتحار، والنساء يتأثرن به أكثر من الرجال”
صحيح أنه مرض لا يميز بين الجنسين لكنه يعرف أيهما أكثر هشاشة فينقض عليه، إذ أن معظم المعنفات في الأردن، لا تتاح أمامهن فرص للنجاة من العنف لأسباب جذرية من بينها الصور النمطية عن أدوار الذكور والإناث، وانعدام أو ضعف إستقلالهن المالي بسبب العنف الاقتصادي، وتسامح المجتمع مع مرتكبي العنف ضدهن مما يؤدي الى إفلاتهم من العقاب
كما لا توفر الدولة أي سبل لحمايتهن، بل والأدهى أنها تضيق عليهن الخناق، فأي فتاة تهرب من معنفها أو قاتلها تقوم الدولة بسجنها

وتجمل مديرية الأمن العام دوافع الانتحار إلى: “عاطفية، مالية، أخلاقية، خلافات عائلية، نفسية، خلافات شخصية، إنسانية، الفشل والإحباط، أخرى، ومجهولة”
والأسباب المجهولة والأخرى يصفها ناشطون بأنها الثقب الأسود بالنسبة لهذه الجريمة، حيث أنه قد تدرج تحتها جرائم قتل متعمدة للنساء
لكن من يبحث في قضية قتل لامرأة والتهم أصلا جاهزة سلفاً؟ فهي إما غير مهمة، أو أنها تتعلق “بالشرف”، بل إن محاولات الانتحار لفتيات على جسر عبدون تنتهي إلى نكات وتنمر وجلد من مجموعات محافظة دينياً واجتماعياً، فالانتحار بالنهاية مرفوض في المجتمع ومحرم في الدين

ولكن لا يكلف أحد نفسه بالبحث أو حتى التساؤل: لماذا تبادر طفلة أو شابة إلى إنهاء حياتها ويشل تفكيرها العجز التام وفقدان الأمل لإيجاد مخرج من كل ما تعانيه؟

كتابة: #محمد_العامري

A photo posted by (@) on

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى