كتّابمفكرون

علي مر تاريخه الحديث منذ بدايات القرن التاسع عشر فشلت كل…


علي مر تاريخه الحديث منذ بدايات القرن التاسع عشر فشلت كل محاولات اصلاح الأزهر بدءا من الشيخ حسن العطار أستاذ رفاعة الطهطاوي أحد الموجهين الأساسيين لنهضة مصر الحديثة, وهو أول صوتٍ طالَب بإصلاح الأزهر, وكان تشخيصه أن علماء الأزهر قد انغلقوا على أنفسهم يلوكون بعض المعارف الفقهية, يعيدون ترديدها وعمل ملخصات لها، وحواشٍ للملخصات، وشرح للحواشي، وشرح على الشرح، دون إضافة ذات قيمة أو أصالة فكرية.

ثم تتالت المحاولات علي يد تلامذته وتتابع الفشل مرورا بالشيخ محمد عبده والشيخ محمود شلتوت حتي بعض المحاولات الضعيفة للشيخ محمد سيد طنطاوي.

اذن فالأمر واضح أن علة الأزهر تنبع من داخله, وبالتالي كان الخطأ الأكبر أن تتشعب اختصاصاته ومهامه والتي بدأت بكثافة في عهد عبد الناصر فيصبح للأزهر مدارس ومعاهد في مراحل التعليم المختلفة وصولا للجامعة بكليات لا علاقة لها بالدراسات الدينية والفقهية مثل الطب والصيدلة والهندسة … الخ.

وبعد ان كان الأزهر جامعا وشيخا وعامودا اصبح مدارس ومعاهد وكليات ودكاترة ومناصب و 20 مليار جنيه في السنة, كل ذلك والأساس متهاو, والعقول مغلقة الي ان وصلنا لمرحلة الصدام بين تطلعات المستقبل والنمو والنهضة في مواجهة فقه سلفي متوقف لم يتطور لمئات السنين لا يصلح لا زمانيا ولا مكانيا.

ان استمرار الأزهر كل هذه السنين رغم جموده هو النتيجة الحتمية للحالة الديكتاتورية التي تملكت مصر لسنين طويلة, فالحاكم الديكتاتور دائما ما يحتاج الي جناح ديني يستعين به لشرعنة أعماله حيث لا ظهير سياسي أو شعبي وهي الحالة التي كنّا نراها متجسدة بكثافة في حكام الجزيرة العربية, وارتباطهم بأبناء محمد عبد الوهاب (آل الشيخ), ويؤدي الأزهر هذا الدور في مصر بكفاءة.

لا أبالغ عندما أقول أن الأزهر هو المستفيد الأول من الحالة الديكتاتورية, وهي التي توفر له الاستمرار والبقاء, وهو علي دراية تامة, بذلك حتي وصل الأمر به الي تحدي المجتمع بأكمله عندما يرفض تطوير الفكر الديني ويستمر في تبني الأفكار المتطرفة والمتخلفة والدفاع عنها رغم ما ينتج عنها من عنف يتأثر به استقرار وأمن المجتمع.

بدون ديمقراطية حقيقية ومواطنة راسخة سيبقي دور الأزهر ويبقي منارة للتخلف الفقهي ويستمر دوره السلبي في انتاج الإرهابيين والمنغلقين, واستمرار التخلف الحضاري الذي نعيشه.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى