كتّاب

على العهد…


على العهد

في صورة، عبدالرب الشدادي وهو يقوم بإيقاد شعلة 11 فبراير في الذكرى الخامسةفي آخر فبراير من حياته، وفي الأخرى عبدالغني شعلان وهو يتوشح شعار فبراير ويحتفل بها في الذكرى السابعة كفعل وطني نبيل، وحلم طاهر، ومعهما من قبل ومن بعد ظلت مأرب تحتفي بالذكرى رسميا وشعبيا، ذكرى أشرف وأنقى محاولة للخلاص الوطني.

الصور والفعل والأشخاص والمكان والمناسبة في مأرب التي هي شرف البلاد وطهرها وما تبقى لها من كرامة وكبرياء.

لم يحدث ذلك بالصدفة، وليس انفعالا أو لعبة مزاج، بل قدر وإيمان ويقين في قلوب السابقين إلى البطولات والتضحية وإنارة الدروب والسبل للأحرار، ورسالة للمتأخرين في الإدراك والفداء وفي الحرية والكرامة وفي الوقوف والمواقف وفي كل قول وعمل نبيل وملهم.

لا أدري كيف يستقيم أن تقول إنك مع مأرب وأبطالها وأنت تتهم مأرب وأحرارها بخراب اليمن وإضرام الحرب واختلاق الخراب والدمار والتيه والتمزق والتشرد والجوع والضياع والموت!

هو إما أن تنحاز لمأرب التي هي حاضنة هذا الحلم، أو تنحاز لمن يراها بعيون الليل ولؤم المنتقم.

إما أن تصطف خلف الشدادي وشعلان باعتبارهما ذروة الشرف اليمني، أو تقف خلف من يراهما قادة للتمرد وصناعا للخراب وأدوات للجماعات العابرة ومعاول للهدم.

لم يكن الشدادي قنبلة في يد الميليشا، ولا كان شعلان لغما في ملاعب الأطفال، بل كان الأول حارس الأحلام في ساحات التغيير التي سقاها دما طاهرا، وكان فارس البلاد حين تحول فرسان المعبد إلى مسوخ وأصبحت النجوم المسترخية على الأكتاف أحذية للطارئين وصار أهلها عكفة وأبواقا ورصاصا في القلوب والعيون وجماجم الأطفال والنساء..

وكان الثاني حلما طائرا في السماء وساطعا في مداخل شارع الجامعة، كان قبسا في الدروب وقبعة للكرامة، كان جبارا كالرعود ولطيفا كمطر الصبح، ثار وثأر، واجه العتمة في مهدها، وتصدى لها حين كنا صدى لها، كان محاربا أسطوريا وحلما ربيعيا، خلق فدائيا كما لو أن روحه أنفت جسدها، وظل يرمي بنفسه في مهاوي الردى وأعالي المجد والخلود حتى صار اسمه مردافا لاسم السماء ولقد طاولها فطال، وتوأما لاسم اليمن التي امتزجت به حتى كادت تأخذ ملامحه لولا أنه غالبها فتسجد فيها، تدثر ثراها وطوق عنقه بألوان علمها ونام في أحضانها نومة الطفل في دف الأم.

إن الإساءة للثورة التي باركاها، هي إساءة لهما في الأعالي.

وإذا كان ما آمن به الشدادي ومات عليه شعلان هو خراب ودمار فأنا حجر من ذلك الخراب على رأس كل أعمى لا يفرق بين وحشة والليل ودهشة الشروق.
يقف اليوم رفاق الشدادي وشعلان في أطراف مأرب وفي شفاه الموت، يصنعون لنا الغد ويضمدون جراحهم بزهر الأحلام الربيعية التي في قلوبهم.
إننا نؤمن بما شعلان والشدادي ورفاقهم، ونكفر بمن كفروا بهم، وسنبقى على العهد الأبد.



يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى