مجتمع الميم

شعرهن يتحدى السلطة – My Kali


بقلم رؤيا حسن
الصور: 1975 © فؤاد حمزة تبين

و 1980 © أمين الرشيد / النور
هذا المقال من ملف ‘شعري يا شعري’ – هيكل العدد هنا

عندما قصصت شَعرى، جزء من هذه الخطوة محاولة التخلص من ألم في رأسي، والسبب الآخر الذي ما زلت أُعيد استكشاف أجزاء مختلفة منه كل مرة.. من محاولات “فردة”، تغطيته، تطويله ليتناسب مع أسطورة “الشعر الناعم الطويل” ثم قصه بسبب مرض المناعة الذاتية الذي أصابني. إلى أن نظرت في المرآة يوما ما وأعجبني ما رأيت، شعر محلوق سهل الاعتناء به، لكن يُحرض الآخرين والأخريات على إطلاق الأحكام، لم أدرك إلى أي مدى كان شَعرى جزء من وعي السياسي والجنساني والطبقي. لذا بالنسبة لي تتبع تلك الحكايات تٌخبر الكثير عن أنظمة السلطة، خصوصا عبر المساحات التي تَشكلت بعد ثورة ديسمبر 2018. محاولاتي هذه اصطدمت بفقر الكتابة والتنظير حول الشَعر متعدد الهويات، لذلك لفتح هذه (الونسات) النقاشات لجأت إلى (google form) عبر أسئلة تشجع على مشاركة التجارب  وسرد القصص وبشكل ِسرى. التفاعل مع الأسئلة فاجأني، كما الحميمة في بعض الإجابات. عندما تكتب إحداهن لي: “بتمنى الناس تبطل تحكم على أخلاقي من خلال تسريحات شَعري” أتسال إذا كانت تخصني بهذه العبارة أم تتخيل العالم وهي تكتب هذه العبارة. أفكر في تلك الحُمولات التاريخية المُتخيلة عن النساء عندما قرأت: “يُربط بين الشعر والإيمان بالله، يظنون أن المطر لا يهطل لأن امرأة قصت شعرها” والأخرى لا ترى نفسها في الأمثلة وتعيد التفكير الاحتجاجي كاتبة: “المثل البقول الشعر تاج المرأة ونحنا عندنا طواقي.!” كما أفكر في تلك الهويات التي تشظت  وتحاول المحافظة على تماسكها من خلال ترسيخ صورة الأنا والآخر:“طبعا أنا مشيت غرب السودان (ممشطه بوب) بشعر إضافي اعتبرت أجنبيه وما سودانية، ولما مشيت الشمال اعتبرت جنوبيه، ولما أمشي الجنوب بي شعري الطبيعي أنا ما جنوبية فكل مكان لازم أسرح تسريحة معينة“. الشَعر دائما سياسياً يعبر عن تجارب، إختيارات هويات ثقافية، إثنية، مناطقية وطبقية. عندما نكون منسجمات مع هذه الهويات نعبر عنها من خلال الشَعر أو نتبنى من خلاله هويات نشعر بالراحة من خلالها. عندما قرأت: “اتعلمت كتير من الونسة الهناك {كوافير الحى} لأنها بالنسبة لي ما كنت بسمعها في البيت أو الجامعة. و في نفس الوقت الكوافير كان رخيص شديد مقارنة بغيره”. أفكر..! أين تذهب كُل هذه الأصوات حينما تُهمل أو أين/كيف تلتقي هذه الأصوات لتعرف بعضها وتُسَيس؟


اللغة .. السواد وتفكيك الاستعمار

اللغة العربية هي الصعوبة الأخرى التي واجهتني في اختيار مفردات تُعبر عن شَكَل ونسيج وملمس الشعر. كثير ما نلجأ إلى تعبيرات إنجليزية لوصف والحديث عن الشعر الأفريقي. جزء من هذه المعضلة ربما لأن معظم المفردات العربية للتعبير عن الشعر الأفريقي هي عنصرية أو ذات تاريخ ودلالات عنصرية. لماذا لم تتطور اللغة العربية الحديثة لتشمل “السود الناطقين بالعربية” هل مركزية اللغة تمنع الناطقين بها من “الهوامش” استيعاب اختلافاتهنّ/م. كنت ولا زلت أستخدم تعبير “شعرى خشن” في محاولة تحييدها، لكن بالمقارنة مع من هذا الشعر الخشن؟ استخدم هنا تعبير “الشعر الأفريقي”. وربما لأن معظم المحتوى المشاهد/الرائج على منصات التواصل الاجتماعي (يوتيوب/ تيك توك/إنستغرام) هو لـ مؤثرات  سوداوات من أمريكا الشمالية والجنوبية يتحدثنّ بالإنجليزية عن منتجات العناية بالشعر بعيدة عنا جغرافيا ومادياً. 

المؤثرة السعودية عبير سندر عبر قناتها في اليوتيوب من المؤثرات الأوائل و القلائل السود اللواتي يشاركنّ مع متابعاتهنّ كيفية العناية بشعرهنّ الأفريقي .. والنقاشات معهنّ حول العنصرية ومعايير الجمال. سألنها المتابعات حول كيفية مواجهة الحياة بلونها الأسود وشعرها الأفريقي. رغم اختلافي النظرى مع بعض المحتوى الذي تقدمه. لكن مشاركة تجربتها مع مراهقات من مختلف الدول الناطقة بالعربية تساعدهنّ في العثور على  إنعكاسهنّ في لون بشرتها وشعرها الأفريقي. 

ممكن أتعرض لتحرش لو أنا ماشة منزلة الطرحة ومافى زول في الشارع حيقيف معاي بـ مبرر، أنا زولة ما محترمة وبمعنى أدق استخدموا لفظ “شرموطة” وما في قانون حيقيف معاي. ولو حكيت لأسرتي ما ح يقفوا معي.. وممكن يعنفوني ويقولوا انا فاكه شعري عشان الفت نظر الرجال..

فؤاد حمزة تبين

عندما أرادت جريدة السفير العربي الكتابة عن الموديل والمصورة الفوتوغرافية المغربية هدى فونو من خلال مقال: في المغرب يُخرجن الضوء من العتمة. تم عنونت الفقرة التى تتحدث عنها ب”الجمال بلون الشوكولاتة”.- للسخرية معظم الفتيات الملونات والسوداوات أستخدمت كلمة شوكولاتة ضدهنّ بطريقة عنصرية – في صفحتها على الانستغرام والتى تحمل عنوان (Black women bilarabi) تعرف نفسها بعبارة “إلهام النساء الملونات، إزالة الاستعمار من معايير الجمال. ناشطة ومؤثرة”.

عبر هذه المنصات يستخدمنّ مفردات لتُعبر عن “تركيبات” شعرهنّ المختلفة باللغة الإنجليزية مثلا تعبير(curly hair) التي تستخدم بشكل واسع على جميع أنواع تركيبات الشعر. وتترجم إلى الشعر المجعد. يقل إستخدام تعبير(kinky hair) التى تترجم لمفردة السودانية (قرقدى) أو أكثر أنواع الشعر خشونة. لا تخلو هذه المفردات من الحُمولات العنصرية.

عند البحث عن أنواع الشعر سوف نجد تقسيمات مختلفة معقدة نوعاً ما. لذا قررت ترجمة  (Afro-textured hair) للتعرف عليها أكثر. ترجمة google تكشف عن خياراتها التى تقول: “الشعر ذو النسيج الأفرو”، “الشعر الغريب” أو “هو نسيج شعر السكان في إفريقيا”. واضح أن الترجمة تصف الشعر بمركزية أوروبية مع إضافة مركزية عربية  في المنطقة الناطقة بالعربية في التمييز ضد الشعر الأفريقي. لم أستطع إيجاد مفردات “محايدة” ولكن هل هناك مفردات محايدة لشَعر له تاريخ من النضال ضد الاضطهاد والهيمنة. تَبنى الأفرو معارك ضد قوانين “الشكل العام”، وأعنى الشكل/المظهر المعياري الذي عبر عن الاحتراف و”الترتيب” لا يعبر عن تمرد ولا يحمل تواريخ وهوية. مازال السؤال حول ثورية اللغة العربية وما هي عوامل شمولية اللغة. هل محدودية اللغة /المفردات مشكلتى مع اللغة؟ أم أن الَشعر الأفريقي لم تُطور له اللغة العربية أي مفردات خاصة به واكتفت باستعارة مفردات تخص الشعر العربي مقارنة بمعيار الجمال الأوروبي، أو أن منتجين اللغة بمفرداتها من الذكور غير مهتمين  بمفردات تخص النساء السود في المجتمعات العربية؟ 

 أثناء حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، تبنت الكثير من الحركات الاجتماعية، الشعر الأفريقي كبيان سياسي ثوري. أصبح مرادفًا لـ للجمال الأٍسود وأداة سياسية.اكتسب مؤخرًا شعبية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. عبر وسائل التواصل الاجتماعي راجت نتيجة  فتيات ومراهقات يبحثن عن معلومات حول شعرهنّ الأفريقي والتي لم تتوفر بعد. في مرحلة ما من حركة الشعر الطبيعي تشكلت تناقضاتها كأي حركة تغيير اجتماعي فـ عند النظر إلى مخطط أنواع الشعر المجعد .  نرى إختفاء نوعية الشعر 4C و 4B. لأن العلامات التجارية تفضل التعامل مع نوعية الشعر الكيرلي أي “المجعد الأكثر نعومة” و”غير منافي للشكل المهني”. من التناقضات المربكة أيضاً سؤال من أين نحصل على المنتجات للإعتناء بشعرنا الأفريقي؟ غالبيتها لمنتجات يتم طلبها من خارج السودان بتكلفة عالية جدا. لتقول أن الشرط الاستهلاكي هو الثمن للسماح لنا أن نظهر بشعورنا الطبيعي. هذه السوق الرأسمالية تستقبل “ممثلات” لهذه الفئات دون تفكيك للعوائق المؤسساتية والمجتمعية وتفكيك الصورة النمطية التي رسختها عبر الإعلام. 

فؤاد حمزة تبين

إستعادة رمزية الشعر
سمحت ثورة ديسمبر 2018. بإستعادة رمزية الشعر الأفريقي. في جغرافيات تعمل فيها الدولة على أن يعتبر الشَعر ذا دلالات تمييزية. ضد من يخترنّ أو يختارون ارتدائه بطرق تعبيرية. لأن يهدد رواية السلطة/الدولة عن الثقافة الواحدة والدين الواحد وصورة الذات الواحدة. حينما أتجول بين صور المتظاهرات يخطر ببالي  الفيديو الذي تتحدث فيه كاثلين كليفر عن ما تُعرفه هي بالشعر الطبيعي. و شعار “الأسود جميل black is beautiful “مع حركة المقاومة التي تبناها حزب الفهود السود 1968. نركز في هذا المقال على خياراتهنّ/ تجاربهنّ بعد ثورة 2018 تقول إحدى المشاركات: “في سنة 2018 اعتقل في يوم واحد عدد من الأصدقاء الشباب أصبت بإحباط شديد فحلقت شعري  فقد كنت عاجزة”… هنا يتحول  قص الشَعر لفعل عزائي وشفائي. كيف نُشفي عبر أجسادنا؟  والأكثر إرهاقاً هو التفكير أن حتى هذه المساحات البسيطة تُصادرها السلطة مننا.

ضمن جلسة البوح (الونسة) الافتراضية تلك شاركت إحداهن تجربتها مع عائلتها عندما حلقت شعرها قائلة: “حلقت شَعرى للي هو تحدي في حد ذاته في السودان. أنا بت وحدة، فأمي و أبوي خالين أي حاجة ومركزين مع شعري! اتخيلي أبوي بقول لي الشَعر المحلوق ولفة التوربان بخلو شكلي زي الأفريقيات…! أنا أصلا أفريقية لكن أهلي ناكرين لأصلهم. في الشارع كان الوضع أحسن أثناء الفترة الانتقالية، من بعد الانقلاب {25 أكتوبر 2021} بقيت أتعرض للمضايقات بخصوص شَعري وأنا سايقة العربية أو ماشية. كتير بتقال لي يا ولد عمدة كإهانة”. هذا التماهي بين السلطات أقصد مؤسسة الأسرة ومؤسسة الشرطة، تَشَكل عبر هيمنة الثقافة الواحدة للدولة الوطنية التي تبنت خطاب كل ماهو عربي فقط ضد الآخر الأفريقي المختلف. الذي كان يجب الحفاظ على هذا الخطاب مؤسسيا وثقافيا من خلال ضبط تعبيرات الجسد. حتى و إن كانت العائلة ترعى إزهار هذه الذوات كذوات حره  وفاعلة تتكفل مؤسسات الدولة بتجريم هذا النمو فتتعرض الفتيات اللاتى اخترنّ أن لا يرتدين (طرحة) الحجاب أو من قررنّ أن يرتدينّ شَعرهنّ بطُرق تعبرن عنهنّ إلى مضايقات من قبل عناصر الشرطة أو أى شخص يعتقد أنه له الحق في الوصاية على أجسادهنّ سواء في الشارع أو المؤسسات الحكومية. “لما قصيتو ما كان قصدي كده. كنت اتبهدل لأنى مشطته قبلها وتقصف شديد فمشيت الكوافير وقصيتو خالص. قصة لطيفة جدا. بقيت بحس بيوا بقول لي {الشَعر} الردة مستحيلة، الردة لي واقع تتدخل الدولة في أشكال النساء. رغم أن الشارع لسه بتدخل والمشي فيه مرهق أكتر، لكن لما أفكر أن قبل ما أقصه كانت مرهقة.. وأيام كنت بلبس طرحة كانت مرهقة… ولما كنت طفلة كانت مرهقة… فـ بلقي أن الشَعر ما غير في نوع التعامل بس الدرجة زادت وده ما حنك يعني”. 

مع محاولات التحرر هذه إلا أن الأثمان التى تدفع من أجل تعددية خياراتنا حول مظهرنا والحصانة عند التماهي مع الأنظمة القائمة من أجل الحصول على شريك أو القبول في الوظيفة أو الحصول على إطراء ومجاملة. أولى حارسات النظام الأبوي ودعامات النظام الرأسمالي هن الأمهات بشكل واعي أو غير واعي فهن يردن لبناتهنّ النجاة.

 الكثيرات منا يشتركنّ في ذكرى تعرضنا للضرب بالمشط أثناء تسليك وتسريح الشعر ربما بدأنا بتكوين مشاعر في هذا السن حول ماذا يمثله المظهر حتى نضرب من أجله. البعض منهنّ يجلبنّ مستحضرات الفرد لبناتهنّ. تستخدم الأمهات ونساء العائلة تعابير سالبة لوصف شعر بناتهن (قرقدى) (شَعرك زي سلك اللماع) (شَعرك منكوش زي المقشة) بغرض تحريض بناتهنّ للتخلص من نوعية هذا الشعر.ومن ثم عبر المدرسة، الجامعة والشارع مما يضطر الفتيات إلى فرد شعرهنّ وقد يتحول الى ركض مستمر ومرهق من أجل التوافق مع معايير الجمال هذه .. “أمي وخالاتي دايما بيقولو لي جملة كدا انو انت لونك غامق. وما عندك غير شعرك دا، بتقصيهوا مالك؟ ويعايروني بي إثنيات أخرى مثلا (فلاتية بس، جنوبية بس وهكذا) إن استخدام العوامل الاقتصادية والأيديولوجية والعنف من أجل إعادة  تشكيل المجتمعات السودانية، بعد الاستقلال من قبل القوميين العرب والإسلاميين و تحديد المواطنة عبر “الأمة والثقافة العربية الإسلامية” فقط. فتم عبر سياسات الدولة الأبوية العسكرية خصخصة الاقتصاد وإزالة المساحات الفكرية والفنية في حماية لأيديولوجية “الانصهار في البوتقة” ذات الفلسفة التوحيدية، الشكل الواحد، اللغة الواحدة والدين الواحد. 

العيش مع قصص الطفولة المُثقلة بما يجب أن نكون ليتم تقبلونا. حَامِلات “ذنب” و”وصمة” الشعر الأفريقي تشاركنى آخرى: “بتذكر وأنا في الأساس كنت في مدرسة في الحاج يوسف {حي في محلية بحرى شرق الخرطوم} وكان وقت الفسحة أصعب وقت لي لأن ما بلقى زول ألعب معاه. ببساطة كان عشان اشترك في لعبه لازم شعري يكون طويل وناعم. ما حصل حكيت الحكاية دي لزول بس بقت لي عقده لفترة طويله جدا من حياتي لحدي ما أخيرا في السنوات الأخيرة دي مفهوم الناس للشَعر الأفريقي اتغير وبقى في تقبل”.أن تبنى نظرة المركزيات المُستعمِره الأوروبية والعربية، كأداة للحط من بعضنا بعضاً تحكي تواريخ غير رسمية و حكايات تحملها الذاكرة والأجساد. 

خارج الجغرافيات التي شكلها المخيال المدني، الشَعر تعبير ثقافي، طبقي، إجتماعي وعمري أيضاَ  تكتب: “بالنسبه لي أنا من قبيلة كنانه أغلب الرقصات حقت القبيلة تعتمد على هز الرأس والتفاخر بالشعر، متذكره وأنا صغيرة كان كل ما يكون في مناسبة بتلقى البنات بجهزوا لها من بدري وبمشطوا شعرهم وفي نهاية الشعر بختوا حاجة اسمها الدلز وهي عبارة عن شمع نحل مع بعض الأعشاب ودا كان يساعد في الرقيص وتحريك الشعر بانسيابيه“. أثناء حديثي مع صديقة أخبرتني أن الشعر في شرق السودان و بين قبائل البجا تعبير عن المجاملة والتضامن أثناء طقوس العرس، تمشط النساء لشعرهن عبر طريقة السولييت .. هذه الحكاوي المتعددة التي تخبر عن ثقافات، احتفالات، تواريخ اجتماعية لمجموعات متعدد. تراجعت في مقابل الشكل الذي أنتجته جغرافية الوسط السياسية، الدينية، والإثنية. 

رغم فرض الحجاب من الدولة إلا أن هناك من اخترنّ الحجاب لأسباب دينية وعقائدية. لكن هناك أيضاً من إخترنّه لتفادى “الشكل المختلف” أعرف عدد من السودانيات المسيحيات يرتدين (الطرحة) الحجاب بسبب قوانين الدولة في الشارع وداخل المؤسسات. أو خيار للبعض من لا يستطعنّ دفع تكاليف الكوافير الأسبوعية أو شراء مستلزمات العناية بالشعر .. فتكتب “تحت الطرحة الناس ما بتشوف شعرنا المختلف”. تضيف آخرى “في الثانوي والجامعة كنت بلبس طرحة عشان كنت حاسة شعري شين{قبيح}”. تأثر هذه الهيمنة على تفاصيل خياراتنا وتصوراتنا عن أنفسنا. نراقب ذواتنا تتشكل حسب المكان من أجل النجاة “يعني المشاط اللى بعملوا في شرق السودان ما بقدر أعملوا في الخرطوم لأن ما عملي وما بنفع أطلع بيهو أي مشوار .. كذلك الكيرلي الممكن أعملوا في الخرطوم ما بقدر أمشي بيهو شرق السودان لأنو بقولوا مجنونة وكدا يعني”.

أمين الرشيد

في البحث عن علاقتنا بالمكان أيضا،أين نحلق شعرنا؟ ومن يحلق شعرنا؟ ربما تجربتي في اختبار أماكن حلاقة الشعر وأدواته مختلفة عن هذه الرواية التى تقول:”حلقت شعري لمرة واحدة.. ولمن مشيت أحلقو فتشت كم كوافير مالقيت فيهم غير قص لأنهم بقولوا ما بعرفوا يحلقوا وماعندهم ماكينات حلاقة اخر كوفير مشيتو مديرة الكوافير قالت في صالون قصاد الكوافير بحلق ممكن تكلموا يحلق لي وعندو مكان فوق مخصص للنسوان.. أنا وافقت بعد تردد لأن عارفة بعد أدخل الصالون حايكون في نظرة استغراب فطلبت من بت عمي تجيني وتدخل معاي لأني كنت خايفة تحصل لي حاجة جوا الصالون وجات هي وصديق ليها حتى قدرت أدخل وحلقت لأن عجبتني صور لشعر نسوان أفريقيات محلوق” .. ربما لأنى كنت أكثر حظاً، أخي كان ولازال يحلق لى شعرى فى المنزل. الكثيرات الآن يأخذنّ صور “السيلفي” وهنّ يحلقنّ رؤوسهنّ داخل هذه الصالونات الحلاقة الرجالية ويضعنها على صفحاتهنّ الشخصية في منصات التواصل الاجتماعي.

ظهور/تواجد أشكال متعددة للطريقة التي تصفف بها الفتيات شعورهنّ في تحدي للمعايير المهيمنة للجمال بشكله الأوروبي والعربي أيضاً في الحالة السودانية. كما إعادة تعريف لما هو الشعر “الجميل” المرادف للأنوثة. عندما تواجه خياراتنا بفضاءات معسكره.حين يتم تعريف المدينة بمعايير الذكورة المعسكرة، حيث يُستخدم خطاب النظام العام وإنتاج العقول البوليسية. يتضح في حديثها حين كتبت: “ممكن أتعرض لتحرش لو أنا ماشة منزلة الطرحة ومافى زول في الشارع حيقيف معاي بـ مبرر، أنا زولة ما محترمة وبمعنى أدق استخدموا لفظ “شرموطة” وما في قانون حيقيف معاي. ولو حكيت لأسرتي ما ح يقفوا معي.. وممكن يعنفوني ويقولوا انا فاكه شعري عشان الفت نظر الرجال.. ممكن نقول الثورة أثرت بأني أحلق شعري كجزء من المقاومة ومحاولة كسر الصورة النمطية لشكل وشعر السودانيات جزء من مقاومة الأسرة.. جزء من المقاومة لحاجات كتيرة، وبمشطوا بـ شعر كجزء من الهوية الأفريقية وبرضو بمفهوم الحركة الاجتماعية بتاعت الراستات بالنسبة الأوضاع الاقتصادية بتأثر لأنى مثلا ما أقدر أسرح كيرلي لأن سعر الجل أو الكريم غالي”.



Source link

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى