كتّاب

سيناء التي استردتها دماء الفقراء، وضيعها مبارك…


سيناء التي استردتها دماء الفقراء، وضيعها مبارك
منذ سنوات قليلة كنت أنا وصديقي ناجي أرتين في رحلة لصيد السمك من مارينا الكُنيّسة قبل شرم الشيخ.. وعند نقطة تفتيش “الطور” لاحظت نحو عشرة اتناشر شاب يقفون في ملل يحدقون في الفراغ.. سألت صديقي من هؤلاء الشباب؟ فقال لي شباب من الوادي ويعمل في قرى وفنادق شرم ودهب ونويبع ويستوقفهم الأمن هنا ليتحري عنهم.. أو يسأل الفنادق التي قالوا انهم يعملون بها ومن يسعده الحظ ينطلق للعمل ك” زهورات”. ومن لا يسعده الحظ يظل واقفا منتظرا أو يعود بخفي حنين، هنا لعنت مبارك وزمنه الأغبر فهؤلاء الشباب في عمر أولادي هم من دفع آباؤهم دمائهم الذكية ثمنا لاسترداد سيناء، التي ضيعها في زمنهم “مبارك” . فكيف؟
لا يستطيع أحد وصف مشاعرنا عندما قفزنا إلى أرض سيناء بعد انتهاء معارك أكتوبر ٧٣..فمنا الذين سجدو يقبلون الرمال ويبللوها بدموعهم. والذين يغسلون وجوههم بالرمال ويحثوها على رؤوسهم. والدموع التي تختلط بالصرخات.. وحرصنا جميعا أن نصحب في عودتنا بعض فوارغ المقذوفات النارية كأنها أوسمة الشرف، وحمل عدة أحفنة من رمالها الطاهرة ليراها المحبين ومحظوظ من ينال منها مثل “تلقيمة الشاى”. لأن احتلال الصهاينة لسيناء كان جرحنا النازف، طلاب وعمال ومثقفين وناس عادية، طوال ست سنوات كئيبة.
المهم استرددنا سيناء وبدلا من أن يسعى مبارك لعمل خطة تنموية طموحة تسعي لعمل علاقة عضوية بين سكان وشباب سيناء ومواردها الطبيعية الثرية من شواطئ فريدة وشعاب مرجانية وأسماك ليس لها مثيل وبترول وغاز وأشجار نخيل وزيتون ونباتات عطرية وعلاجية وثروة نادرة من المعادن والفيروز والرخام.. وإمكانيات سياحية هائلة، عن طريق تعليم فني بسيط ومناسب، بدلا من كل هذا.. قام بتقطيع شواطئ خليجي السويس والعاقبة كقطع أراض. والمتاجرة فيها مع عصاباته، لتتحول الي قرى سياحية وفنادق.. ويطرد من سواحلها كلها شباب سيناء الذين رائحوا يأسون على شواطئهم التي انتزعت منهم.. ويبني مبارك قلعته المنيفة على شواطئ شرم الشيخ ليعيش معظم أيامه هناك مستمتعا برمالها الذهبية ومياهها اللازوردية.. غير عابئ لا بتنمية ولا شعب ولا يحزنون.. مطمئنا لحماية إسرائيل من الشرق.. ومسلما شمالها للجماعات الإرهابية ليتوطنوا فيها ويقيموا مجتمعاتهم ويفرضوا على الناس قوانينهم.. شريطة ألا يقضوا مضجعه الهادئ في الجنوب.. وهكذا ضيعها مبارك…

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى