مفكرون

سيد القمني…


سيد القمني
اعداؤك ياوطني : الموضوع الخامس

لو لزم القول بأن مصر دولة إسلامية للزم التوضيح هل هي شيعية أم سنية ، وهابية أم حنفية أم إخوانجية أم طالبانية ، وقد اختاروها طالبانية بالمادة المفسرة التي تقصر التشريع على أهل السنة والجماعة ] ، بينما تظل الدولة المصرية مصرية حتى لو سكنها الجان من أي ملة أو عنصر . و لو كانت الدولة ضمن اهتمامات الدين الإسلامي ، ولو كان سلفهم الصالح على قناعة بدولة إسلام ، لقاموا هم بتعريف هذه الدولة المسلمة و أجابوا هم عن السؤال ، و هم لم يقولوا في ذلك شيئا ، و هم الأعلون ، فهل من حق الإخوان والسلفيون أن يقولوا ؟ ثم ما حكاية : ( إسلامية بالأغلبية ) حسب المبدأ الديموقراطي ؟ فمتى آمن الإخوان وبقية الفرق بالديموقراطية ؟ و من أين حصلوا عليها ؟ و هي غير موجودة في الإسلام و لم يعرفها سلفهم الصالح و لا النبي ، لأنها لو كانت موجودة لكانت دولة الخلافة دولة غير إسلامية بحكم الأغلبية غير المسلمة من شعوب البلاد المفتوحة . إن سلفية الديموقراطية لا تعود إلى الحجاز إنما تعود إلى أثينا و روما قبل ظهور الإسلام بقرون طوال تصل إلى الألف عام ، و لم تعرفها بلاد الحجاز من يومها و حتى يومنا هذا !!!
في نظام الحكم الخليفي ليس هناك شئ اسمه الديموقراطية ، لا يعرف أغلبية و أقلية ، لأنه لا يوجد شئ اسمه رأي الرعية ، بدليل أن الأقلية العربية هي التي كانت تحكم بمشاركة الفقهاء فقط و لا وجود للرعية . الخليفة عثمان كان يتصرف دون أن يأخذ رأي أغلبية أو أقلية .و قتله بعض المسلمين من خيار الصحابة و أبناء الصحابة دون أن يأخذوا رأي أغلبية و لا أقلية و دون أن تخرجهم جريمة قتل الإمام من الملة ودون أن توقع عليهم أي عقوبة ، فهذا القتل هو الوحيد في تاريخ المسلمين الذي لا يأثم فيه المسلم إن قتل مسلماً من أجل الجاه أو السلطان ، أو المال حتى لو كان صحابيا وحتى لو كان من المبشرين بالجنة وحتى لو كان ذي النورين وحتى لو كان خليفة راشدا . و كان القتلة رعية عرب مسلمين يقومون بمهمة نشر الإسلام في مصر ، فلما علموا أن هناك أموالاً تؤخذ و مناصب توزع ، تركوا مهمتهم السامية و عادوا إلى يثرب يطالبون بنصيبهم حتى قتلوا خليفتهم ، فهل هذه هي الديموقراطية و تلك هي الدولة التي يقصدها دعاة الدولة الدينية ؟ أم تراهم يرون أن دولتهم ستكون أكثر إسلاماً و أقل عيوباً من دولة الراشدين ؟
لو كان هناك رأي لأغلبية لأخذ أبو بكر و هو خليفة برأي الصحابة و علي رأسهم عمر بعدم قتال مانعي الزكاة ، و لما أنفذ رأيه المتفرد و أعلن عليهم الحرب على عدم رغبة الأغلبية من كبار الصحابة .
لو كان هناك أي اعتبار لمعنى الأغلبية لأخذ الخليفة عمر برأي تسعة من عشرة من خيار الصحابة استشارهم في قيادته لجيوش الفتوح بنفسه ، و قالوا بوجوب إمارته للجيوش ، لكنه أخذ برأي العاشر وحده ، و هو عبد الرحمن بن عوف الذي قال بوجوب بقاء الخليفة سيداً للمدينة ، و إرسال الجيوش تحت قيادات أخرى ، و لم يأخذ برأي التسعة .
إن الإسلام كما نعلم عنه جميعاً هو علاقة عبد بخالقه و لا علاقة له بدولة و لا حكومة و لا سياسة ، لو كان مهتماً بذلك لوضع شكلاً محدداً لنظام الحكم و مؤسساته ، و طرق تبادل السلطة ، و أساليب توزيع الثروة ، و لما تقاتل الصحابة الأجلاء على الأموال المجلوبة من البلاد المفتوحة كل هذا القتال وقتلوا بعضهم بعضا، لأنه كان سيكون لديهم طرقاً سياسية مقدسة محددة تحدد الأنصبة سلفاً لكل مسلم ، لكن لأن ذلك كله لم يكن في الإسلام ، فقد حدثت الفتنة الكبرى ، و عندما تم التعامل مع الدين في السياسة لم يكن أبداً لصالح الدين ، و ألحق أفدح الضرر بالسياسة ، مما أدى لمقتل عثمان و بداية الفتنة الكبرى ، و محاربة عائشة أم المؤمنين لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، و محاربة كاتب الوحي معاوية لعلي مكرم الوجه ، و محاربة الخوارج لكليهما ، بل و انقسام دين المسلمين إلى قسمين لا يلتقيان و لا يلتئمان أبداً : شيعة و سنة و يستبيحون دماء بعضهم البعض و كلاهما مسلم ؟ !! ، و لأن نظام الحكم لم يكن اهتماماً إسلامياً تمت استباحة مدينة رسول الله ثلاثة أيام في وقعة الحرة ، الكريهة ، و تم ضرب الكعبة و حرقها بالمنجنيق على المتحصنين فيها . كل هذه الأضرار الفوادح لحقت بالدين عندما تم إلحاقه بالسياسة و هو غير مشغول بها ، مما أدى إلى ضرر مماثل على الجانب السياسي .
و لأن الإسلام لم يهتم بمسألة أنظمة الحكم و الإدارة ، فقد ترك المسلمون الفاتحون البلاد المفتوحة تدار كما كانت تدار بالأساليب الرومانية و الساسانية ، و هي أساليب غير إسلامية اخترعتها شعوب غير عربية و غير مسلمة منذ قرون طويلة ، بل و أمر الخليفة عمر بإنشاء دواوينا عربية لإدارة إمبراطوريته هي نموذج لما كان في السابق في دولتي الفرس و الروم .
#سيد_القمني
#ادمن_Mustafa

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى