كتّاب

سمارة والأسمر والأسمرانى فى الأغنية المصرية…


سمارة والأسمر والأسمرانى فى الأغنية المصرية
“السمراء” هى أقدم أسماء مصر، وتنطق بالهيروغليفية “كيميت” ويأتى هذا الاسم متسقا مع انتماء مصر للقارة السمراء افريقية، وللنيل الافريقي العظيم ومياهه السمراء التى تأت من قلب القارة، ولقد كانت علاقة الحضارة والدولة المصرية القديمة بالجنوب الافريقي تقوم على العطاء والتعاون والحماية على عكس علاقتها بآسيا وشعوبها المعادية: حيثيين وآشوريين وفرس وهكسوس، فالملك خوفو يرسل البعثات الى قلب افريقيا لاكتشاف منابع النيل وبناء مقاييسه، والأبقار المصرية والتى تشبه قرونها ذراعى “الكا” المصرية هى أبقار إفريقية، وحتشبسوت ترسل سفنها لبلاد بونت لتحمل إليها البخور واللبان والصمغ والعاج وريش النعام والأبنوس وغيرها من خيرات وعجائب إفريقية، وكان الجنوب النوبى والافريقى هو الملاذ الآمن للدولة المصرية فى مواجهة غزوات الآسيويين من الشرق، وأحب أن أشير هنا إلى أن اللون “الأسمر” لا يعنى فى المصطلح المصرى القديم: الأسود المخفف أو الفاتح، وإنما اللون الأسمر يعنى مانسمية بمصطلحاتنا اليوم “القمحى” سواء الفاتح منه كلون النساء أو الغامق مثل لون الرجال فى الرسوم التقليدية الكلاسيكية على جدران المقابر وأوراق البردى الفرعونية ولا أعرف أى عبقرية تلك التى ربطت بين لون طمى النيل “الطوبى الفاتح” أثناء الفيضان، ولون البشر المرسومين، وقد شاهدت أنا بنفسى هذا الطمى وسبحت فيه قبل أن يحجز السد العالى مياة الفيضان منذ سنة 1964، فتهدأ ويترسب طميها فى بحيرة ناصر خلفه، ولا أعرف كيف انتقلت نفس العبقرية لكى تقوم بتلوين كل مساجدنا بنفس اللونين الطوبى الفاتح والطوبى الغامق فى خطوط أفقية من أسفل المسجد إلى شرافاته أو عرائسه فى أعلاه
وقد احتفت الاغنية المصرية بالسمار ومختلف مشتقاته ومن النادر أن تجد مغنيا لم يغن للسمار وللسمراء ولسمارة، ولتكن البداية كما تعودت مع سيد درويش الذى يغنى، من الفلكلور القديم بعد أن صحفها: “طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة/ يللا بنا نملا ونحلب لبن الجاموسة/ قاعد على الساقية ياخلى/ أسمر وحليوة عوج الطاقية وقاللى غنيلي غنيوة”، ويغنى الشيخ إمام من كلمات نجم قاصدا مصر السمراء فعلا: “يسبق سلامنا كلامنا يطوف ع السامعين معنا/ عصفور محندق يزقزق كلام موزون وله معنى/ عن أرض سمرا وقمرا وضفة ونهر ومراكب/ ورفاق مسيرة عسيرة وصورة حشد ومواكب/ فى عيون صبية بهية عليها الكلمة والمعنى”، ويغنى محمد عبد الوهاب للنيل الأسمر من كلمات أحمد شوقى: “النيل نجاشى حليوة أسمر عجب للونه دهب ومرمر أرغوله فى ايده/ يسبح لسيده حياة بلادنا يارب زيده” وتغنى منيرة المهدية: ” أسمر ملك روحى يا حبيبى تعالى بالعجل/ مسافر على فين وواخد مهجتى يا حبيبى وياك” أما عبد الحليم حافظ فيغنى للنيل أيضا من كلمات سمير محجوب ولحن الموجى: “ياتبر سايل بين شطين يا حاو يا أسمر/ لولا سمارك جوه العين ما كات تنور يا حلو يا اسمر/ الدنيا من بعدك مرة يا ساقى وادينا الحياة/ دا اللى يدوق طعمك مرة بالمستحيل أبدا ينساك”، كما يغنى عبد الحليم للأمير عبد الله الفيصل: “سمراء يا حلم الطفولة يا منية النفس العليلة/ كيف الوصول إلى حماك وليس لى فى الأمر حيلة/ وسيلتى قلب به مثواك ان عزت وسيلة/ فلترحمى خفقانه لك واسمعى ترتيله” ويبدو أن لعبد الحليم نصيب وافر من الغناء للسمر فغنى: “أسمر يا اسمرانى ايه قساك عليا/ لو ترضى بهوانى برضه انت اللى ليا/ بتزيد عذابى ليه ويهون شبابى ليه ويطول غيابك ليه/ قللى ليه قاسى ليه يا أسمر” أما نجاة الصغيرة فغنت للنيل الأسمرانى من كلمات مرسى جميل عزيز ولحن محمود الشريف: “عطشان يا اسمرانى محبة إملالى القنانى محبة يا نيل يا أسمرانى/ يا عز الحبايب يا اسمر عطشان والهوى عطشان/شرباتك يا ورد وسكر اسقينى كمان وكمان/ اسقينى على طول ولا تسأل فى عزول اسقينى وانا اقول يا نيل يا اسمرانى” كما غنت نجاة أيضا:” سمارة ليه الحلو بيتدارى دوبنى فى دموع الشوق خلى عيونى سهارة سماره/ليالى وليالى يا قلبى قضيتها فى حيرة/اطفى اشتياقى ونارى بدموعى الكتيرة” ولكن يبدو ان شادية قد غنت للسمار كثيرا فمن أغانيها: “والله ان ماسمريت يا عنب بلدنا لاجرى واندهلك ولاد بلدنا/ اسمر وطيب يا ابو امر غريب ياعنب” كما تغنى:” آه يا اسمرانى اللون حبيبى يا اسمرانى/ ياعيونى نسيانى عيون حبيبى يا اسمرانى” كما تغنى من كلمات محمد حمزة ولحن بليغ حمدى فى الاغنية التى غنتها مصر ليلى انتصار ثورة يناير:”يابلادى يا احلى البلاد يابلادى/فداكى انا والولاد يابلادى/ماشفش الرجال السمر الشداد فوق كل المحن/ ولا شاف العناد فى عيون الولاد وتحدى الزمن”، أما صباح فقد غنت للأسمر أغنية لها قصة، فقد كان كاتبها الشاعر سمير محجوب أسمر اللون فعلا، ذهب لخطبة فتاة فاعجبتها شخصيته وثقافته غير انها رفضته لسماره، فتركها وكتب الأغنية التى لحنها الموجى: “أسمر أسمر طيب ماله ولا سماره سر جماله/ مدام حبيبنا وحيناسبنا ماله ماله الاسمر/مافيش فى الدنيا جماله ولا حتى رقته/ خلاص انا قلبى اختاره ودا بختى وقسمتى”، ويغنى محمد قنديل لعبد المنعم السباعى: “جميل واسمر شغل قلبى بكام نظرة/ تقول سكر اقول اكتر من السكر ميتين مرة/ جميل واسمر وطبعه عنيد اقرب له يروحلى بعيد/ ويوعدنى ومالوش مواعيد ويوم ما يجينى يتأخر” وتغنى نجاح سلام:”بدى عريس اسمر عربى شرط من المتحدة/بدى خدودى تفاح شامى وبدى شفايفه فستق حلبى/ يا مين يلبيلى طلبى” كما تغنى:” الشاب الاسمر جننى يا عيونى/ سرق لى عقلى منى غيره مابهوى شبان/ مابريده يبعد عنى دخيل الله”، كما تغنى فايدة كامل للحبروك والشريف:”ياواد يا سمارة يا فايت دموعى للفجر حيارى/يافايت ضلوعى من نارى سهارى” ولسعاد محمد من تأليف الابيارى ولحن عبد الوهاب:”قالوا البياض احلى ولا السمار أحلى/قلت اللى شارينى جوه العيون يحلى/لما رمانى الهوى يا اسمر وحبيتك/ لقيتك انت الدوا وفى قلبى خبيتك” ويغنى عبد الغنى السيد: “البيض الأمارة جنوا وظلمونى/ والسمر العذارى ياريت ينصفونى/البيض جرحونى برمش العيون/ راحم وفاتونى لنار الظنون/ يابدر تحت سماك عليل وعز دواه/ امانة تبعت ضياك للى ظلمنى هواه” ويغنى عبد العزيز محمود من كلمات مرسي جميل عزيز:”يا اسمر يا جميل يا ابو الخلاخيل يللى المنديل راح ياخد من خدك حتة/ ساعة مابشوف العود ملفوف لو مافيها كسوف كنت اجرى وراك حتة بحتة” ويغنى محرم فؤاد لميشيل طعمة:” ابحث عن سمراء قامتها هيفاء/ تسكن فى قلبى تمشى على دربى بصفاء وحياء” ويغنى محمد منير من الفلكلور:”آه ياللى ياللى يا ابو العيون السود ياخلى/دول عيرونى وقالولى يا اسمر اللون ياللى/ صحيح انا اسمر وكل البيض يحبونى يالاللى” وتغنى شريفة فاضل من كلمات الريس بيرة:”اسمر ياسماره يا ابودم خفيف حبيتك يا سمارة وانا قلبى ضعيف/اول ماشافنا وكلمنا اسمر اسمر/برمش العين يابا سلمنا اسمر اسمر/سهرنا الليل ولا نيمنا ابو ضحكة حلوة ووجه لطيف” ونختتم هذه الباقة برائعة مرسى جميل عزيز والموجى وغناء فايزة احمد:” يا الأسمرانى رمشك نادانى ماعرف جرحنى ولا داوانى/يا الاسمرانى كان بالى خالى والحب عمره ما جاش فى بالى/من يوم ماشفتك ماعرفش مالى الحب جانى والنوم جفانى يا الأسمرانى” وتستمر عجائب الغناء المصرى وقدرته التعبيرية العجيبة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى