كتّاب

زمان لبنان الفيروزى:…


زمان لبنان الفيروزى:
كما غنته فيروز
“بدى أرجع بنت صغيرة على سطح الجيران”
سنة 1935، كانت مختلف البلاد العربية ومنها لبنان تخضع للاحتلال الأجنبى، ومثل الخلاص من المحتل الأجنبى وإبطال حجته فى حماية هذه الطائفة أو تلك هدفا أسمى للناس جميعا على اختلاف طوائفهم فحل بينهم الوئام والسلام والتسامح والتعاضد، وتجلت قيم الشهامة والمروءة بين الناس جميعا، فى هذا الوقت ولدت فيروز لمطبعجى كاثوليكى فقير وأم مارونية، وتفتح وعيها على الجارة التى تحممها وتمشط شعرها هى وإخوتها تعاطفا مع أسرتها الفقيرة، والجيران الذين يتناولون طعامهم معا، ويتقاسمون الألم والسرور وكأنهم عيلة واحدة،
وبعد الاستقلال أسفرت سياسة المحاصصة الطائفية عن وجهها البغيض فراحت كل طائفة تصطنع أبطالها ورموزها وتتمترس خلف مصالحها وتحدد توجهاتها الخاصة، فاشتعلت أزمة 1958 الطائفية، وفى سنة 1975 اشتعلت فى لبنان واحدة من أبشع الحروب الأهلية فى العصر الحديث وراح الجيران التى كانت بيوتهم مفتوحة على بعض يحتازون الأسلحة ويوجهونها إلى صدور بعضهم البعض، وراح القناصة يكمنوا ليقتلوا على الهوية، وراح سني يقتل شيعيا، وشيعى يقتل مارونيا ومارونى يقتل درزيا
ومن هنا راحت فيروز تحن وتشتاق إلى الزمن الجميل: زمن الحب والبراءة والناس الطيبين الذين كانت ضحكاتهم الصافية الرنانة من كل قلوبهم تملأ أسماع الدنيا، ومن هنا راح ذلك الزمن الجميل يمثل البطل الرومانتيكى فى أغلب أغانى فيروز ومن هنا راحت تتناثر فى أغانيها الكلمات التى تشير للزمن مثل: ” كان وكنا وكانوا، وصار وبعدك وأول وآخر ونهار وليل وشمس وقمر وعشية ويوم وايام وصبحية ومسا والعتيق والعيد والعمر وصيف وصيفية وشتا وشتوية والخريف والربيع وسنة وسنين وزمان واتذكر ونطرتط “انتظرتك” وفايق “فاكر”
فتسعد فيروز وهى تغنى: “رجعت ليالى زمان رجعوا أهالينا.. رجعوا حبايب زمان يتحكموا فينا”، وتتمنى الرجوع لزمن اللهو “طيرى يا طيارة طيرى يا ورق وخيطان .. بدى ارجع بنت صغيرة على سطح الجيران”، وتتذكر “فايق ياهو يوم كنا سوا.. فايق لما راحو اهالينا مشوار تركونا وراحو وقالوا ولاد صغار .. ودارت بينا الدار نحنا ولاد الصغار” وترسل لحبيب سلام: “سلملى عليه قولو انى بسلم عليه.. قولو عيونو مش فجأة بينتسو .. ضحكات عيونو ثابتين ما بينقصو .. مادرى شيبوه”، وتتمنى أن تظل صغيرة وتختبئ من الزمن: “يادراه دورى فينا .. تعا تا نتخبى من درب الاعمار .. واذا هنى كبروا نحنا بقينا صغار.. سألونا وين كنتوا وليش ما كبرتوا انتو.. منقلن نسينا.. واللى نادى الناس تيكبرو الناس.. راح ونسي ينادينا”، وتتمنى ان ينساها الزمان: “راجعين ياهوى راجعين يازهرة المساكين.. بنودع زمان بنروح لزمان .. ينسانا على ارض النسيان” أما تحفتها “شادى” التى تسمى باسمه مئات الآلاف من المصريين: فهى فيها تظل تعيش مع شادى وهو يلعب على الثلج منذ عشرين عاما: “من زمان انا وصغيرة كان فى صبى يجى من الاحراش.. العب انا وياه كان اسمه شادى .. وشادى ركض يتفرج وانا صرت اصرخ وينك رايح ياشادى.. ومن يومها ماعدت شفته ضاع شادى.. وانا صرت اكبر وشادى بعده صغير عم يلعب ع التلج”، وتشعر بحنين جارف لحبيب بعيد فى الزمان: “انا عندى حنين مابعرف لمين.. ليلى بيخطفنى من بين السهرانين .. بيصير يمشينى لبعيد يودينى.. تا اعرف لمين وما بعرف لمين.. انا خوفى ياحبى لتكون بعدك حبى .. ومتهيالى نسيتك وانت مخبى بقلبى” وتخاف فعل الزمن القاسى: “حبيتك بالصيف حبيتك بالشتى.. مرقت الغريبة عطيتنى رسالة كتبها حبيبى بالدمع الحزين.. فتحت الرسالة حروفها ضايعين ومرقت ايام وغربتنا سنين.. وحروف الرسالة محاها الشتى” وتذكر الحبيب الناسى: “كتبنا ومكتبنا وياخسارة ماكتبنا كتبنا ميت مكتوب ولهلق ماجاوبنا، وفى موالها التحفة:”يامالكين القلب لما النوى مالكن.. قلنا حباب لنا مين ياترى مالكن.. عودا قبل ما الجفا يغمر ليلى العمر.. غير الاحبة القدامى ع الوفا مالكن”، وتكتب للحبيب الناسى قصة عمرها على منديلها بخيطان السنارة: “يامرسال المراسيل ع الضيعة القريبة خدلى بدربك ها المنديل واعطيه لحبيبي.. وغنانى الصبيان السمر كتبتلو قصة عمر بدموعى الكتيبي خدلى بدربك ها المنديل واعطيه لحبيبي” ونختم تلك الباقة بالذين غابو فى الزمن ولكن عطرهم باق:” دقيت طل الورد ع الشباك.. وينها تلبك ما عاد يحكى.. ماتت لشو تخبر انا وياك.. وحدنا ياورد راح نبكى.. ودقيت ع الشباك بعد سنين.. قال علمتنى حلوة الحلوين ان فليت اترك عطرك بهالكون” .. هذه نسمة عابرة من عطر فيروز لبنان الذى سيبقى ما بقى الزمان…. يسعد اوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى