كتّاب

رواية: بستان المحبة لثريا السيد…


رواية: بستان المحبة لثريا السيد
يعتبر الاتجار بالبشر من أحط الأنشطة البشرية التى ارتبطت بالحروب الكبيرة للإمبراطوريات العسكرية القديمة، حيث كان الأسرى وابناء قتلى الحروب أول تلك السلع البشرية التى يتم بها البيع والشراء، ومع ارتفاع القيمة المادية لهؤلاء البشر وخاصة بعد تعدد طرق استخدامهم فى الأغراض المختلفة، تنوعت مصادر الحصول عليهم والتى كان من أهمهما صيد وخطف هؤلاء البشر من مواطنهم الأصلية
وفى مصر كان هناك طريق معروف تسلكه السفن التى تحمل الرقيق من من مناطق اختطافهم من قلب إفريقيا والسودان حتى أسواقهم فى ميدان القلعة ووكالة الجلابة
ورغم قدم ظاهرة الرق هذه إلا أنه كان من النادر أن تتوقف الكتابة الأدبية عند الخلفية الإنسانية لهؤلاء الرقيق المخطوفين من أوطانهم، وفى سنة 1976 أصدر الأديب الأمريكى “إليكس هيلى” روايته الرائعة “الجذور” التى يحكى فيها قصة اختطاف الفتى “كونتا كنتى” من إفريقيا ليعمل كرقيق فى مزارع المستعمرين البيض فى أمريكا
وفى مصر تناولت العديد من الأعمال الأدبية الخلفية الإنسانية لظاهرة الرقيق ومن تلك الأعمال “كتيبة سوداء” لمحمد المنسى قنديل، ورواية “صلوات العبيد” لعبد العزيز السماحى، ورواية “وادى الدوم” لعلاء فرغلى
ومنذ أيام صدرت رواية “بستان الحب” لثريا السيد” والتى تدور أحداثها بين الربع الأخير من القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين، والتى تتناول قصة “سندس” الفاتنة الحسناء السمراء، ابنة الباحث عن الذهب فى جبال البحر الأحمر فى السودان، والتى شغفت حبا “جماعى الخير” ابن قبيلة الدنكا فارعة الطول والراعى والزارع من جنوب السودان، فيتزوجها، وتستقبل سندس بكل الحب والتفاؤل حياتها الجديدة على بحر الغزال وسط الحياة النباتية والبرية شديدة الثراء وتستقبل مولودها الأول، ولكنها سرعان ما تقع هى ووليدها فى براثن تجار الرقيق المنزوعة الرحمة من قلوبهم فتعيش زمنا فى قعر سفينة حيث تعانى الاغتصاب المتكرر وموت وليدها ورؤية عملية “الخصى” التى تتم للفتيان المخطوفين اللذين سيعملون فى أجنحة الحريم فى قصور الأثرياء والحكام، وبعد عناء الرحلة يستقر بها المقام فى أبعدية “فخر الدين باشا” بالشرقية، ويكون قدوم سندس للأبعدية نذيرا بتحولات هائلة فى العلاقة بين الملاك والعاملين فى الأبعدية، فينجب صفى الدين فتاته الأثيرة والتى سماها “نفيسة” تيمنا بصاحبة البركات نفيسة العلم حفيدة الإمام الحسن، وسرعان ما تحل بركة سندس وأحلامها على نفيسة التى تصبح أعجوبة المزرعة، فتقيم العدل وتنصف الكادحين من عمال الأبعدية وفلاحيها، وتملك عيونا غريبة كعيون زرقاء اليمامة فتشاهد صورا من الماضى والمستقبل وتحلق لترى نفسها فى لوحات اللوفر
ويتحقق فى النهاية حلم سندس وفتاها – الذى لم تعرف له أبا – بالعودة، مكللة بالحرية إلى ذلك الشاطئ الذى فتحت عليه عيونها بين البحر اللازوردى وقمم جبال البحر الأحمر فى السودان
ولأن قضية الكاتبة هى العدل والحرية للبشر جميعا فقد قصدت إليها بأبسط الأساليب السردية وبلغة فصحى وسيطة بلا تقعر وتكلف، وبلا إغراق فى الرمزية والتخييلية والتورية، والرواية ممتعة بالفعل
يسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى