كتّاب

رمضان ومشاوير البهجة: كنافة وقطايف ( 2 )…


رمضان ومشاوير البهجة: كنافة وقطايف ( 2 )
بعد أن ينقضى من رمضان يومين ثلاثة، تخبرنا أمى بالاستعداد لمصاحبتها لعمل الكنافة والقطايف عند “عم مدبولى” صاحب فرن الكنافة، على رأس شارعنا، وهو عجلاتى ولكن لا أعلم ماهو الاتفاق الذى يجعله مسؤلا عن فرن الكنافة فى حينا ” درب سيدى صلاح” دونا عن غيره من البسطاء، فى مجتمع ودود وطيب، – لم يكن فى البلدة الصغيرة دكانا يبيع الكنافة ولا القطايف – المهم تأخذنا أمى بعد الإفطار أربعة من البنات والصبيان منا من يحمل حزمة قش وحطب ومن يحمل “مشنة” وحلة كبيرة ومن يحمل كيسا كبيرا من الدقيق، ونصل إلى عم مدبولى وفرنه وتأخذ أمى دورها بعد من سبقنا من نساء الحى، ويدور بينهن حديثا ودى باسم، وبينما الرجل منهمك فى تسوية الكنافة تبدأ أمى بتهيئة الدقيق ليكون عجينا لزجا للكنافة، بينما يختبر الرجل بأصابعه ولسانه لزوجة العجين وطعمه وهو يعطى تعليماته: دا خفيف أوى حطى شوية دقيق.. كمان كباية مية.. حبة ملح صغيرة.. حتى يقول: كده تمام
ويحين دور كنافتنا وننظر إلى الرجل وكأنة يصنع الأعاجيب فيملأ بالمغرفة كوز الكنافة ذو “البزابيز” فى أسفلة والتى يسدها بسبابته حتى يمتلأ، ثم ينحنى وهو يلف بكوزه على سطح صاجة الفرن السمراء حتى تمتلئ بخطوط الكنافة البيضاء الشهية على هيئة دوائر جميلة، وكأنها لوحة فنية ساحرة، وبعد دقيقة تكون قد استوت فيمد الرجل أصابعة بخفة ورشاقة ليلمها من على الصاج على هيئة شلة كبيرة من الخيط الأبيض ليضعها فى المشنة الموضوعة بجواره، بينما تجتهد أمى لمنعنا من أكلها نيئة، بينما كان طعمها ساخنة رائعا وشهيا بالنسبة لنا، ثم يأت دور القطايف. حتى ينتهى العجين
ونعود بحملنا الثمين وقد تقدم بنا الليل، وعندما نعلم أن أمى ستؤجل عمل الكنافة للغد، نلح عليها لعمل جزء منها الليلة حتى تستجيب
وعلى الرغم من أننى بعد ذلك قد أكلت الكنافة الثمينة الشامية والتركية بالفستق والبندق وعين الجمل وعسل النحل، فى دمشق وبيروت وبغداد، إلا أن كنافة عم مدبولى فى درب سيدى صلاح ستظل أشهى ما أكلت من كنافة
يسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى