الأقيال

رسالة موجهة إلى مجلس القياده الرئاسي ضمن مساعي “المبادرة…


رسالة موجهة إلى مجلس القياده الرئاسي ضمن مساعي “المبادرة الشعبيه ، في تشخيص الواقع واقتراح الحلول

مـصـطـفى مـحـمـود

الأخوه رئيس وأعضاء مجلس القياده الرئاسي
تحية يمنيه خالصة.،

بأجتياح مليشيا الحوثي الانقلابيه للعاصمه صنعاء واسقاط الدوله وخروج بعض المحافظات اليمنيه ووقوعها في قبضة جماعه سلاليه مسلحة قادمة من ثارات التاريخ الأمامي الكهنوتي المتخادم مع المشروع الايراني الخميني يكون اليمن قد بلغ نقطة تحوّل حاسمة في تأريخه السياسي المعاصر”

إن الكارثة المصيرية التي تعصف باليمن اليوم هي تمظهر غير مباشر لتراكم مريع لأزمات أخلاقية عصفت بالسلوك السياسي لكل أنواع السلطات التي حكمت اليمن خلال نصف قرن ، ولم تجد لها حلاً ولو جزئياً حتى اليوم.

الاخوة رئيس واعضاء مجلس القياده الرئاسي

أننا نؤمن أن إنقاذ اليمن كياناً وهويةً وحماية تنوعه الثقافي والبشري لا يمكن أن يُـشرَع بها دون التمسك ببديهيتين أساسيتين تغذي إحداهما الأخرى، ولا غنى عنهما لأي بناء فاعل منتظر هما:
1- إتخاذ مبدأ المواطنه القوميه معياراً وحيداً في أداء السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية.،
2- انبعاث الهوية اليمنيه الموحِّدة لمكونات المجتمع وفئاته.
كما نؤمن أن إنفاذ هاتين البديهيتين لإصلاح أوضاع البلاد المتدهورة على نحو غير مسبوق، منوط بآليتين واقعيتين متفاعلتين جدلياً:
– الأولى آلية دولتية تتعلق بأتنشأ هيئة رقابيه وتشريعيه تابعة لمكتب رئيس الجمهوريه مباشره .
– والثانية آلية مجتمعية تتصل بالعمل الثقافي بعيد المدى لتطوير الوعي الاجتماعي لدى الجماهير بقيم الهويه القوميه اليمنيه والولاء الوطني والعدل والحرية والتسامح والانتقاد الإيجابي.

ودون الخوض في سجال أكاديمي حول أصل ودلالات هذين المفهومين (المواطنة القوميه والهوية اليمنيه )، فإن في مبادرتنا هذه نتبنى رؤية واقعية وإجرائية لهما نابعة من خلاصة عملنا المدني في كافة ميادين العمل الرقابي والإصلاحي والتوعوي والتمكيني مع مختلف فئات الشعب ومؤسسات الدولة لسنوات طويله ، نلخصها بالسطور القادمة.

مبدأ الـمـواطـنة القوميه
1• لا يوجد معيار عقلاني موحد يكون جديراً بتحديد علاقة الفرد بالدولة والمجتمع سوى كونه “مواطناً قومياً» أي إنساناً ذا حقوق ومسؤوليات محددة ضمن إطار قانوني يوفر الحرية والعدالة الاجتماعية واذا لم توطن القوميه اليمنيه من الان فسوف تظل معايير الجنس أو العِرق أو الدين أو السلاله أو العقيدة أو الحزب او المنطقه وكل الهويات الفرعيه بديله عن الهويه القوميه الجامعه ، والهويات الفرعية كما تعلمون هدامه لا تصلح اعتمادها معياراً موحداً للقيمة البشرية العليا، فهي لا تعدو كونها تفاضلات وتفضيلات شخصية بحتة لا تحقق امتيازاً لفرد على حساب فرد آخر مهما كان حجم الجماعة الفرعية التي ينتمي إليها.

2• تتحقق روح المواطنة فعلاً لدى الفرد حين يصبح (قيلاً قومياً) في جوهره وسلوكه أي تنتفي لديه فكرة الهويات الغير وطنيه ومن المؤكد أن تحقيق مبدأ المواطنة القوميه يتطلب وعياً تأريخياً تراكمياً لدى الفرد من جهة، ونضجاً مؤسساتياً لدى الدولة من جهة أخرى.

3• لكن اليمن بسبب مليشيا الحوثي السلاليه يشهد اليوم نكوصاً مريعاً إلى هويات ما قبل المواطنة، مسختْ إلى حد كبير وعيَ الفرد اليمني بأهمية دوره القومي المواطني، وحشرته في عبثية صراعات مصطنعة، فأصبحت معايير الدين والطائفة والحزب والمنطقه والسلاله هي المحركة لسلوكه والمحددة لقيمته بتأثير الدولة والمجتمع معاً، دون أن يعني ذلك بالضرورة إزالة دوافعه المتأصلة لإعادة إنتاج هويته الوطنيه القوميه التي لها دينامياتها الموضوعية الكامنة.

4ـ قيم المواطنة القوميه تبرز وتسود كلما اشتدت النزعة الوطنية القوميه في البلدان الخارجة لتوها من صراعات الكهنوت والاستبداد ، والعكس صحيح أيضاً، أي كلما تراجعت الهوية القوميه انحسر معها الكبرياء الوطني مفتتاً قيم المواطنة فردياً ومجتمعياً ودولتياً. وهذا ما يحدث اليوم في اليمن بسبب التديين الحوثي السلالي الذي يقوم على عقيدة الاستئثار بالحقيقة والزمن والمصير، ولا يرى في الهوية اليمنيه إلا عائقاً أمام مشروعه الأساطيري . فلا فرصة أبداً لازدهار مبدأ المواطنة القوميه في ظل سيطرة سلطة سلاليه متأسلمه ،

5• إلى جانب كافة المكونات اليمنيه ، يدفع اليمنيون الفقراء ثمناً باهضاً إضافياً لتغييب مبدأ المواطنة القوميه ، بسبب افتقارها لقدرة التأثير السياسي والاعتباري للبقاء والتكيف وسط محيط طارد يمارس العنصريه والتمييز والإقصاء إلى أقصى الحدود.

الـــــــــوطنيـة الـقـــومـيـــــــه
1• الوطنية القوميه هي وعي الفرد بتجذره في ارض ذات حدود جغرافيه واقتناعه بانتمائه إلى جماعة تاريخية توفر له إطاراً عقلياً لإشباع حاجته إلى الأمن النفسي، ولتنظيم إدراكاته للعالم وتفاعلاته معه وتقييماته له، وللسعي نحو إنجاز أهداف مشتركة، دون أن يتعارض ذلك مع أهدافه الفردية وانتماءاته الفرعية الخاصة بالدين أو الطائفة أو العرق. وبذلك فالوطنية القوميه ليست خياراً رومانسياً بل ضرورة اجتماعية تطورية تحقق أشد اقتراب ممكن من الهوية البشرية المشتركة لبني آدم القاطنين في كيان جغرافي- سياسي معين.

2• كل الأحداث والمواقف الأزماتية التي أحاطت بالفرد اليمني خلال السنوات المنصرمة، باتت تدفعه باتجاه تفكيك هويته الوطنيه إلى ولاءات أو هويات فرعية لا عقلانية متصارعة بتأثير نزعة الجماعه الحوثيه السلاليه المتسلطه لتشكيل المجتمع اليمني على شاكلتها، أي محاولة تطييفه قسراً ثم استعباده عبر إخراجه من الهوية المسلمة المسالمة وإدخاله في هويةٍ تأسلمية متعصبة لمذهب آل البيت . هذا الصراع المصطنع أشاع على نحو واسع في الحياة اليومية قيمَ الكراهية والاستئثار والتفوق السلالي الزائف واحتكار الحقيقة والتكفير والتخوين حيال الآخر مهما كانت هويته، فكان أن أصبحت الجماعات الدينية [1] والعرقية[2] ذات الأقلية العددية وحتى الفئات المستضعفة اجتماعياً كالمهمشين والنساء والفقراء، هدفاً سهلاً لهذه الكراهية المنتشرة وكبشَ فداء “مناسب” يُسقِط عليه مجتمع الأكثرية إحباطاته وخيباته.

3• يحيلنا المشهد اليمني الحالي بقوة إلى حقيقة أن التدين الزائف لجماعة الحوثي أصبح الديناميةَ النفسية المركزية التي تمارس بها الهوية السلاليه وظيفتها الاجتماعية؛ إذ تسود الغرائز الفجة على العقل المستنير، وتتفوق النزعة الهدمية على النزعة البنائية في عموم الدولة والمجتمع، ويُشرعَنُ الفساد والأجرام في مقابل تسفيه النزاهة، ويجري تجذير عجز اليمني وعدميته واغترابه عن ذاته وعالمه، وتُمحى على نحو منظم ذاكرته الثقافية- التأريخية الآنية والمستقبلية لتُستَبدَلَ بذاكرة سلاليه تعصبية عن ماضٍ خرائبي وهمي.

4• ولذلك، فالمجتمع اليمني ضحية لكل ما حدث ويحدث اليوم، إذ جرى تزييف وعيه، وهدم ثقافته السياسية، وتدمير وطنه وشفط أمواله عبر تعميته بخلافات خاصه بالسلاله الهاشميه عمرها عشرات القرون، لينكفيء على نفسه فاقداً أي فاعلية في التأثير في الأحداث، بل مُستَدرَجاً ضد إرادته إلى كوارث ومآسي لا حدود لها، ليؤكد ارتهانه لمليشيا سلاليه اجراميه عمياء تقوده من مذبح إلى مذبح وتجعله هازماً لذاته. و بات اليمنيين ضحايا لصراع سلطه سلاليه دينيه ارهابيه تريد فرض أساطيرها الدموية. على المجتمع اليمني

وتبعاً لما تقدم، فإن مظاهر تقويض مبدأ الهويه الواطنة القوميه أو أساليب إعلائهما، يمكن تحديدهما بما يأتي من تشخيصات وتوصيات:

مقوضات الهويه الوطنيه القوميه

1- غياب الدوله :
• في اليمن جعل المليشيات تتصرف بعقلية أماميه كهنوتيه استعلائية موروثة من الحقبة السياسية الآماميه ، وكأنها هي سبب وجود المجتمع اليمني لا العكس. إنها سلطات الاجرام والبطش والعنف و المغانم ، تكره التخطيط والشفافية، تقدس الهدر والتبذير لصالح قذاداتها ، تمارس الفساد المالي والسياسي والإداري وكل فساد الاخلاقي إلى أقصاه بمسميات الفضيلة والدين والواجب والوطنية. وكل هذا دفع الناس الى مزيد من الاغتراب عن وجودهم الاجتماعي، فأمسوا كارهين لبلدهم ، وفاقدين الوعي بأهمية مواطنتهم، وعازفين عن التمسك بهويتهم اليمنيه ومحتمين بولاءات فرعية ما قبل مدنية لصيانة وجودهم الفيزيقي فحسب بعيداً عن اعتناق أي مشروع وطني أو إنساني ذي معنى وغاية.

2• على الرغم من المأساوية الهائلة التي رافقت عملية النزوح السكاني الجماعي بعد قيام جماعة الحوثي السلاليه باحتلال العاصمه واسقاط الدوله عام 2014م وبعض المخافظات اليمنيه” فاليوم لاحت في الأفق فرصة ذهبية أمام صانعي القرار السياسي في اليمني لاتخاذ إجراءات لوجستية واقتصادية وقانونية وسياسية تعمل على تطمين هؤلاء النازحين نفسياً وإشعارهم بكونهم “مواطنين” في دولة تعمل ما بوسعها لحمايتهم وتزويدهم بأسباب الطمأنينة المستقبلية التي باتوا يفتقرون إليها في بلادهم.

3• .ما يحدث في اليمن اليوم، فهو اختلال بنائي ووظيفي في العلاقة بين رؤوس المثلث الثلاثة: الفقر والعنف والتحول الديمقراطي. فالفقر والعنف (بما يتضمنه من استياء وانتقام من الآخر المتمايز دينياً أو عرقياً أو طبقياً) بات أحداهما يغذي الآخر في متوالية هندسية متصاعدة، فيما استحال “تحرير اليمن المنشود إلى آليات حرب روتينية خاوية، لتستمر المليشيا في إفقار الناس ووأد حاضرهم ومصادرة مستقبلهم وتفتيت هويتهم الوطنية عبر حقنهم بمصل التعصب والكراهية.
ولذلك مأمول من مجلس القياده الرئاسي ان يسعى تدريجياً لإشباع حاجات الناس الأساسية للخبز والحرية ، وقد أثبتت التجارب البشرية أن انحسار العنف الاجتماعي بأنواعه بالتزامن مع الانتعاش الاقتصادي وانخفاض مستويات الحرمان، يمكن أن يشحذ الوعي السياسي (الجماهيري والنخبوي) بجدوى القيم الديمقراطية، ويعمل على تعزيز مشاعر الهوية الوطنية للناس بوصفهم مواطنين في دولة تحترم آدميتهم

4ـ يعاني اليمن اليوم من استغلال اقتصادي واستلاب ديني، واللذينِ هما أسوأ ما أنتجته البشرية عبر تأريخها الطويل. فالأول يُفقِر باسم “الضرورات” الدنيوية والثاني يسوّغ الآلام باسم “الضرورات” الغيبية. وقد تبلور الاستلاب الديني بوضوح في تطلط المليشيا الحوثيه ذات الطابع السلالي الطائفي المشار إليها قبل قليل. أما الاستغلال الاقتصادي فلا يتضح بجلاء إلا إذا نظرنا إلى مصطلح الفقر بوصفه مفهوماً بشرياً مركباً يتصل بتدهور كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية، ولا يقتصر على معطيات رقمية بسيطة تتصل بمستويات الدخل أو بتوافر فرص العمل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الهائيين اقليه دينيه في اليمن وماتعرضوا له من تعذيب وتنكيل من قبل جماعة الحوثي
[2] اليهود تم اعتقالهم وتهجيرهم من منازلهم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى