كتّابمفكرون

“خطر السلفية والمتسلفين”…


“خطر السلفية والمتسلفين”

السلفيّة ذلك التيار الديني الذي يوصف بالتشدّد الفكري والسياسي، هو تيار سياسي في المقام الأول، يتّسم بالعنف والتكفير والنزوع الي إزهاق أرواح غير المسلمين، ويستحل دماء المسلمين، علي نحو رأيناه في داعش والنصرة وأنصار الإسلام، فهو يجمع بين التطرّف في الفكر وفهم الدين، وممارسة العنف في السياسة، بما يجعل اتباعه خطرا على المجتمعات، وتشويها للإسلام، وجعله عنوانا للعنف والإرهاب وأهدار دماء الأبرياء وتخريب العمران.

ولكنه أيضا يتّخذ مبدأ التقية سبيلا للوصول لأهدافه علي مهل، فيهادن الحكام ويشرعن أعمالهم في مراحل التكوين، مكتفيا بالتغلغل في المجتمع ونشر أفكاره، وصولا الي مرحلة التمكين، وحينها يكشف عن وجهه الحقيقي.

السلفية ليست مدرسة فقهية من بين المذاهب السنيّة الأربع المعروفة، حتي وإن أرجعها البعض كذبا الي المذهب الحنبلي، فهي تعني فقط بالتركيز علي إختزال الدين الإسلامي في بعض النصوص المختارة، وتعني كثيرا بالمظاهر الدينية الشكلية، كإطالة اللحية وتقصير الجلباب، وفرض النقاب على النساء، وعدم الاختلاط بهن.

السلفيّة الحديثة هي ما أنشأه محمد بن عبد الوهاب، في نجد بصحراء الجزيرة العربية، وكان يهدف منها الي تشريع الخروج علي الأتراك العثمانيين وتكفيرهم، هذا الخروج الذي تحول لاحقا الي دعم وتثبيت لأركان حكم آل سعود بعد تقاسم المصالح، وأصبحت لا تجيز الخروج علي ولي الأمر ومعارضته أو حتي نقده.

تمكن الاختراق السلفي لمصر بقوة المال الخليجي خاصة السعودي منذ السبعينات، في صورة السلفيين، بجدالاتهم الفقهية والدينية الصارخة، و فرضوا أجندتهم على الحالة الاسلامية في مصر، وأصبحت كتب وخطب علماء السلفية، مصريين وسعوديين، تُروج على نطاق واسع على الفضائيات وفِي الجوامع، حتى أصبح التدين لا يعبر عن موقف وجداني يصدقه العمل، بقدر ما أصبح قرين المظاهر الشكلية في المظهر والملبس.

تعتبر المملكة العربية السعودية هي الراعي الأول للتيار السلفي الوهابي في العالم، وهي أداتها في السياسة الخارجية، ورغم بعض المظاهر البسيطة للتحرر التي بدأ تطبيقها في السعودية، إلا أنها تعمد الي ترسيخ السلفية الوهابية في الخارج، كمفارز متقدمة تملك إمكانية الضغط علي الأنظمة الأخري، تحمي نظامها الإستبدادي، وتؤمن لحكامها الإستمرار.

تجارب سلفية طويلة مرّت بها مصر تجسدت في جماعة أنصار السنة المحمدية، الدعوة السلفية، والسلفية المدخلية (هي فرع للسلفية المدخلية السعودية)، والسلفية الحركية، والجمعية الشرعية، والسلفيون المستقلون، أمّا أحدث تنظيماتها فهو حزب النور السلفي الذي يكشف عنهم بوضوح، عندما تصوروا أنهم في مرحلة التمكين، فتحالفوا مبكرا مع الأخوان المسلمين، وانتشرت دعوات تطبيق الشريعة وأسلمة الدستور والقوانين علي ألسنتهم، وحين كانوا أهم الخطباء علي منصات رابعة والنهضة، ولكنهم سرعان ما أصبحوا داعمين لثورة 30 يونيو يقفون خلف الرئيس في خطابه يوم 3 يوليو، يحشدون الأدلة الشرعية لإنهاء حكم الأخوان.

إن خطورة السلفية تكمن في أنها تعمل علي تغيير وجه المجتمع، وهدم قيم الحضارات السابقة، وقيّم الحكم المدني الحديث، وإعتماد صورتهم المشوهه للإسلام بدلا منها، فيغيب الوعي، وتنهار الحياة الفكرية والثقافية، وينزلق العالم الي التطرف والإرهاب، وتنتشر الفوضي والدمار والكراهية، وتدمير آثار الحضارات، فيغوص في غياهب التخلف والعبودية والديكتاتورية والاستبداد والقتل، بفتاوى مثل جئناكم بالذبح، وجعل رزقي تحت ظل سيفي، وبيع السبايا، وكل تلك المآسي الانسانية التي شهدناها علي مدار الأعوام السابقة.

إن السلفية والمتسلفين هم أكبر خطر يتهدد الحياة السياسية والإجتماعية والثقافية بل والإقتصادية، ففي لحظة أن يتمكنوا قل علي كل ذلك السلام.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى