قضايا المرأة

ثنائية المرأة والمرأة – الأم بين الأغاني الفرنسية والواقع: في أحد أهمّ الكتب ا…


ثنائية المرأة والمرأة – الأم بين الأغاني الفرنسية والواقع:

في أحد أهمّ الكتب التي حوّطت بدايات نشأة العالم الذكـ،وري والنظام الأبوي وركّزت على تداخله مع معطيات أخرى صاغها التاريخ، تشير “غيردا ليرنر” إلى مسألة الأمومة والإنجاب، وارتباطها بكينونة المرأة وتحقيقها لذاتها في الفكر التقليدي الذكـ،وري، فتقول:” يركز الشرح التقليدي على قدرة المرأة التناسلية، ويرى في الأمومة هدف المرأة الرئيسي في الحياة، ويعرّف ضمنيًا النسوة اللواتي لا يصرن أمهات كمنحـ،رفات. وقدْ تم النظر إلى وظيفة المرأة الأمومية كضرورة للنوع، بما أن المجتمعات لمّ تكن قادرة على الاستمرار والوصول إلى الحداثة من دون تكريس أغلبية النساء معظم حيواتهن كبالغات في الحمل والتربية. وهكذا تم النظر إلى هذا التقسيم الجـ،نسي للعمل – المستند إلى فروق بيولوجية – أنه تقسيم عادل وتقتضيه الوظيفة.” (1)

تحتلّ هذه المسألة، على قِدَمِها، اليوم مركزًا هامًّا في الطرح المجتمعي السرمدي للحضور والهويّة الأنثوية، فتُلخِّصهما في الوظيفة الإنجابيّة كضرورة لضمان الاستمرار والبقاء وتحقيق الخلود الذي حَلُم به “جلجماش” لكن لم يطله.

في هذا السياق وتحت طائلة هذه القوانين التي لا تسمن ولا تغني عن جوع والتي تزيد فقط من تعقيد حيوات النساء، اختارت الفرنسية الجميلة ذات الأصول العربية “شيمان بادي Chimère Badi” أن تنقد هذا الطرح التقليدي من خلال الفنّ الذي كان وظلّ وسيظلّ وسيلة لتعـ،رية الواقع ومواجهته، مخاطبة به أولئك الذين سمحوا لأنفسهم بالتدخّل في حياتها الشخصية كامرأة والتقليل من شأنها باعتبارها لا تنوي الإنجاب.

تقول “شيمان” صاحبة الصوت القوي والحضور الساحر في أغنيتها تلك:

” Le monde se réveille et je ne l’attends pas
Un nouveau jour se lève et pas de vide en moi
Il ne me manque rien ce n’est pas un enfer
Je suis juste une femme je ne suis pas une mère
Les années passent et les saisons défilent
Leur question me lasse laissez-moi tranquille
Pourquoi c’est si grave si je ne veux pas en faire
Je suis juste une femme, je ne suis pas une mère”
وهو ما يعني بالعربية تقريبا:”
العالم يستيقظ ولا أنتظره،
يوم جديد يحِلّ ولا فراغ داخلي،
لا أفتقد أي شيء، ولست أعيش الجحيم
أنا مجرد امرأة ولست أمًّا…
تمر السنوات وتمضي الفصول
سؤالهم يرهقني، فلتتركوني وشأني!
ما السيء في الأمر إن كنت لا أريد الإنجاب؟
أنا مجرد امرأة ولست أمًّا…”

تضيف هذه المغنيّة مشيرة إلى النظرة الدونيّة لها ولكل نساء العالم اللواتي لا يَتُقن للأمومة:
” Et puis toutes ces remarques, ces regards, ces avis
Laissez-moi être libre de ne pas donner la vie
Pourquoi c’est si grave si je ne veux pas le faire
Je suis juste une femme, je ne suis pas une mère”
أي” ثم ما كل هذه الملاحظات والنظرات والآراء؟!
اسمحوا لي أن أكون حرّة في عدم الإنجاب،
لِمَ سيّءٌ قراري إن كنت لا أريد الإنجاب؟
أنا مجرد امرأة ولست أمًّا…”

واقعيّة هذه الأغنية الفرنسية تنطبق على حيوات أغلب النساء. فتلك التي لم تتزوج تُهاجم بحجّة أنها لن تقدر على الإنجاب بعد فترة قصيرة من الزمن، وتلك التي تزوجت ولم تنجب مُكرهة أو مخيّرة تُرمى في أقفاص الاتّهام. إذ تحافظ في عيون المجتمع بما فيهم عائلتها على صورة المرأة القاسية والأنانيّة والثائرة أو المنحـ،رفة.

ولئن تحدّثت المغنية هنا وفي حوارات تلفزية عديدة عن قرار الإنجاب في حد ذاته، فإن حريّة الاختيار حق ورفاه لا تتمتع به كل النساء، سواءً تلك اللاتي تُجرّ إلى العلاقات الجنـ،سيـة جرّا، أو تلك اللاتي تحرمهن الطبقيّة والفقر والظلم والجوع والتهميش ومن بعدهم اللاوعي بالحقوق والواجبات من استحضار فكرة اللا إنجاب، ومن الحصول على وسائل منع الحمل التي لا يمكن للمواطنة البسيطة توفيرها.

فالمعركة، هنا، معركة حتميّة، لا تنضوي ضمن خطاب ليبرالي بحت، بل تتجاوزه لتشمل سياقًا اقتصاديًا ثم اجتماعيًا وثقافيًا كاملا، لا يمكن تغييره بمجرّد إقرار مبدأ الحريّة ورفعه في الشعارات واللافتات.

رابط الأغنية:

الكاتبة: نور الهدى بن الحاج ابراهيم

#العنف_المبني_على_النوع_الاجتماعي
#العنف_ضد_المرأة
#حق_المرأة_على_جسدها

(1): كتاب نشأة النظام الأبوي الصادر عن المنظمة العربية للترجمة.

——————————-


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى