كتّابمفكرون

ثمانية وستون عاما مرت علي قيام الجمهورية في مصر، تداول…


ثمانية وستون عاما مرت علي قيام الجمهورية في مصر، تداول الرئاسة فيها ستة رؤساء، ولا أظن أن مفهوم الجمهورية قد وضح وترسخ في مصر حتي الآن.

هناك تقاطع شديد بين مفهومي رأس الدولة في النظام الجمهوري (الرئيس) وفي النظام الملكي (الملك)، وهو المرادف لتسميات أخري متعددة مثل الزعيم، الشاه، الإمبراطور، السلطان، الأمير، الفرعون الخ …..

ولهذا فهناك خلط (مقصود) يحدث حينما يمنح الرئيس الجمهوري نفسه عديدا من صفات الحاكم المطلق (الزعيم) بعد إنتخابه مستعينا بأجهزة ومؤسسات واعلام، لديهم خلط مقصود أيضا في تفسير حقيقة مهامهم وأدوارهم.

الزعامة تكتسب وتطلق علي أشخاص قادوا بلدانهم وشعوبهم إلى الحرية، ومهّدوا لها وبها سبل التقدم والرفاه والكرامة، ولا شك في أن الزعامة ليست منصبا كما أنها لا تورّث، ولاتكون إلى الأبد.

تحوّل أي رئيس جمهوري الي (زعيم) هو حالة من حالات الحكم المطلق، التي تجاوزتها الحضارات المختلفة في العالم في سعيها الي نهضة حقيقية، بعد أن ثبت عدم مناسبتها للعصور الحديثة، وقد انتهت تلك التسمية فلا تجد لها أثرا في الثقافات اللأخري الا في الحديث عن الماضي أو في بعض الديكتاتوريات المعاصرة الصريحة.

يأتي الرئيس, ولأنه يري الزعامة في قرارة نفسه، يتولد بداخله إحساسا بأنه الأقدر، والأكثر فهما وكفاءة، والموحي له، وأن إختياره في هذا المكان هو لأسباب تتعلق بكونه مميزا عن كل الآخرين، فيفرض أفكاره وخواطره وتصوراته الخاصة، دون استشارة حقيقية من أصحاب التخصص، وتلقائيا تتحول الي منهج تنتهجه الدولة بكاملها، بصرف النظر عمّا قد تسفر عنه من نتائج، وحتي لو جاءت النتائج سلبية فهي ليست لعيب في الزعيم، بل قد يعزي ذلك الي عيب في الشعوب ذاتها.

الجمهورية الديمقراطية يجب أن تقوم علي تحقيق إرادة الشعب ومصالحه كمصدر رئيسي للسلطات، بمفهومها السياسي الصحيح، وبالإستعانة بمؤسسات دستورية منفصلة تفهم حقيقة مهامها، وتعمل عليها، وتتعاون فيما بينها لتحقيق أهداف قومية كبري، أهداف دائمة وليست مؤقتة، ويقود الرئيس السلطة التنفيذية، وينسق بين المؤسسات المختلفة طبقا للدستور، دون فرض وصاية لا محل لها، وهذا في رأيي هو مفتاح الخروج من حالة التخلف والتردي والتدهور المستمر في كافة مناحي الحياة.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى