قضايا المرأة

توثيق الصورة:…


توثيق الصورة:
جزء من حارة برجوان بالجمالية محافظة القاهرة، عام 1899، تصوير الشارع، المصور مجهول، ألبوم منوعات بصفحة تراث مصري.

تحديد المكان:
مكان عام: حارة برجوان بالجمالية محافظة القاهرة.

وصف المحتوى:
لقطة عامة لشارع يمتد بعمق الصورة، ويحتشد بالأشخاص والحيوانات والمحال التجارية والمباني السكنية والجامع في تداخل يجمع بين الثابت والمتحرك.
يظهر في الصورة الباعة والمارة والمتسوقون من النساء والأطفال والرجال من طبقات شعبية، ويتضح ذلك من خلال ملابسهم حيث يرتدي البعض الجبة والقفطان والبعض الآخر الجلباب البلدي، ومن تداخل الحمار مع الوجود الإنساني.

تحليل لغة الصورة:
تقتطع حواف الكادر أجزاء من الأجسام وكتل البنايات، ويعني ذلك أن الواقع ممتد خارج الصورة، مما يجعل المتفرج يشعر بواقعية الصورة دون إحساسه بأي قلق أو توتر، فالاقتطاع يقابله تكوين متوازن يأخذه في حالة من الاحتواء والهدوء.
تقل كثافة البنايات التي تظهر ككتل على يمين ويسار الكادر كلما ابتعدت في الخلفية. يأخذ الطريق مركز نظر المتفرج نتيجة لانتباه الأطفال لوجود الكاميرا وتحديقهم المباشر تجاهها، وخلفهم نجد بعض الأشخاص ورجل يجر حماره في حالة حركة تجاه المشاهد، ومارة آخرين يبتعدون عنه، مما يخلق شعورًا بالحيوية نتيجة تنوع اتجاهات السير.
يتخذ التكوين شكل مثلثي: الفراغ في مقدمة الكادر يمثل قاعدته، وضلعه يتشكل من خط وهمي، نقطة بدايته عجلة عربة الكارو وينتهي في العمق، حيث يلتقي بالضلع الأخر الذي يستقيم من المباني على يسار الكادر.
يقابل الفراغ في بداية الكادر الفضاء في عمقه، مما يُضفي على الصورة حالة من التماثل، الذي يتشكل من التضاد بين الأرض والسماء.
الإضاءة نهارية ساطعة مع ظهور واضح للظل على يسار الكادر نتيجة لاستخدام أصحاب المحال للستائر لتجنب أشعة الشمس.
الثبات والحركة: التفاتة الأطفال، في حركة تبدو سريعة، باتجاه الكاميرا تضفي على الصورة حالة من التلقائية، كما أن اتجاهات سير المارة من الرجال والنساء تنقل لنا إيقاع حركة البيع داخل السوق، ويؤكد عفوية الصورة وضع الثبات الذي اتخذه أصحاب المحال على جانبي الكادر انتظارًا للمشترين.
على الرغم من أن تاريخ التقاط الصورة تم خلال فترة الاحتلال البريطاني لمصر، وبشكل متزامن لتوقيع اتفاقية السودان لعام 1899 لتخضع بعدها السودان للحكم الثنائي مع المحتل، إلا أن ذلك لا يظهر ولا يُلقي بظلاله على المشهد أو أبطاله المهتمين بمتابعة الحياة فقط لا غير.

التفسير:
يبدو أن ملتقط الصورة اختار شارع المعز بدقة شديدة لعراقة تاريخه ولقيمته الأصيلة ولجمال عمارته، كما أن طرقه تحافظ في جوانبها على ملامح الحياة الشعبية في تلك الفترة بشكل يختلف عن قاهرة إسماعيل الحديثة، التي أسسها وأكملها من لحقوا به في حكم مصر، ليوثق بعدسته جزء منه ولمحة من حياة أهله.
يتضح من تكوين الصورة ملامح الحياة آنذاك، حيث يظهر على جانب الكادر الأيمن طفلة صغيرة ورجل وهم يبتاعوا من أصحاب المحال، وعلى يسار الكادر يظهر أصحاب المحال في حالة ترقب وانتظار لحضور المتسوقين، وفي وسط الكادر يتحرك رجل وهو يسحب حماره المحمل ببعض منتجاته لتعرض في السوق، أما في مقدمة الكادر يظهر لنا جزء مقتطع من عربة الكارو وصاحبها وهم في حالة حركة لخارج الصورة لشراء أو بيع أو عرض المنتجات المحملة على العربة، وفي الكادر من جهة اليمين تجلس سيدتان على درجات سُلم كما أظن وهما مرتديتان الملابس التقليدية “الملاءة اللف والبرقع” لتلك الفترة، وكل هذه الملامح تؤكد لنا على أهمية اللقطة في نظر المصور الذي التقطتها لينقل ويحفظ لنا تفاصيل الحياة حينئذ من تاريخ مصر.
تتناغم كل العناصر البصرية في الصورة لتؤكد على بساطة وعفوية الحياة آنذاك، ويفيض منها الدفيء والحيوية والنشاط، فالمدينة حية يتحرك الناس في سوقها لتدبير شئونهم الخاصة ولشراء مطالبات المعيشة، فيها عرض وطلب ونقل للبضائع بواسطة عربات الكارو والحمير، وأخيرًا بها نقاء الطفولة ودهشتها.

التقييم:
يرتبط شارع المعز في ذهني ووجداني بالأصالة والراحة، لذا أي شيء عنه يعجبني ويُدخل على قلبي البهجة وأتتبعه، لهذا رؤية الصورة ومحاولة التعرف عليها وقراءتها ساهمت في رسم ابتسامة على الوجه وعمق مستوى المعرفة لديّ، وهذه هي القيمة الحقيقة لأي فن.


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

آيات عبد الدايم (AyAt Hassan)

مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى