تبدو مصر أحياناً وكأنها كوكتيل من العبقرية والعَتَه – مزيج…


تبدو مصر أحياناً وكأنها كوكتيل من العبقرية والعَتَه – مزيج من الإنجازات اللامعة والكبوات المزرية. خذ على سبيل المثال السجل القومى: هو بلا شك إنجاز متميز تمكنت فيه الحكومة من تسجيل جميع المواطنين وبياناتهم فى حاسبات إلكترونية تمكّنها من إستخراج أية إحصائيات مطلوبة فى دقائق. وهذا بدوره يمكنها من إدارة برامج التعبئة والضمان الجماعى وغيرها بدقة وكفاءة. هذا عن العبقرية، والآن إلى العَتَه: هناك عملية بالغة البساطة، لا تستغرق إلا ثواني على الحاسب الإلكتروني، تمكن الحكومة من حساب النسبة العددية للأقباط فى مصر. لكن الحكومات المصرية المتعاقبة تستميت فى إصرارها على إبقاء هذا الرقم سراً دفيناً. وتتساوى فى هذه الإستماتة الحكومات التقدمية والرجعية، الإشتراكية والرأسمالية، المدنية والعسكرية، اليمينية واليسارية، الدينية والعلمانية.

سيقول قائل “وما لزوم هذه المعلومة فى دولة لا تميز بين الأديان؟” وهذا إعتراض فى ظاهره معقول لكنه فى الحقيقة حجة سفسطائية، وإليك الأسباب:
1. الدولة بالتأكيد تميز بين الأديان. ستجد ذلك فى نسبة الأقباط فى البعثات والوظائف (١٠% بالضبط)؛ وفى المراكز الحساسة والقيادية (صفر % باستثناءات صورية)، ولا يمكن أن يحدث هذا على نحو مستمر على مدى ٧ عقود بمحض الصدفة.
2. لو لم تكن الدولة تميز بين الأديان لما أصرت على خانة الديانة فى البطاقة الشخصية.
3. لو لم يكن الأمر مهماً، لما إستماتت الحكومات جميعها فى إبقائه سراً.
4. النسبة التى تستعملها الحكومة بشكل ضمني (حتى وإن لم تعترف بذلك) هي ١٠%. وهي لا تتوافق مع بيانات الكنيسة القبطية التى لديها سجلات المواليد والوفيات. لابد أن أحدهما يكذب. وفى العادة من يصر على الإخفاء هو الكاذب.

أصدقائى يعرفون أن الديانة ليست من مكونات هويتى، (حتى وإن كان إسمى يوحى بغير ذلك.) فما أكتبه هنا ليس دفاعاً عن طائفة فى مجابهة أخرى. وإنما هو تعبير عما ذكرته فى البداية، وهو أن ‘مصر تبدو أحياناً وكأنها كوكتيل من العبقرية والعَتَه.’ من يعرف؟ – ربما كانت نسبة الأقباط ١% فقط، وبالتالى يكون المسلمون مظلومين بتخصيص ١٠% من البعثات والوظائف للأقباط. لماذا لا تفصحوا عن الرقم الحقيقي وتغلقوا أبواب الشك والتوجس والإحساس بالتفرقة؟

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version