مفكرون

تأسيس الحزب الهاشمي…


تأسيس الحزب الهاشمي

و سيجد القاري اتفاقاً واضحاً على اتهام الكاتب في عقيدته ودينه ، رغم أن اختيار الإنسان لعقيدته أمر يجب أن يكون خارجاً تماماً عن معنى الاتهام ، ولا يصبح اتهاماً إلا إذا كنا لازلنا نعيش حالة القبيلة الأولى التي يتماهى جميع أفرادها في ذات سلفها وربها ، ولو أخذنا بأنه من الممكن أن نحاكم إنساناً بحسبانه متهماً ، لأنه يقبل كذا من قواعد الدين أو يرفض كذا ، فإني شخصياً أرفض على الإطلاق ليس الاتهام ، بل مجرد التحدث بشأن ما أعتقد فالأمر يخصني وحدي ، ولا يحق لأحد أياً كان أن يسألني عنه ، ناهيك عن أن يحاسبني عليه ، ولا أجد فيما أعتقد أياً كان لون الاعتقاد تهمة ، لأن التهمة في تلك الحال ستلحق من يسوقها ، وتتهمه هو في درجة اقترابه من معنى الإنسانية ذاته ، أما تنفيذ قرار التصفية الأحمق في كاتب ، فهو أمر لا يشغلني إطلاقاً ، لأن الكتاب لا يموتون ، وحين يحدث ذلك سيكون شهادة معمدة بالدم على زمن أسود ، وعندها سيكون لما كتب انتشاره الأوسع ، بل وتخليده في ذاكرة مستقبل لا شك سيكون أفضل ، لأنه في النهاية لن يبقى سوي ما ينفع الناس ، ويذهب الباقي جفاء في مزبلة التاريخ . ورغم أن كتابنا هذا كتاب في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي وليس كتاباً في الدين أو أي من علومه ، فقد تم تصنيفه تصنيفاً آخر ، ولم يتسع أفق المهاجمين خارج دائرة يكن لنا غرض إطلاقاً سوي فتح نافذة أطل زمانها ، إزاء رتل من المصنفات يملأ أرفف المكتبة العربية ، يكرر ويزيد في تكرار وإملال لذات المقولات ، بنغمة واحدة وخط واحد من تفاسير وشروح التفاسير وتفسير الشروح وتعقيبات على الشروح والتفاسير .. الخ وهي النافذة التي أردنا أن نطل منها بقراءة علمية على الفرز الذي أدى إليه جدل أحداث المرحلة القبل إسلامية ، وقراءة أوضاع جزيرة العرب آنذاك الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وهو الفرز الذي كشفناه مطلباً للتوحد القومي بقيادة نبي مؤسس لدولة واحدة مركزية . ويبدو أن هذا اللون من القراءة قد صدم مقولاتهم الثابتة ، حتى أنهم لم يروا فيه سوى المروق ، الذي يبدو أنه كان حكماً تأسس على عدم قدرة قبول الأمر باعتباره أمراً اعتيادياً تسبقه مقدمات لابد أن تؤدي إلى نتائج ، يقبلها العقل ومنطق الواقع ، بعد أن اعتادوا على منهج يرى أن كل شئ يجب أن يظهر فجأة من عدم ، غير مرتبط إطلاقاً بواقع ، لغزاً غير مفهوم ، بهذا فقط يكون مرهوباً ومخيفاً ومحترماً ، المهم ألا يكون مفهوم الأصول وألا يكون منطقي أو طبيعي النشأة ، وأن معرفة جذوره وممهداته ومنابته تخلع عنه حالته الإنقطاعية ، وتسحب عنه قطيعته مع ما سبقه ، ومن هنا كان لابد أن تستمر معاملته في قطيعته مع كل شئ إلا الغيب ولا يمكن تصوره إلا كذلك . رغم أننا لو أتستخدمنا منهج الدين ذاته بشكل أكثر احتراماً للدين نفسه ، ولله صاحب هذا الدين ، لأدركنا أن فهمنا للدين سيكون أكثر جمالاً وفهماً عندما يكون الرب متسقاً مع ذاته ، لا يخالف قوانين المفترض أنه هو واضعها ، وأنه كي يتم المراد من رب العباد وقيام نبي الإسلام بدعوته ، فإنه كان لابد من تمهيد الواقع كي يفرز نتائجه المنطقية التي تتسق مع تلك المقدمات ، وتتفق مع كمال ذلك الرب ، ذلك الكمال الذي يفترض اتساق قراراته مع قوانينه و سننه ، ناهيك عما سيحققه مثل ذلك الفهم على المستوى التربوي للعقل ، لنخرج من حالة الركود البليد الذي ينتظر بكل سقم معجزات مفاجئة تعيدنا لعصر الفتوحات تتقدمنا جيوش الملائكة . تحت قيادة جبريل على فرسه حيزوم ولأننا لا نتصور إمكان حدوث المعجز الملغز ، ولا حدوث أمر جلل دون مقدمات موضوعية تماماً تؤدي إليه وتفرزه ، ولأننا لا نتصور ممكنات ، كسر قوانين الطبيعة الثابتة لأجل عيون أمة مترهلة ، فلم يبق سوى أن نحاول إعادة قراءة ذلك التاريخ قراءة أخرى ، تربط النص بواقع ، وتعيد النتائج إلى مقدماتها وأصولها الحقيقية لا الوهمية ، من أجل إعادة تشكيل بنية العقل ومنهجه ، ومن أجل غد أفضل لأجيالنا المقبلة ، ولتراثنا ذاته .
هذا ، وقد أوردنا نماذج أخرى لكتابات أخرى ترى في كتابنا هذا فتحاً جديداً في تاريخ الكتابات العربية .

#سيد_القمني

#ادمن_مصطفى


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫13 تعليقات

  1. للاسف يا أستاذ اننا قوم تعودنا على الحفظ وترديد الكلمات بدون فهم او حتى التفكير بها والبحث وتقصى الحقيقه
    اما خوفا او جهل او ملامة

  2. ديه احسن جملة فى المقالة (، لأنه في النهاية لن يبقى سوي ما ينفع الناس ، ويذهب الباقي جفاء في مزبلة التاريخ . ) سيبقى الإسلام والقرآن الكريم هو المنهج السليم الصالح لكل زمان وسيذهب أستاذك الى مزبلة التاريخ مثل الكثير من الكتاب والمفكرين الذين حاولوا تحدى ربنا فى كتابة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى