قضايا المرأة

. بعد زواج استمر ثلاث سنوات، اضطر زوجي أن يسافر وحده للمرة الأولى في تلك اللحظة …


الحركة النسوية في الأردن

.
بعد زواج استمر ثلاث سنوات، اضطر زوجي أن يسافر وحده للمرة الأولى
في تلك اللحظة طرأت لي فكرة، وهي أن أقضي فترة سفره في منزلنا، بدلاً من بيت أمي
ومع أول يوم قضيته وحدي في منزلي، اكتشفت أمراً مهماً، هو أنني في هذا العمر، حيث أخطو خطواتي الواثقة نحو الأربعين، وعند اللحظة التي أغلق فيها زوجي الباب في طريقه إلى السفر، كانت أول مرة في حياتي الطويلة التي يكون لي فيها منزل خاص بي وحدي، ولو لفترة مؤقتة
كان إحساساً لم أختبره من قبل في حياتي
كانت مشاعري مضطربة بين الفرح الشديد، والخوف الشديد، بين الرغبة في فعل كل شيء، والرغبة في الاختباء فوق أريكتي المفضلة في المنزل بلا حركة
تلك حياتي، تلك هي مساحتي الشخصية، وهي ملكي تماماً لمدة أسبوع، من دون تدخل أي طرف خارجي
ما هذا البراح، وكيف حرمت من هذا الاحساس طوال عمري؟

ففي طفولتي كنت اتشارك واخي غرفة واحده، وعندما كبرت منحوني أريكة كأنثى في أكثر فترة حساسة في حياتي؛ فترة المراهقة، بينما يغلق اخي ووالدي باب غرفهما

أنا لا أتحدث عن مأساة شخصية مررت بها، بل أتحدث عن حالة عامة تعيشها معظم النساء في الوطن العربي كله، حيث تعيش المرأة وتموت من دون أن تختبر مساحتها الشخصية
هي طفلة في بيت أسرتها، حتى لو كانت لها غرفتها الخاصة؛ فإغلاق باب تلك الغرفة يُعدّ أمراً مريباً، ويوحي بكل ما هو فاسد
ثم تخرج المرأة من بيت أسرتها إلى بيت زوجها حيث يشاركها سريرها، وعادة ما تُفرض إرادة الرجل في إدارة اليوم، وفقاً لظروف عمله، ونظامه اليومي
حتى أن المرأة إذا أرادت لليوم أن يسير وفقاً لرغبتها، فلن تدري ربما ماذا يمكن أن تفعل بعد أن عاشت سنوات طويلة كل تفصيل في يومها، وفي مساحتها الشخصية، بتحديد من قبل الآخرين
وهذا بالضبط ما أدركته فمربّو الطيور كلهم يدركون جيداً أن الطائر لا يخرج من القفص بمجرد أن تفتح له الباب. هو يحتاج إلى الثقة. يحتاج إلى أن يدرك أين سيذهب إذا خرج

قررت أن أخوض التجربة، واستنشقت للمرة الأولى رحيق المتع الصغيرة التي تمنحها لنا المساحة الشخصية
أخذت إجازة من عملي حتى تتوافر أركان الحرية جميعها، والمساحة الشخصية
جرّبت إحساس الاستيقاظ وحدي من دون أن يوقظني أحد لأفعل شيئاً. جرّبت إحساس الخفة، والشيء الذي وضعته على المنضدة، لم يتحرك من مكانه إلا حين التقطته أنا، لن أفكر في الطعام اليوم، ولا في الطهي، وسأطلب أي طعام عبر الهاتف حين أجوع
قد تبدو تفاصيل تافهة لك، ولكنها كانت عالماً جديداً ورائعاً بالنسبة لي
لم أخرج من المنزل طوال الأسبوع، كي “أتمرمغ” في براح مساحتي الشخصية

كتابة: #أميرة_الدسوقي

.
بعد زواج استمر ثلاث سنوات، اضطر زوجي أن يسافر وحده للمرة الأولى
في تلك اللحظة طرأت لي فكرة، وهي أن أقضي فترة سفره في منزلنا، بدلاً من بيت أمي
ومع أول يوم قضيته وحدي في منزلي، اكتشفت أمراً مهماً، هو أنني في هذا العمر، حيث أخطو خطواتي الواثقة نحو الأربعين، وعند اللحظة التي أغلق فيها زوجي الباب في طريقه إلى السفر، كانت أول مرة في حياتي الطويلة التي يكون لي فيها منزل خاص بي وحدي، ولو لفترة مؤقتة
كان إحساساً لم أختبره من قبل في حياتي
كانت مشاعري مضطربة بين الفرح الشديد، والخوف الشديد، بين الرغبة في فعل كل شيء، والرغبة في الاختباء فوق أريكتي المفضلة في المنزل بلا حركة
تلك حياتي، تلك هي مساحتي الشخصية، وهي ملكي تماماً لمدة أسبوع، من دون تدخل أي طرف خارجي
ما هذا البراح، وكيف حرمت من هذا الاحساس طوال عمري؟

ففي طفولتي كنت اتشارك واخي غرفة واحده، وعندما كبرت منحوني أريكة كأنثى في أكثر فترة حساسة في حياتي؛ فترة المراهقة، بينما يغلق اخي ووالدي باب غرفهما

أنا لا أتحدث عن مأساة شخصية مررت بها، بل أتحدث عن حالة عامة تعيشها معظم النساء في الوطن العربي كله، حيث تعيش المرأة وتموت من دون أن تختبر مساحتها الشخصية
هي طفلة في بيت أسرتها، حتى لو كانت لها غرفتها الخاصة؛ فإغلاق باب تلك الغرفة يُعدّ أمراً مريباً، ويوحي بكل ما هو فاسد
ثم تخرج المرأة من بيت أسرتها إلى بيت زوجها حيث يشاركها سريرها، وعادة ما تُفرض إرادة الرجل في إدارة اليوم، وفقاً لظروف عمله، ونظامه اليومي
حتى أن المرأة إذا أرادت لليوم أن يسير وفقاً لرغبتها، فلن تدري ربما ماذا يمكن أن تفعل بعد أن عاشت سنوات طويلة كل تفصيل في يومها، وفي مساحتها الشخصية، بتحديد من قبل الآخرين
وهذا بالضبط ما أدركته فمربّو الطيور كلهم يدركون جيداً أن الطائر لا يخرج من القفص بمجرد أن تفتح له الباب. هو يحتاج إلى الثقة. يحتاج إلى أن يدرك أين سيذهب إذا خرج

قررت أن أخوض التجربة، واستنشقت للمرة الأولى رحيق المتع الصغيرة التي تمنحها لنا المساحة الشخصية
أخذت إجازة من عملي حتى تتوافر أركان الحرية جميعها، والمساحة الشخصية
جرّبت إحساس الاستيقاظ وحدي من دون أن يوقظني أحد لأفعل شيئاً. جرّبت إحساس الخفة، والشيء الذي وضعته على المنضدة، لم يتحرك من مكانه إلا حين التقطته أنا، لن أفكر في الطعام اليوم، ولا في الطهي، وسأطلب أي طعام عبر الهاتف حين أجوع
قد تبدو تفاصيل تافهة لك، ولكنها كانت عالماً جديداً ورائعاً بالنسبة لي
لم أخرج من المنزل طوال الأسبوع، كي “أتمرمغ” في براح مساحتي الشخصية

كتابة: #أميرة_الدسوقي

A photo posted by الحركة النسوية في الأردن (@feminist.movement.jo) on

الحركة النسوية في الأردن

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى