كتّابمفكرون

بالعودة للتاريخ، فإن معظم الأديان، وبأشكال مختلفة ودرجات…


بالعودة للتاريخ، فإن معظم الأديان، وبأشكال مختلفة ودرجات متفاوتة، مارست العنف والقتل المقدس، الذي وصل أحيانا لأبشع الممارسات الوحشية، ابتداءا من القرابين البشرية كما في الديانات الأرضية الأولي، إلى الحروب الدينية والإضطهاد الديني والتكفير والهرطقة والحرق بالنار والقتل والتقطيع في الديانات السماوية، ولم تأبه أبدا بما ورد فيها من نصوص تحض على الرحمة والتسامح.

قام بذلك علي مر التاريخ عنصران رئيسيان، هما الحكام والطامحين للحكم من جهة، ورجال الدين من الجهة الأخري، وكثيرا ما تلاقت مصالحهما، فعمل كل منهما علي تعزيز أهداف الآخر.

استحلّ الحكام والطامحين للحكم دماء وارواح الناس، معتمدين علي فقه وفتاوي رجال الدين، كما في الخلافة الاسلامية، وأحكم رجال الدين وصايتهم علي الناس وقتلوا من قتلوا، معتمدين علي قوة الحكام، الذين يدينون لهم بالولاء، كما في عصور الظلام الأوروبي، ولا تخرج كافة أحداث العنف في تاريخ كل الأديان عن هذا الإطار.

الغريب أن النصوص الدينية الداعية للخير والارتقاء بالسلوك الانساني (وهو جوهر الأديان) تراجعت أمام النصوص الأخري الداعية الي العنف وأصبح الانسان مستهدفا في حياته ومعاشه.

دعونا نتخيل فرضا، أن القائمين علي الدين الآن، قد نجحوا في احداث ثورة فقهية لتنقيته من كل أنواع العنف، ما الذي يمكن أن ينتج عن ذلك؟
لن ينتج عنه شيء، حيث سيعتبر رأيا فقهيا وسط الآلاف من الآراء الفقهية الأخري، ولن يأخذ به الأصوليون والداعون للعنف، والمستفيدون منه فالنصوص الأصلية ما زالت قائمة، وكلِّ يفسرها علي هواه.

هكذا يكون الهدف الآن، هو اعلاء القيم الانسانية الواردة في النصوص الدينية، الداعية للخير والرحمة والتسامح، ونصوص العبادات والمعاملات، وترسيخها، وتنحية النصوص الداعية للعنف من خلال قانون مدني قوي، يقاوم العنف بكافة أشكاله، ومنها الدينية، ويمنعه ويردع مرتكبيه، وهو ما لن يتاتي، الا بالفصل التام بين الحكم والدين، وما يستتبعه من القضاء علي دعاة الحكم الديني أو الحكم بالشريعة, وليبدأ ذلك بالغاء المادة الثانية من الدستور.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى