قضايا المرأة

انا امراءة انا انسان | بدأ الصراع بيني وبين أنوثتي مبكرًا جدًّا، قبل أن تنبت أنوثتي


بدأ الصراع بيني وبين أنوثتي مبكرًا جدًّا، قبل أن تنبت أنوثتي وقبل أن أعرف شيئًا عن نفسي وجنسي وأصلي، بل قبل أن أعرف أي تجويف كان يحتويني قبل أن أُلفَظ إلى هذا العالم الواسع.

كل ما كنت أعرفه في ذلك الوقت أنني بنت كما أسمع من أمي. بنت!

ولم يكن لكلمة بنت في نظري سوى معنًى واحد؛ هو أنني لست ولدًا، لست مثل أخي!

أخي يقص شعره ويتركه حرًّا لا يمشطه، وأنا شعري يطول ويطول، وتمشطه أمي في اليوم مرتين، وتقيده في ضفائر، وتحبس أطرافه بأشرطة.

أخي يصحو من نومه ويترك سريره كما هو، وأنا عليَّ أن أرتِّب سريري وسريره أيضًا.

أخي يخرج إلى الشارع ليلعب بلا إذنٍ من أمي أو أبي ويعود في أي وقت، وأنا لا أخرج إلا بإذن.

أخي يأخذ قطعة من اللحم أكبر من قطعتي، ويأكل بسرعة، ويشرب الحساء بصوت مسموع، وأمي لا تقول له شيئًا.

أما أنا، أنا بنت! عليَّ أن أراقب حركاتي وسكناتي. عليَّ أن أخفي شهيَّتي للأكل فآكل ببطء وأشرب الحساء بلا صوت.

أخي يلعب، يقفز، يتشقلب. وأنا إذا ما جلستُ وانحسر الرداء عن سنتيمتر من فخذي، فإن أمي ترشقني بنظرة مخلبية حادة فأخفي عورتي.

عورة!

كل شيء فيَّ عورة وأنا طفلة في التاسعة من عمري!

حزنت على نفسي.

أغلقت باب غرفتي عليَّ، وجلست أبكي وحدي.

لم تكن دموعي الأولى في حياتي لأني فشلتُ في مدرستي، أو لأني كسرتُ شيئًا غاليًا، ولكنْ لأني بنت!

بكيت على أنوثتي قبل أن أعرفها.

فتحت عيني على الحياة وبيني وبين طبيعتي عداء.

#مذكرات_طبيبة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى