كتّاب

الي الصديق احمد سيف فى مستقره الأخير…


الي الصديق احمد سيف فى مستقره الأخير
كتبت فى المصري اليوم 6 نوفمبر 2011
……………………………………………………
علاء عبد الفتاح ابننا الجميل

د / كمال مغيث
[email protected]

كان القبض على علاء عبد الفتاح وتقديمه للقضاء العسكرى صدمة مروعة لكل من آمن بالثورة وعصفا بكل ما تعهد به المجلس العسكرى من حماية لها واظنه سحب كل بقى للمجلس العسكرى من رصيد لدى الجماهير،
وعلاء عبد الفتاح ابن لمناضلين بارزين من مناضلى جيلنا الحائر “جيل السبعينات”، دخلنا الجامعة ومرحلة شبابنا فى عقد السبعينات من القرن الماضى، كانت مصر – بوفاة عبد الناصر – تودع عهدا وتستقبل عهد آخر، تنكر فيه السادات لسياسات عبد الناصر الاجتماعية والوطنية معا، فراح يفتح الباب على مصراعيه أمام تكون رأسمالية طفيلية بلا قيم ولا معايير صاحبت سياسات الانفتاح الاقتصادى وراحت الهوة تتسع بين ثراء الاثرياء وفقر الفقراء، وأدارت الدولة ظهرها تماما للفقراء فى الصحة والتعليم والسكن وغيرها، وفى المجال الوطنى صنع ملحمة حرب اكتوبر ولكن سرعان ما ضحى بدماء شهدائنا على مذبح الاستسلام والصلح المنفرد مع اسرائيل، وهكذا كان قدرنا أن نتصدى لتلك السياسات من خلال تنظيماتنا السياسية المعارضة والمظاهرات والمنشورات ومجلات الحائط والاتصال بالطبقة العاملة، واحتضنا غناء الشيخ امام وعدلى فخرى واشعار نجم وسمير عبد الباقى وزين العابدين فؤاد وحلمى سالم وصابر زرد وغيرهم وأشعلنا البلاد بكل اشكال الاحتجاج، حتى انفجرت بالانتفاضة الشعبية فى يناير 1977، وشعر السادات بالخطر المحدق فراح يغلظ عقوبات العمل السياسى المعارض بكل اشكاله وينكل بالمعارضين، وفتح الباب أمام النشاط الدينى المتطرف، وكان لابد من ان تكتمل دورة الحياة فرحنا نبحث عن العمل وتزوجنا وانجبنا البنين والبنات،
وفى الوقت الذى كان السادة اعضاء المجلس العسكرى يحرصون على ارضاء النظام لضمان الترقية وما يرتبط بها من سلطة وبدلات وحوافز ومكافآت وخاصة وهم يعلمون ان الترقية بعد رتبة العقيد تحتاج تحريات تؤكد الاستعداد لحماية النظام مهما كانت الجرائم التى يرتكبها فى حق الشعب والوطن
فى هذا الوقت كنا نتعب ونشقى لتربية اولادنا وتوفير ضروريات حياتهم ومع الكوتشى والاتارى ونفقات رحلة العين السخنة رحنا نودعهم آمالنا واحلامنا واشوقنا للعدل والحرية والوطن الكريم، فعرفوا مع تعلمهم للكلام وتكوين الجمل سيد درويش وبيرم التونسى وصلاح جاهين وفؤاد حداد وغنوا مصر يا امه يابهية، ويامصر قومى وشدى الحيل، وقوم يامصرى، وحرصنا ان نحميهم من العفن والصديد الثقافى والفنى الذى صبهم على الوطن والناس مبارك وعصابته فى فنون التزلف والنفاق الرخيص والتفاهة والسطحية واديها كمان حرية
هذا هو الجيل الذى بر بوطنه واهله وناسه وعرف أمانة العهد ونبل الموقف، وهو الجيل الذى خرج صبيحة يوم 25 يناير بصدورهم العارية ليقولوا للطاغية الفاسد والمستبد وعصابته كفاية، ويعلنوا نهاية عهد الخيانة واللصوصية والنهب، وتحويل الوطن الى خرابة ينعب فيها البوم والغربان، ولم يتوان الطاغية ورئيس عصابته عن التصدى لمظاهرات الشباب السلمية بالضرب فى المليان بالرصاص الحى فاستشهد الفا منهم وفقد الاف غيرهم اعينهم واطرافهم، ولكنهم فى النهاية نجحوا وخلعوا الطاغية وحرروا الوطن
واليوم بدلا من ان يحصد علاء عبد الفتاح ثمار الثورة التى مهد لها واشترك فيها، ويضع الزهور مع من بقى من رفاقه على قبور من استشهد منهم صبيحة عيد الأضحى، وبدلا من ان يتلقى بين يديه وليده البكرى لينشد فى اذنيه انشودة الثورة وحب الوطن، هاهو، فى هذه الايام المفترجة، يقبع بين جدران زنزانة رطبة بين البلطجية والحرامية والنشالين، لأن لدينا مجلسا عسكريا اكتفى بضرب تعظيم سلام لشهداء الثورة التى كان علاء عبد الفتاح واحد من صناعها

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى