كتّابمفكرون

“الناس على دين ملوكهم”…


“الناس على دين ملوكهم”

الناس على دين الملك، تلك المقولة الخالدة لابن خلدون، وسواء كانت من عنده أو هي حكمة قديمة، فهي مقولة عبقرية تلخص تاريخ الأديان وتكشفه على حقيقته، وتأخذنا لأصول الأشياء.

عندما تعرف أن مصر السنية تحولت الي الشيعية على أيدي الحكم الفاطمي الي أن أعادها الحكم الأيوبي الي السنية، اذن فهذه التحولات العقائدية قد ارتبطت بنظام الحكم السائد في حينه.

ولنذهب أبعد من ذلك، فمصر القديمة وحتى عام 61 ميلادية تحت الحكم الروماني بعاصمتها الإسكندرية أعظم موانئ ومدن العالم، ومنارة الأرض الثقافية ومركز العلم والفلسفة في العالم أجمع، كانت مازالت تدين بأديان عدة منها الديانة المصرية القديمة بكل آلهتها المصرية المعروفة بزعامة كبير الآلهة رع.

وكذا الديانة الرومانية التي أتت بها الإمبراطورية الرومانية الحاكمة في مصر، فكانت هناك الآلهة العديدة الرومانية تحت زعامة كبير آلهتهم جوبتر الروماني.

وأيضا الديانة اليهودية وكانت موجودة بأنبيائها وناموسها وشريعة موسى الالهية، وكان اليهود يمثلون الجالية الأكبر عددا بعد المصريين في الإسكندرية.

كان هناك أيضا القليل من الذين آمنوا بالسيد المسيح من اليهود الذين قدموا إلى الإسكندرية.

في العام 61 ميلادية قدم إليها القديس مرقس الرسول لنشر المسيحية وتلتها سنون طويلة من الاضطهاد والقهر ويطلق عليه عصر الشهداء، حتى سنة 324 ميلادية حينما أعلن الإمبراطور الروماني ثؤدوسيوس الاول الملقب بالكبير أن الديانة المسيحية هي ديانة الامبراطورية الرومانية، وقد سبقها اعلان ميلانو لقسطنطين سنة 314 م بالسماح بحرية اعتناق المسيحية، وهنا بدأ الانتشار الحقيقي للمسيحية في مصر ولهذا يطلق المسيحيون عليه لقب القديس قسطنطين.

وتظل المسيحية هي الديانة الأكثر انتشارا في مصر الي أن يحكمها العرب المسلمون وعلى رأسهم عمرو بن العاص بداية من سقوط الإسكندرية في 642 ميلادية ويفرض الإسلام دين للدولة، ويعامل غير المسلمين كمواطنين من درجة أدني، فينتشر الإسلام في عدة عقود، ويصبح هو الديانة الرئيسية في مصر.

وهكذا تغيرت الديانات لفترات طويلة بفعل الحكام والأنظمة الحاكمة التي فرضت الديانات بالقوة والسطوة وأحيانا كثيرة بالعنف.

إن الدين إذا افترضنا انه اعتقاد عقلي بالدرجة الأولي، لا يمكن تصور اعتناقه بين ليلة وضحاها بهذه السهولة واليسر، وما كان دخول الناس في الدين (أي دين) أفواجا الّا نتيجة لملك اعتنق ذلك وأراده، أو لغزوة أو حصار أو قهر قبيلة لأخري أو امبراطورية تتسع بالقوة على حساب دول أضعف منها، فيصبح الناس على دين الملك الأقوى أو المنتصر.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى