كتّاب

الشَّعرُ لا يشتري خبزاً ولا ماءَ…


الشَّعرُ لا يشتري خبزاً ولا ماءَ
ولا يُسلِّيك إنْ أمسيتَ مُستاءَ

لا يجبر الشعر نجماً كسَّرتْهُ يدٌ
في الغيب أو قسّمَتْهُ الريح أجزاءَ

أرض القصائد لا ظلٌ ولا شجرٌ
لكنها لم تكنْ قفراً وصحراءَ

يستوحش الشاعر المجنون جنَّتهُ
حتى يصير بها كالذئب عوَّاءَ

يُصغي إلى حزنهِ المخبوء يكتبهُ
فيملأ الليل أصواتاً وأصداءَ

يظنّ حين يسيل الضوء من فمهِ
أنّ البلاد استحالتْ فيه أضواءَ

يُمسي كأنّ شموس الله في يدهِ
وحين يصبح لا تلقاهُ وضّاءَ

تكاد من بؤسهِ تذوي ملامحُهُ
ويستحيل سوادُ العين ظلماءَ

وللقصائد أسرارٌ لو ٱنكشفتْ
لأغنتِ الناس أمواتاً وأحياءَ

وأجمل الشعر ما لو قلت في حجرٍ
بكى وصار كقطِّ البيت مَوّاءَ

وشاعرٌ جائعٌ ألقى قصيدتهُ
على الهواء فدلّى منه أثداءَ

أعطاهُ بيتاً سماويّاً وحرَّرَهُ
فلم يكن مَلِكاً في القصر خرَّاءَ

الشعر يُغْنيك إنْ نوَّمْتَ عِفَّتَهُ
وعشتَ كالعبد مدّاحاً وهجّاءَ

إنّ الملوك إذا مرَّوا على شفةٍ
حاضتْ وأصبح زهر الشعر قثّاءَ

ويطعمون أنانيّاً وراقصةً
ومُستهاناً وقوَّاداً وزنَّاءَ

والسؤر للشاعر المدّاح يأكلهُ
ويستجرُّ ثناءاتٍ وإرضاءَ

لا يطرق الشعر باباً أو يورابهُ
بل يطلق النار إظهاراً وإخفاءَ

إذا تواطأ مظلومٌ وظالمُهُ
على القصائد زاد الشِّعر إعلاءَ

وأصبح الشاعر المصلوب في دمهِ
سيفاً على عنق الطغيان مضّاءَ

إنْ أقعدتْ شاعراً في الأرض دولتُهُ
وثارَ أصبح في الآفاق مشَّاءَ

وإنْ أجاعتْ بلادٌ صوت شاعرها
ولم يخنها نَمَا قمحاً وعلياءَ

إذا تجلّى كريمٌ من كرامتهُ
دلّى له الله أشياءً وأشياءَ

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى