كتّاب

الراقص على رؤوس الأعاصير…


الراقص على رؤوس الأعاصير

في كل إنسانٍ خلقتُ رئيسا
وبكل إنسانٍ خلعتُ رئيسا

أطفأتُ أمنية الظلام خنقتُها
وجعلتُ حُزنَ الثائرين شموسا

ورداً ربيعيّاً أتيتُ أضمّ أنفاسي
أزيد العاشقين نفوسا

ما قلتُ للطاغوت إنك خالقي
أبداً، ولا أنا مادحٌ إبليسا

متمردٌ كالريح لا يقتادني
أعمى ولم تجرحْ يديْ فينوسا

نور الطريق أنا وكحل عيونها
وأنا الأنيس لمن أراد أنيسا

أنا هؤلاء الناس لو أبصرتني
لرأيت في رأسي الوحيد رؤوسا

أترى بلادك في الهتاف كأنها
أمٌّ تذاكر للعيال دروسا

والثائرات السائرات كأنما
في كل واحدةٍ ترى بلقيسا

في كل واحدةٍ إذا طالعتها
إلياذةٌ من قبل هوميروسا

الساهرات على جراح قلوبنا
كي لا ترى فينا النجومُ تعيسا

القائلات لكل حرٍّ ثائرٍ
قمْ لا تنمْ مثل العبيد خسيسا

كنْ حاسماً كالبحر حين يخوضهُ
مستكبرٌ، فالبحر يعرف موسى

لو لم يقفْ عيسى بِكِبْرِ مكافحٍ
فوق الصليب لما سمعتَ بعيسى

والواقفون على الرصيف نهارهم
عالٍ فكن للواقفين جليسا

الواقفون على الرصيف مصاحفٌ
مفتوحةٌ لا تقبل التدليسا

متوهّجون كأنّ كل مغامرٍ
برقٌ يُقبّلُ في السماء عروسا

آهاتهم شجرٌ وعريُ صدورهم
مستقبلٌ لا يلبس الملبوسا

الرافضون لكل شكلٍ خادعٍ
إنْ كان طاغيةً وإنْ قدّيسا

جاؤوا كنور الأنبياء وغيرهم
كانوا بأفواهِ الطغاة ضروسا

يا لائم الغيمات في أمطارها
هل أمطرتْك خناجراً وفؤوسا

سقط الزمان العنجهيُّ ولم يزل
ماضيهِ في أيامنا مغروسا

يتحرر الشيطان من أغلالهِ
وأسير لقمتهِ يظلُّ حبيسا

يا ناكساً للعنجهية رأسهُ
إنّ الكرامة لا ترى منكوسا

أتلومني في الأمس؟
أنت صنعتَهُ
وحرستَهُ وجعلتَهُ مهووسا

أشعلت حقدك في الحياة جعلتها
ناراً وحوّلتَ العبيد مجوسا

هذا دم الأحلام في صلواتنا
يدعو عليك مسدساً ومكوسا

أنا لا أخاطب فيك أمساً زائلاً
إني أخاطب واقعاً ملموسا

هذا امتدادك في الضياع ألا ترى
الأوساخ والأمساخ والتقديسا

أيُقَدَّسُ الزمن الرخيص لأننا
ثرنا عليه لكي يكون نفيسا

حلْمٌ، وأحلام الشعوب عظيمةٌ
حتى وإنْ ظَلَّ الزمان عبوسا

أتعاقبون على البياض قلوبنا
وتسامحون على السَّوادِ بَسُوسا

سقطتْ رموش الأمس فوق عيونِهِ
وغدُ الكرامة لم يزل محروسا

ذهب الخريف ولم تزل أوراقهُ
الصفراء تلعن حظها المنحوسا

ستعود عنقاء الربيع لأهلها
وتفاجىءُ الدنيا رؤىً وطقوسا

هو موسمٌ للخصب
يحرث نفسهُ
فتصير أرواح الكرام غروسا

ولقد خرجنا للحياة كأننا
مطرٌ يزيد الشاربين كؤوسا

ما أنذل الثوار حين يصيبهم
ندمٌ ويَقتلُ فيهم النّاموسا

النادمون على البريق مآذنٌ
حدباء ترسم رأسها معكوسا

فتَّشتُ في التاريخ ما من ثائرٍ
سمّى الخيانة موقفا مدروسا

تأبى الكرامة أن تبيع بريقها
والحر يأبى أن يكون يئوسا

لا يخجل الأبطال من أفعالهم
أو يطلبون على النضال فلوسا

ولقد رأيت مناضلين طموحهم
أنْ يُتقنوا التسمين والتخسيسا

ومن العجائب أن يلومك رافضٌ
لا يرفض التأطير والتقويسا

مُتَبجّحٌ فإذا أشرتْ إليه لم
تسمع له بين الرجال حسيسا

إنّ الدروب طويلةٌ لكننا
ماضون حتى ندخلَ الفردوسا

ماضون كالأنهار إنّ مصبّنا
فينا ومنبعنا يفيض شموسا

ماضون حتى المستحيل
ألا ترى
الثوار فوق المستحيل جلوسا

عامر السعيدي

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى