كتّابمفكرون

“الدين الإبراهيمي الجديد”…


“الدين الإبراهيمي الجديد”

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 طفت علي السطح دعوات للحوار بين الأديان الثلاثة، وظهرت العديد من الجهود التى تدعم هذه الفكرة الإيجابية، ولكنها سرعان ما تطورت الي فكرة (التقارب بين الأديان الإبراهيمية).

وهنا ثار التساؤل عن المقصود من الصاق لفظ (الإبراهيمية) الذي لم نعتاد استخدامه من قبل، لإيجاد مشترك بين الأديان الثلاثة (اليهودية – المسيحية – الإسلام)، المصطلح في حد ذاته يشير الي الشخصية التوراتية (إبراهيم) وعلميا هو لا ينطبق علي الأديان الثلاثة فقط حيث هناك أديان أخري كثيرة يمكن وصفها بالإبراهيمية مثل المندائية و‌السامرية و‌الدرزية و‌البابية و‌البهائية والمورمونية و‌الراستافارية.

ولكن السياسة كشفت عن نفسها عندما طورت الفكرة الي (الدين الإبراهيمي) الجديد، في محاولة لدغدغة العواطف الإسلامية من خلال المصطلح القرآني، ملّة إبراهيم أي (دين إبراهيم)، و حيث يعتبر الإسلام نفسه هو ذروة الممارسة الدينية لإبراهيم.

من المعروف أن الأديان الثلاثة تجتمع على فكرة الإيمان بالله والأنبياء والكتب السماوية والقيامة والحساب، ولكن لكل دين يقينه الخاص وعقيدته الخاصة بكل عنصر من عناصر الإيمان، وهو ما لا يمنع احترام عقيدة الآخر والتعاون معه، وفكرة دمج الأديان السماوية في دين واحد هي فكرة تبدو عبثية، حيث لا يتصور أن يتخلي المتدينون عن عقائدهم الخاصة لصالح صياغات جديدة للعقيدة تحت مسمي الإبراهيمية.

وبما أنها فكرة مجكومة بالفشل فما هو السبب من طرحها؟

يذكرني ذلك بما حدث أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي، فقد اعترفت السعودية مؤخرا أن ما أطلق عليه (الصحوة الإسلامية) ونشر الوهابية لم يكن خالصا لوجهه الله، وإنما كان إستجابة لمطلب أمريكى وتوظيفا للإسلام لخدمة المصالح الأمريكية ونتيجة لصفقة سياسية أبرمتها أمريكا مع كل من السعودية ومصر(السادات) وباكستان، وأن تسويق هذا الفكر الدينى المتشدد كان فقط لخدمة المعركة ضد الإتحاد السوفيتي بحجة محاربة الإلحاد، وقد أفرزت كل ما شهدناه من تطرف وعنف وقتل واضطرابات وانقسامات سادت منطقة الشرق الأوسط في غالبيته.

الفكرة الجديدة (الدين الإبراهيمي) وان بدت في ظاهرها محاولة لتوحيد شعوب المنطقة ومنع الإنشقاق والظواهر السلبية، الا أنها تحمل في جوهرها شرارة إشعال التعصب الدينى بين البشر، والمزيد من تأجيج الصراعات الدينية والتعصب الدينى لتصل الي أوجها.

فغالبية شعوب المنطقة بأشخاصها العاديون، وبعيدا عن جماعات التطرف وسطيون ولا يعرفون التعصب الأعمي، ولا يرجون سوي عيشا كريما، الا أن الأمر سيختلف عندما سيجدون أن دينهم ودين آبائهم وأجدادهم مهدد بالنسف من أساسه بالدين الجديد.

لقد استنزفت جماعات التطرف والعنف القائمة، وقدمت كل ما لديها، والهدف الآن هو إدخال عناصر جديدة، تدير عجلة الإضطرابات وعدم الإستقرار والتحارب، بما يحفظ للغرب والصهيونية العالمية استمرار استنزاف ثروات الشرق الأوسط وأمواله في تجارة السلاح، وليس هناك أفضل من الصراعات الدينية والمذهبية والطائفية يمكنها الترويج لهذه التجارة.

ولنسأل أنفسنا أولا هل يمكن لفكرة الدين الإبراهيمي أن تجد قبولا لدي دول الغرب المسيحي او لدي إسرائيل أو الهند أو الصين، أم أنها مصوبة فقط لدول المنطقة العربية والشرق الأوسط؟
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى