كتّابمفكرون

“الدور الغائب للمواطن”…


“الدور الغائب للمواطن”

هناك خلط غريب بين دور المواطن وواجباته، فالواجبات يحددها القانون والعرف العام، اذن فهي التزام قانوني وأخلاقي من المواطن تجاه وطنه.
تتعدد واجبات المواطن نحو وطنه بهدف الحفاظ عليه والدفاع عنه وتحقيق نهضته من خلال مجموعة من التصرفات مثل احترام القانون، وتسديد الضرائب والرسوم، والحفاظ علي ممتلكات الدولة، وأداء الخدمة العسكرية، والمشاركة والتصويت في الإنتخابات والإستفتاءات المختلفة ….. الخ
وفي مقابل الواجبات فهناك حقوق للمواطن يتحتم أن يحصل عليها، متمثلة في الحقوق المدنية والحقوق السياسية والحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

في كل ما سبق لم نتعرض لدور المواطن المنوط به بصفته عضوا رئيسيا، بل أهم عضو في منظومة الدولة ككل, فالدولة هي مواطنون يعيشون في حيز جغرافي محدد بأرضه وسمائه ومياهه، يختار نظاما للحكم يوكله بإدارة شؤون البلاد، بما يحقق له الحماية والحياة الكريمة.
من هنا فإن دور المواطن لا يتوقف عند إختيار نظام الحكم فقط، بل عليه المساهمة بالرأي في كل ما يتعلق بقرارات مصيرية ذات أثر مباشر علي حياته، ويتوجب علي نظام الحكم أن يحترم هذا الرأي ويعمل علي تحقيقه.

في الأنظمة الديمقراطية يقوم البرلمان المختار من الشعب بهذا الدور، وعليه أن يتلمّس دائما رغبة الشعب وصالحه فيما يتخذ من قرارات، وهذا لا يمنع أن يبدي الشعب رأيه خارج هذا الإطار، كما يحدث في الدول الناهضة المتحضرة، بوسائل عديدة قد يكون في مقدمتها آليات قياس الرأي العام.

أمّا في الأنظمة التي لم تكتمل ديمقراطيتها، فإن “الرأي العام” قد يكون ذا أهمية أكبر من مجلس النواب، فهو المعبر الحقيقي عن رأي الشعب، وبالتالي فهو دوره الواجب احترامه والأخذ به فيما يتخذ من سياسات وقرارات.

كان الرأي العام محركا رئيسيا وداعما لما اتخذ من قرارات بشأن التخلص من حكم الإخوان المسلمين، وهو كذلك بشأن الحرب علي الإرهاب، ولو أخذ في الإعتبار رأي الشعب في القضاء علي جذور التطرف الديني ولم يغفل (لأسباب غير معروفة) لأستطعنا القضاء علي الإرهاب بشكل كامل وفي زمن أقصر.

أتوقف هنا عند حزمة القرارات الإقتصادية التي تمت، وبعد ثلاث سنوات من اتخاذها، فقد تمت في غياب تام للرأي العام، ولم يؤخذ رأي الشعب ومدي استعداده لتحمل تبعات هذه القرارات، التي أتخذت برؤية فردية بحتة، دون إعتبار لدور المواطن الذي نحي عن عمد، واستعيض عنه بإعلام خادع يكرّر أن الشعب هو البطل الحقيقي وراء نجاح مدّعى لهذه القرارات، مع أرقام وإحصائيات غير معبرة، ووعود وأوهام بإنفراج قادم يتأجل من حين لآخر.

الصورة يلخصها النتائج التي تشمل إرتفاع معدلات الفقر لتشمل 60% من الشعب وتقلص الطبقة المتوسطة، وزيادة هائلة في الديون الخارجية والداخلية، مع اجراءات محدودة جدا في مجالات زيادة الإنتاج والتعليم والصحة والإسكان, وفي ظل انفجار للعقارات والمدن الجديدة باهظة الثمن والتكاليف لصالح فئة محدودة.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى