الأقيال

الحوثيون سرقوا دلالة الله، لأنهم يستولون على مساحة الله…


الحوثيون سرقوا دلالة الله، لأنهم يستولون على مساحة الله داخل الانسان اليمني

مصطفى محمود

لقد قِيلت في كراهية اليمنيين للحوثيين أسبابٌ كثيرةٌ: هناكَ من اعتبرَهم دمروا اليمن ارض وانسان ومزقوا مجتمع وشردوا شعب أفظاظاً لا رحمةَ لديهم. وهناك من عدَّهم كائنات اماميه تراثية جاءت متأخرةً بعد فوات الأوان لتفرض تخلفها و عنصريتها . وهناك من وصفهم بالمجرمين والصد عن سبيل التسامح والاعتراف بالآخر. وهناك من نقدهم كجماعه سلاليه كهنوتيه عدوه للحياة وتطوراتها. .

لكن الفكرة الأعمق: أنَّ اليمنيين يكرهون الحوثيين لأنَّهم يستعملون ما يمتلكه اليمني من إيمانٍ للتسلُط عليه فيشعر بالانتهاك والإهانة ، الحوثي لم يُعْطَّ أيُّ سندٍ لاغتصاب ايمان اليمنيين ، لا من قبل الله ولا من قبل الدين ولا من قبل المجتمع ولا من قبل الناس ولا من قبل الفرد. ، الحوثي يُحاكِّم الخاص داخل الانسان بما هو عام. فالإيمان فعل يقين وتصديق خاص، وحينما يحتكره الحوثي في شكل مساءلة للمؤمن ذاته حول ذلك وبالاً على الذات. وههنا يمكن تحديد الأسباب الفلسفية وراء كراهية اليمنيون للحوثيون ،

1- الحوثيون سرقوا دلالة الله، لأنهم يستولون على مساحة الله داخل الانسان اليمني . هم يفعلون ذلك بتهور طوال الوقت. ففي المقام الأول: الحوثيون لا يعرفون حجم الله داخل الإنسان، وبالمقام الثاني يفرضون معتقدهم المنحرف على الآخر . لأنَّ فرض المعتقد بالقوه وليس بالاقناع هو فعلُ اغتصاب ميتافيزيقي وروحي بملء الكلمة،

2- امتلاك وجود الله، ذلك باعتباره اقتصاداً لامحدودا ، أي منذ استيلاء الحوثي على دلالة الله يضعها في البورصة الاجتماعية والسياسية. وأخطر ما يُشْعر اليمني بالضآلة أنْ يرى ذاته معروضا للبيع والشراء والاستعباد المقنع مستعبدا لسلاله دخيله بأسم الله والدين وأل البيت ، تزداد الكراهية طالما يستعمل الحوثيون هذه السلطة في كل خطاباتهم وأفكارهم. خطابات عبدالملك الحوثي تعْرض كلمة الله كمقولة توزع دلالتها كعائد استثماري واقتصاد حرب زكوات خمس مجهود حربي .هذا التصور التجاري ينسحبُ على كافة أفكار الحوثي ، لأنَّ خطاباته ربحية لدرجة السخرية. فمن حيث أنَّه لا يلوي على شيء حقيقيٍّ في جعبته ، فالعائد الاقتصادي من استعمال الخطاب هو الأهم.

3- المقدس سلطة قتل، أخطر شيء أنْ يتحول إيمانُك إلى رصاصة في صدرك أنت لا سواك. الحوثي حين أصطنع لنفسه سلطة المقدس فعل ذلك، وكم كان مجرما بحق اليمنيين أن توضع سلطة الرحمة والغفران كتكفير للمتطلع إليها. ليست هناك صورة أوقع أثراً من صور التكبير والتهليل التي كانت تلقى أثناء تفجير المنازل والمساجد والمدارس وقتل وسحل الضحايا على يد الحوثيين ، فاقترن التكبير بالقتل وسفك الدماء وهدم المنازل

وبخاصة أنَّ عبارات التكبير في الثقافة الشعبية مرتبطة بمعاني النجاة والملاذ الآمن والاحتماء بالله والاعتراف والتسليم الروحي. وهي لون من اليقظة التي تتطلع إلى السماء رجاءً وأملاً. وفي الوقت نفسه- على الجهة الأخرى- أمست صيغ التكبير بارودا في يد الحوثيين . ونحن نعرف أن آذان الصلوات الخمس يردد التكبيرات مراراً طوال اليوم. وهذا رَبَطَ إحساس اليمني بجوهر ما يُؤمن، وجعلّه كلمات جارية تلقائياً خلال المواقف والأعمال. ورغم أن التكبير لغة، لكنها لغة هي دلالة الوجود مع تكملة الصيغة بمناحي الاعتقاد.

4ـ اليمني العادي لا يستطيع رؤية إيمانه مجرداً من الروح، حين يصر الحوثي على اخراجه في شكل أوامر تنظيمية لإثبات الولاء. ودواليك… يجبرونه بتكرار الولاء الشكلي من مرحلة لأخرى. وهكذا فالوثنية هي جوهر الارهاب، إنه قناعه المعاصر، هناك هوس حوثي مثلاً بالأيقونات والرموز المعبرة عن دولة الولايه وتلك الاشياء ليست مجرد لغة، لكنها معتقدات

5ـــ هدر دم المخالف او المعارض لمعتقد الحوثيين في نطاق سيطرتهم بمعنى اعتبار المخالف مهدور الدم ومباح الوجود، هو قتل لجوانب الإنسان، وقد يتحول المقتول داخلياً إلى لعنة مدمرة، فالفرد يصبح كارهاً لأية علاقة إنسانية حرة. لأن تلك الصور التي تشكلت لديه قد لُّوثت بالعنف، تركت فجوةً غير قابلة للردم. ولذلك كان طبيعياً ان نظر اليمنيون الي الحوثيين كائنات مفترسة بالفعل لا المجاز. ولفظة الذئاب المنفردة ليست خبط عشواء، هي معبرة عن النهم الوجودي للدماء والقتل. ربما تكف حيوانات الغابة عن الافتراس بمجرد احساسها بالشبع، غير أن الحوثيين

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى