كتّابمفكرون

“الحقائق المخفاه”…


“الحقائق المخفاه”

كان تاريخنا المتناقل عبر مئات السنين, يصوّر الأحداث والحروب والحكّام والصحابة, علي أنهم مجموعة من ذوي المثاليات, والأخلاقيات الحميدة, والإنجازات الرائعة, والمواقف الإنسانية, فالجيوش لم تكن تعتدي ولا تظلم ولا تقتل بريئا ولا إمرأة ولا شيخا أو طفلا, ولا تقطع شجرة ولا تهلك زرعا ولا تحرق بيتا.

قيل أن الحكام والخلفاء والولاة والملوك والسلاطين, رجال عدل, يعمرون الأرض ويرعون الرعية ويوفرون أسباب الحياة الكريمة, لا يقتلون ولا يظلمون ولا يقهرون ولا ينهبون ولا يثرون علي حساب الناس.
كما أن الصحابة والتابعين وآل البيت ومن تبعهم بإحسان, هم أقرب للملائكة لا للبشر, وهم أهل عصمة لا يعصون الله.

حتي المواقف التي كانت تنبئ عن نفسها بما تحمله من الفتنة والعصيان والاقتتال والظلم, كان يتم اختلاق الأسباب التي تبدو منطقية, لتشرعن مثل هذه الأحداث, فتبدو طبيعية لا تخرج عن إطار نصرة الدين والمثاليات المدّعاة, وكله نفاق.

كان هذا هو المتداول, وما يتم تعليمه في المدارس, وما يتم تناقله علي ألسنة الخطباء في المساجد, في إخفاء للحقائق هو أقرب الي المؤامرة من كونه كذبا بغرض التجمّل.

ولهذا كانت الصدمة الكبري عندما بدأ (البعض) ونتيجة لتيسر الوصول الي المعلومات الحقيقية بمساهمة (الإنترنت) كثيرا, في القراءة المحايدة والتعرف علي الحقيقة المخفاة, والتي اتضح أنها مغايرة تماما للتاريخ الحقيقي, التاريخ المليء بالقتل والتدمير والظلم وسفك الدماء, التاريخ المليء بالفتن والاضطرابات والحروب الإستعمارية والطائفية والأهلية والمجازر البشعة.

حتي الصحابة وآل البيت أنفسهم دارت بينهم الحروب والفتن والظلم, فقتل معظم آل البيت, ودمرت الكعبة, ولم يسلم أهل مكة والمدينة حتي نسائهم تم اغتصابهن وسبيهن.

وحملت الحروب الاستعمارية الاستيطانية للأقطار المحيطة, الكثير من الأهوال والقتل والنهب بمسمي تجميلي (الفتوح الاسلامية), وهي أبعد ما تكون عن الدين, الذي لم يكن سوي مطيّة لتبرير الإغارة والهجوم, بحثا عن اتساع الإمبراطورية الجديدة, والوصول الي مصادر جديدة لثروات وخيرات الغير لنهبها.

المهم أن من يطلقون علي أنفسهم رجال دين يعلمون الحقائق جيدا, ولكنهم لا ينشرونها خوفا من بوار تجارتهم, وهي نظرة خاطئة تماما, فالحقيقة هي أقصر الطرق للوعي الحقيقي, الذي يؤهل الناس الي قناعات حقيقية, وانكارها قد يجلب آثارا سيئة, الإلحاد واحدا منها, عندما يجد الانسان نفسه أمام حقائق مغايرة لأسباب إيمانه واعتقاده.

أفهم أن يصدم بعض الناس عندما يعرفوا حقائق منفردة عن عمرو بن العاص مثلا أو الخليفة المأمون أو صلاح الدين الأيوبي, بعد أن إمتلأت عقولهم بأكاذيب التاريخ المزور, ولكن ليس هذا بمدعاة لإتهام الغير بالاتهامات الجاهزة منذ زمن طويل, صاغها نفس من زيّفوا التاريخ, بل هو مدعاة للبحث عن الحقيقة, والكتب تحوي الكثير.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى