الجپتانا (Geptana) (٢)…


الجپتانا (Geptana) (٢)

أولاً نبذة عن النطق: حرف ‘ج’ فى كلمة ‘Geptana’ يُنطق جافاً كما فى ‘get’ وليس معطشاً كما فى ‘gem’ مثلاً. والكلمة مرتبطة بالجبت أي المصريين فى لغتهم القديمة. ومن هنا جاءت كلمة ‘قبط’ فى النطق العربى و كلمة ‘Egypt’ فى اللغات الأوربيه.

ما هي الجپتانا (Geptana)؟

الجپتانا (Geptana) هي الجزء الأول من مرجع تاريخي محورى يتكون من كتابين (سأذكر المؤلف بعد لحظات). الجزء الأول مماثل لسفر التكوين فى التوراه، يتحدث عن الخليقة والآلهة وظهور المصريين كشعب (وهو عصر ما قبل الأسرات أو ما قبل التاريخ). وسماه المؤلف “أسفار التكوين المصريه”. أما الجزء الثانى فيؤرخ للملوك الذين توالوا على حكم مصر منذ نارمر (مينا) حتى البطالسه. سمى علماء المصريات الجزء الثانى Egyptiaka وإعتمدوا عليه كأحد المراجع الأساسية فى تدوين تاريخ مصر القديمه. أما الجزء الأول فسموه Egyptiana وأهملوه على نحو ملحوظ.

قد يرجع سبب إهمال الجپتانا (Egyptiana, Geptana) إلى أنها مليئة بخرافات لا يقبلها العقل المعاصر، أو إلى أنها تنقض فكرة أن المعتقدات العبرانية ومشتقاتها هي تجليات منزلة من السماء ولم تكن معروفة للبشر قبل نزولها. الإحتمال الثانى هو الأرجح فى نظرى لأن لامعقولية الجپتانا (Geptana) لا تختلف من حيث المبدأ عن لامعقولية النصوص الدينية عموماً من الشنتو إلى الإنكا وكل ما بينهما.

نستطيع رصد ٥ مراحل فى تاريخ الجپتانا (Geptana):

١ – التراكم: تراكمت على مدى العصور فى المعابد المصرية القديمة نصوص مقدسة تصف تاريخ أرض الآلهة (مصر) وأصول الشعب المصري وآلهته ومعتقداته (أوزيريس و إيزيس و سِتْ … إلخ.) كانت هذه النصوص مدونة على جدران المعابد والمقابر وعدد هائل من البرديات. وكان الكهنة يحفظون هذا النص وينشدونه فى عباداتهم من الذاكرة كما ينشد القسيس القداس.

٢ – التدوين: كان مانيتون السمنودى مثقفاً مصرياً هيلينستياً (بمعنى أنه مزدوج الثقافة مصرى-إغريقى.) عاش مانيتون فى عهد البطالسة بين الإسكندرية (حيث المكتبة العظمى) ومعبد سيرابيس (Serapis) فى سمنود. شرع مانيتون فى كتابة مرجع شامل عن تاريخ مصر يتكون من الجزئين الذين ذكرتهما فى مطلع هذه المقاله: الجزء الأول يغطى تاريخ ما قبل الأسرات، والجزء الثانى يوثق تاريخ ملوك مصر

٣ – التشتت: بعد دخول المسيحية ثم الإسلام إجتهد المتعصبون فى محو آثار مصر القديمة، وإختفى مجلد مانيتون، ولم يبق منه سوى ما حفظه شفوياً بعض الكهنة فى المعابد النائية.

٤ – الإستعاده: بطل هذه المرحلة راهب قبطي من المنصورة إسمه أبيب النقّادى عاش حتى سنة ١٩٥٩. كان الأب أبيب النقّادى مثقفاً موسوعياً يعرف العديد من اللغات وتشمل ثقافته فلسفة هيجل ونظرية تطور الأنواع وأشعار المتنبى وغير ذلك. دأب أبيب على جمع وتدوين ما أمكنه من الجپتانا (Geptana) من الكهنة الأقباط الذين كانوا ينشدونها من الذاكرة.

٥ – التدوين والتحقيق: بطل هذه المرحلة هو الأستاذ على الألفى الذى كان فى صباه تلميذاً لأبيب النقادى بحكم صداقة حميمة بين والده والراهب الموسوعى. سجل الصبي النابغ مباشرة من كلمات الراهب الترجمة العربية للنص. بعد ذلك سعى الأستاذ على الألفى لنشر ما جمعه فى صورة كتاب صدر عام ١٩٨٨ عن دار نشر مغمورة إسمها دار الروافد للنشر والتوزيع.

سيتضح مغزى هذا التسلسل فى حديثنا عن متن الكتاب ذاته. الكتاب يمكن تحميله مجانا من الشبكة العنكبوتية (*)، لذلك لن أكرره هنا، لكنى سأذكر فى تعليق قادم بعض الملحوظات عن النص.
_______________________________
*) إبحث عن الجبتانا (بالعربى) وليس geptana.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version